آراء

نزار العوصجي: عن الشجاعة نتحدث


علمونا في الصغر ان الشجاعة و الكرم صفتان متلازمتان لا يمكن فصلهما عن بعض ، تولد مع الانسان من رحم الام المحصنة بالعفة و الشرف ، تولد مع الانسان من رحم يزرع فيه قيم الرجولة الحقة ، لتنموا و تكبر بما يكتسبه من مبادئ تعكس اصلة المجتمع الذي ترعرع فيه ، فالشجاع لا يمكن ان يكون بخيلاً ، كذلك البخيل لا يمكن ان يكون شجاعاً ..

قمة الشجاعة ان يسعى البعض للبحث عن المعوزيين الذين يعانون من ضروف معيشية صعبة ، لمساعدتهم تقرباً الى الله عز وجل ، و طلباً لتجارة رابحة لا تخيب ولا تخسر ، فيقدمون لهم مافي وسعهم من طعام و شراب ، يسدون به رمقهم من جوع ، و كسوة يسترون بها اجسادهم في هذا البرد القارص ، دون افصاح او تبجح او تشهير ، لا ينتظرون سماع كلمة شكر و عرفان ، بل يرجون مرضاة ربهم في اسعاد اخوانهم ، الذين يشكرون الله دائماً على النعمة التي انعم عليهم بها ، دون النظر الى النوع و الصنف و الكم ، ذلك لانهم يعانون من نقص في مقومات الحياة بشكل عام ، لذا نجدهم لا يأبهون لقلة العناصر الغذائية لطعام يحصلون عليه ، بل يتلذذون و يستمتعون بما رزقوا به دون تنمر ..

في الجانب الاخر نجد ان هنالك من يدعو المترفين الى وليمة يغدق فيها الكثير للتباهي ، ليظهر حجم ثرائه ومدى امكانياته المادية ( فذلك هو الكرم من وجهة نظره الضيقة ) ينتظر ان ترد له الدعوة في وقت اخر بحثاً عن الجاه ، كما ينتظر من الحضور الرضى والقبول و كلمات اعجاب تطلق من باب المجاملة ، لانها تخلوا من صدق المشاعر ، فالمدعوين قد اعتادوا على حضور الدعوات باستمرار ، وهم يعلمون علم اليقين انها لن تضيف شيئاً الى بطونهم المتخمة ، بل انها تؤثر على حميتهم المتبعة للحفاظ على رشاقة اجسامهم ، لذا ينتقون الاصناف التي تتلائم مع صحتهم ، لكي لا يصابوا بعسر الهضم او اضطراب المعدة ..

شتان مابين الحالتين ، لذا نحن لا نغالي حين نقول ، ان اتحاد النخب والأكاديميين العراقيين الذي يتراسه الاخ العزيز الدكتور عبدالقادر زينل قد ولد من ارحام قل نضيرها ، فقد تربوا على قيم الرجولة و الشجاعة و الكرم ، حين اختاروا باصرار السير على طريق العز بثقة عالية ، لينهضوا نهوض الفرسان ، مستندين الى قول الله تعالى ( فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) ، سعياً لنصرة اخوانهم النازحين والمهجرين المنهكين ، ممن ضاقت بهم سبل الحياة في هذا الزمن الصعب ، بمبادرة انسانية رائعة تظهر مدى الخلق الرائع الذي يتمتعون به ، معتمدين على امكانياتهم الذاتية المتواضعة ، معتدين بعزة النفس التي تدل على نقاء معدنهم ، يخطون الخطى باصرار و ثبات نحو الغد الافضل ، ليرسموا صورته المشرقة باتقان ، معاهدين الله و الوطن على بذل الغالي و النفيس لخدمة العراق و شعبه الصابر ، فكان لهم ما ارادوا حين انجزوا ما عجز عنه الاخرين ، فهنيئاً للوطن بكم يا ايها الرجال الشرفاء …
عن الشجاعة نتحدث …

زر الذهاب إلى الأعلى