هنا اوروبا

بروكسل: محاكمة بلجيكية حاولت السفر للالتحاق بـ«داعش»

رغم مرور ما يقرب من عامين على محاولتها الفاشلة للسفر إلى مناطق الصراعات، بالتحديد إلى سوريا، للانضمام إلى تنظيم إرهابي، إلا أن سيدة بلجيكية (20 عاماً) مثلت أمام المحكمة في مدينة لييج شرق البلاد، الجمعة، لمواجهة اتهامات تتعلق بمحاولة للالتحاق والانضمام إلى أنشطة جماعات إرهابية. وحسب ما ذكرت وسائل الإعلام في بروكسل أمس، لم تسمح الشابة بالتقاط صور لها عند خروجها من المحكمة، وكانت ترتدي نقاباً، وفي يناير (كانون الثاني) 2017 غادرت لييج في طريقها إلى سوريا، وفي رحلة دامت يومين فقط تم توقيفها في المجر. وقال ماثيو سيمونيس، محامي المتهمة، «لقد تمت معاينة القضية، ولكن من الواضح أن هشاشتها وعدم النضج هو ظرف مخفف». وقال محاميها: «من خلال ظهور موكلتي منقبة، لا ترغب المرأة الشابة في الاستفزاز، ولكنها ببساطة تعتمد أسلوبها اليومي في ارتداء الملابس». ويضيف: «إن عملية التطرف تستغرق أسابيع وأشهراً وأحياناً سنوات، من الواضح أنه لا يمكننا تحقيق عملية نزع تطرف ذات مصداقية في غضون أسابيع قليلة». وتدعي المرأة أنها حاولت الذهاب لسوريا لأسباب إنسانية، وهي الآن مسجلة طالبةَ تمريض منذ شهر سبتمبر (أيلول). وتعتبر السيدة التي بدأت أولى جلسات محاكمتها أول من أمس في لييج، واحدة من بين أعداد من الفتيات من البلجيكيات، سواء من اللاتي ولدن هنا في بلجيكا، وهن من أصول عربية وإسلامية، أو من أصل بلجيكي، وجرت محاكمة أعداد منهن في محاكم مختلفة. 
وفي وقت سابق من العام الحالي عاقبت محكمة بلجيكية ثلاث سيدات غيابياً بالسجن لمدة خمسة أعوام، وبسرعة اعتقالهن في أقرب وقت لتنفيذ العقوبة، وفي رد فعل على قرار المحكمة قال المحامي البلجيكي والتر دامين المكلف بالدفاع عن سيدتين من الثلاث، أنه ليس لديه أي اعتراض على سرعة اعتقال موكلتيه بعد أن أظهرتا الرغبة في العودة من سوريا إلى بلجيكا، واحترام أي عقوبة تصدر من القضاء البلجيكي. وصدر قرار المحكمة في أنتويرب البلجيكية، وتضمن عقوبة السجن لمدة خمس سنوات وغرامة مالية 8 آلاف يورو ضد كل من تتيانا (25 عاماً) وبشرى (25 عاماً) وكوثر (30 عاماً) بتهمة المشاركة في أنشطة جماعة إرهابية. وقالت المحكمة في نص القرار إن السيدات الثلاث كان لهن نشاط ملحوظ في «داعش» من خلال الزواج مع اثنين من المقاتلين في صفوف التنظيم، وتربية أطفال في هذا المحيط الذي قد ينتهي بهم إلى مصير الآباء، أما الثالثة وهي كوثر فقد لعبت دوراً في تسهيل زواج الفتيات بالمقاتلين في صفوف «داعش»، كما أنهن أظهرن صراحة التأييد والدفاع عن عقيدة «داعش» مما يجعلهن خطراً على المجتمع. وبالتزامن مع صدور القرار من المحكمة كان الإعلام البلجيكي قد نشر تصريحات لكل من تتيانا وبشرى أعربتا فيها عن الندم على تصرفاتهما السابقة، وأنهما تريدان تصحيح هذه الأخطاء، وجاء ذلك في تصريحات لمحطة التلفزيون البلجيكية «في آر تي» من داخل أحد المعسكرات المغلقة في شمال سوريا، حيث يوجد عدد من أرامل وزوجات «الدواعش»، ينتظرن تقرير مصيرهن. 
وسافرت تتيانا برفقة بشرى في 2013 الأولى للحاق بزوجها نور الدين وهو شقيق بشرى، التي سافرت للحاق أيضاً بزوجها سعيد، وكانا من عناصر «جماعة الشريعة في بلجيكا»، قبل سفرهما إلى سوريا للقتال هناك، وهي جماعة حظرت السلطات نشاطها قبل أربعة أعوام تقريباً، وبعد وقت قصير من وصول تتيانا وبشرى إلى سوريا، قتل كل من نور الدين وسعيد في العمليات القتالية، ولم يحضرا ولادة طفليهما، كما أصيبت بشرى في إحدى عمليات القصف، وتحت ضغوط من العائلة عادت بشرى وتتيانا إلى بلجيكا في 2014.
وأصبحت كل واحدة منهن تعامل من جانب المحيطين على أنها أرملة أحد المقاتلين «الداعشيين». وبعد فترة اتفقت تتيانا وبشرى على العودة من جديد إلى سوريا، وبرفقتهما الأطفال، وهو ما حدث بالفعل في صيف 2015، وكتبت بشرى على «فيسبوك» تسخر من السلطات البلجيكية وسياستها لمواجهة التطرف. وبعد الوصول إلى سوريا تزوجت كل من تتيانا وبشرى من شخصين آخرين من عناصر «داعش»، وبعد فترة اختفى الزوجان، وأصبحت بشرى وتتيانا داخل معسكر مغلق للاجئين في الحول، وهناك التقى بهما مراسل التلفزيون البلجيكي. وفي رد فعل على هذا الأمر قال أوليفيير فان رايمدونك، المتحدث باسم وزير الداخلية جان جامبون، «إن موقف السلطات البلجيكية واضح، وأنه لا تفاوض مع (الدواعش)». وهذا ما سبق أن أعلنته الحكومة البلجيكية في أواخر العام الماضي عندما وافق مجلس الوزراء البلجيكي على عودة الأطفال أبناء «الدواعش» الذين يريدون العودة إلى بلجيكا، ولكن بالنسبة للآباء والأمهات فغير مرحب بهم، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء البلجيكية، مضيفة: «إن الأطفال الأقل من عشر سنوات أبناء المقاتلين الذين سافروا من بلجيكا للقتال في صفوف (داعش) لهم الحق بشكل تلقائي في العودة إلى بلجيكا، ولكن هذا الحق لا ينطبق على أهاليهم». وحسب السلطات المعنية، فإن عدد الأطفال الذين ولدوا في سوريا والعراق من آباء سافروا للقتال في صفوف «داعش» ما بين 70 إلى 80 طفلاً، وسيتم إجراء فحوصات وتحاليل لهؤلاء الأطفال للتأكد من نسبهم ويمكن لهم بعدها الرجوع إلى بلجيكا.

 
 
 
 
 
 
 
ر.خ.ا ش ا
زر الذهاب إلى الأعلى