إيطاليا تنحني للعاصفة في أزمة الموازنة
قفزت الأسهم الإيطالية يوم الاثنين، بفعل مؤشرات متزايدة على تراجع من جانب الحكومة الإيطالية، التي وضعتها خططها لعجز الميزانية على مسار يفضي صوب إجراءات عقابية من الاتحاد الأوروبي. وأوضح مصدر حكومي أمس، إن الائتلاف الحاكم يناقش تقليص هدف عجز ميزانية العام القادم لما يصل إلى اثنين في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بدلاً من 2.4 في المائة، كما هو في مسودة الميزانية.
وقال نائب رئيس الوزراء الإيطالي لويجي دي مايو، إن الحكومة الإيطالية ملتزمة بالإصلاح، ولكن يمكن إجراء حوار مع الاتحاد الأوروبي بشأن نسبة عجز الموازنة. ونقلت وكالة «بلومبيرغ» عن دي مايو، زعيم حركة «خمس نجوم»، القول في حوار إذاعي أمس: «إذا كان يتعين علينا خفض نسبة العجز المتوقعة بصورة طفيفة ضمن المفاوضات، فإن الأمر ليس مهماً بالنسبة لنا». وأضاف أن «القضية ليست الصراع مع الاتحاد الأوروبي بشأن نسبة العجز 2.4 في المائة، المهم هو عدم استثناء أي شخص من الإجراءات الرئيسية».
وأفادت تقارير أمس، بأن مسؤولاً بحزب الرابطة، أحد الحزبين الشعبويين اللذين يشكلان الحكومة الإيطالية، قال إن الإدارة تدرس وضع هدف جديد لنسبة العجز، أعلى من 2.1 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وكانت المفوضية الأوروبية قد أعلنت رفضها لخطة الحكومة الإيطالية للإنفاق لعام 2019، لتعارضها مع القواعد المالية للاتحاد الأوروبي؛ حيث تنص الخطة على أن تبلغ نسبة العجز في الموازنة 2.4 في المائة، ونسبة النمو الاقتصادي 1.5 في المائة، العام المقبل.
واقترحت المفوضية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، اتخاذ إجراء قانوني ضد إيطاليا، ما قد يؤدي إلى فرض غرامات باهظة، بسبب «عدم الامتثال الخطير بشكل خاص» لقواعد ميزانية منطقة اليورو.
وفي السياق ذاته، قال نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني، يوم الأحد، إن إيطاليا قد تتخلى عن موقفها في مواجهة مع المفوضية الأوروبية، عن طريق تعديل خطط العجز المثيرة للجدل.
وللمرة الأولى أوضح سالفيني، زعيم حزب الرابطة اليميني المتطرف الذي يتخذ عادة أكثر المواقف تصادمية مع بروكسل، إن تعديل نسبة 2.4 في المائة ليس أمراً غير مسموح به. وقال سالفيني في مقابلة مع وكالة أنباء «أدنكرونوس»: «لا أعتقد أن أي شخص يصر على ذلك، إذا كانت الموازنة تساعد على نمو البلاد، فإن العجز يمكن أن يكون 2.2 أو 2.6 في المائة».
ويعتبر ذلك تغيراً في المواقف منذ مساء السبت، عندما قال سالفيني إنه قد لا يكون هناك أي تراجع. وفي ذلك الوقت، تحدث أيضاً عن الحاجة إلى «تقييم دقيق لتوقيت وتكلفة» إجراءات الموازنة.
وجاء تخفيف المواقف بعد عشاء عقد يوم السبت في بروكسل، بين رئيس الوزراء الإيطالي جوسيبي كونتي ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر. وقال كونتي بعد المحادثات: «أنا واثق من أن الحوار قد يؤدي إلى تجنب إجراء عقابي من الاتحاد الأوروبي. أنا دائماً طموح عندما أتفاوض».
ومن المتوقع أن يلتقي كونتي وسالفيني والعضو الرئيسي الآخر في الحكومة، نائب رئيس الوزراء وزعيم حركة «خمس نجوم»، لويجي دي مايو، في روما، لبحث خطط الموازنة.
وذكر يونكر يوم الأحد: «أوضحنا لكونتي بوضوح أننا لسنا في حالة حرب مع إيطاليا»، وقال باللغة الإيطالية: «إنني أحب إيطاليا».
ومن جانبه، تعهد كونتي بمواصلة «إحداث ثورة» في إيطاليا، وذكرت وكالة أنباء «بلومبيرغ» عن رئيس الوزراء الإيطالي، وهو أستاذ قانون في فلورنسا ليست لديه خبرة سياسية سابقة، إنه ناقش الموازنة على هامش الاجتماع مع زعماء، من بينهم أنجيلا ميركل وإيمانويل ماكرون.
وقال كونتي للصحافيين عقب قمة الاتحاد الأوروبي يوم الأحد: «هناك مناخ جيد وثقة متبادلة»، مضيفاً أنه قد يلتقي بنائبيه الشعبويين ماتيو سالفيني من حزب الرابطة المناهض للهجرة، ولويجي دي مايو من حركة «خمس نجوم» المناهضة للمؤسسات، بشأن الموازنة. وقال: «نحن واثقون من أنه يمكننا استكمال العملية بشكل يرضي الطرفين».
وعندما سئل عما إذا كان سيبحث خفض عجز يبلغ 2.4 في المائة للعام القادم مع سالفيني ودي مايو، قال كونتي: «إننا نناقش دائماً الإصلاحات، ونناقش ما هو ضروري لتنفيذ الوعود التي قطعناها».
وتحت ضغط من سالفيني ودي مايو المشككين في جدوى اليورو، حمل كونتي لدى وصوله قمة الـ«بريكست» ملفاً كبيراً أعطاه ليونكر في عشاء مساء السبت، وكان بعنوان «طريق جديد لمستقبل أفضل… استراتيجية إيطاليا الجديدة للنمو الاجتماعي والاقتصادي».
ونقلت «بلومبيرغ» عن كونتي قوله: «هذا ما تحدثنا عنه»، مضيفاً: «لقد تحدثنا عن أننا، في غضون خمسة أشهر، سنحدث ثورة في البلاد، وسنواصل القيام بذلك».
وقال مكتبه إن التقرير يحدد تفصيلياً الإصلاحات السابقة، وتلك التي سيتم تنفيذها خلال الأسابيع المقبلة، مع التركيز على خطة لتعزيز الاستثمارات.
وإثر الانفراجة البادية من الجانب الإيطالي، صعد أمس المؤشر «ستوكس 600» الأوروبي، 1.1 في المائة، وقفز مؤشر الأسهم القيادية بمنطقة اليورو 1.3 في المائة، في حين صعد مؤشر الأسهم الإيطالية ثلاثة في المائة.
وقفز مؤشر قطاع البنوك الإيطالي 53 في المائة، فيما قد يصبح أقوى أداء يومي له منذ يونيو (حزيران). وتصدرت أسهم «أوني كريديت» و«إنتيسا سان باولو» المكاسب الإيطالية، وكانا من أكبر الرابحين في أوروبا بمكاسب 4.7 و4.3 في المائة على الترتيب. وزادت أسهم «أوبي بنكا» وبنكا «بي بي إم» و«بي بي إي آر بنكا»، و«مديوبنكا» ما بين 3.7 و4.1 في المائة.