كيف يعيش اللاجئون الذين وصفهم أوربان بـ”الغزاة” في المجر؟
يرتبط اسم رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان الذي فاز في الانتخابات التشريعية في بلاده بمناهضة الهجرة واللجوء. فما هي ظروف المهاجرين واللاجئين الذين يصفهم أوربان بـ"الغزاة المسلمين" في هذا البلد، وكيف يرون فوز أوربان؟
عندما وصل اللاجئ الفلسطيني باسل حرارة إلى المجر في بداية العام 2015، لم يكن لديه معلومات عن هذا البلد غير المرحب باللاجئين، كما يقول، حيث أنه لم يكن ينوي أن يقيم فيه، بل كان يريد إكمال طريقه وتقديم اللجوء في بلجيكا.
لكن بصماته التي أخذتها السلطات المجرية، جعلت السلطات البلجيكية تعيده إلى المجر بعد عدة أشهر قضاها هناك، ليحصل بعدها على حق اللجوء في بلد لا يحظى فيه الكثيرون من طالبي اللجوء بهذه الفرصة.
ولا تقبل المجر سوى نسبة ضئيلة جداً من طلبات اللجوء المقدمة إليها، فوفقاً للمجلس الأوروبي للاجئين والمنفيين (ECRE) فإنه تم رفض 69 بالمئة من طلبات اللجوء والحماية الإنسانية المقدمة في المجر في عام 2017، والتي بلغ عددها 3,397 طلب.
لكن حتى ولو كان المرء "محظوظاً" بالحصول على حق اللجوء، كما يقول حرارة، إلا أن البدء بحياة كريمة في المجر تبدو لغالبية اللاجئين "مستحيلة"، على حد تعبيره.
يقول اللاجئ الذي يبلغ الحادية والثلاثين من العمر لمهاجر نيوز: "المساعدات المالية الأساسية غير متوفّرة، كما أنه لا توجد أية دورات لتعلم اللغة"، ويتابع: "الأوضاع المهينة في مخيمات اللجوء قد تعطي للمرء صورة واضحة عن أوضاع اللاجئين هنا".
"أوقفوا ساوروس"
يقول حرارة إن الأوضاع المزرية للاجئين ناتجة عن السياسة "العنصرية" للحكومة تجاههم، ويتابع: "يعمل أوربان على إلغاء جميع المشاريع الممولة من الاتحاد الأوروبي لهذه السنة والموجهة لدعم دمج المهاجرين في المجتمع المجري".
ويسعى أوربان بعد فوزه بولاية ثالثة على التوالي لإقرار قانون "أوقفوا سوروس"، في إشارة إلى الأمريكي من أصول مجرية جورج سوروس الذي يمول العديد من المؤسسات والمنظماتالتي تعنى بمساعدة المهاجرين.
لوحة دعائية من الحملة الانتخابية لفيكتور أوربان مكتوب عليها "أوقفوا سوروس"
ويثير موقف السلطات المجرية المعادي للاجئين والمهاجرين انتقادات شديدة لحكومة أوربان، الذي استخدم ورقة الترهيب من الأجانب في حملته الانتخابية.
وقد قالت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بعد يوم من إجراء الانتخابات التشريعية في المجر، إن حزب "فيدس" الحاكم الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان قوض الآليات الديمقراطية من أجل الحصول على أفضلية في الانتخابات البرلمانية.
ويرى الناشط السوري الحكم شعّار، الذي عمل مع إحدى منظمات اللاجئين أثناء موجة اللجوء إلى أوروبا عام 2015، أن حكومة أوربان تقوم بالتضييق على جميع المنظمات التي تساعد المهاجرين واللاجئين وليس على المنظمات التي يمولها سوروس فحسب، ويتابع: "تقوم الحكومة بترسيخ كراهية الأجانب من خلال الحشد الإعلامي والحملات الدعائية مستخدمة أموال دافعي الضرائب".
ويعتقد شعّار أن فوز أوربان في الانتخابات التشريعية سيشجعه على الاستمرار في سياسته المعادية للمهاجرين.
وكانت حكومة أوربان قد رفضت استقبال حصتها من اللاجئين بموجب الخطة الأوروبية لإعادة توزيع اللاجئين التي تم وضعها عام 2015 لتخفيف العبء عن اليونان وإيطاليا، اللتين وصلت إليهما أعداد كبيرة من المهاجرين. ولم تستقبل بودابست أي لاجئ من بين 1294 لاجئ كان عليها استقبالهم بحسب تلك الخطة، مما جعل المفوضية الأوروبية تعلن عن مقاضاة السلطات المجرية.
رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان يحتفل بفوز حزبه في الانتخابات التشريعية في البلاد.jpg
إعادة طالبي اللجوء باستخدام العنف
كما اتهمت منظمة العفو الدولية السلطات المجرية بـ"الاستمرار في حملتها في قمع حقوق اللاجئين والمهاجرين بصورة ممنهجة"، مؤكدة في تقريرها حول المجر للعام 2017 أن السلطات في بودابست "تقيّد إمكانية دخول اللاجئين وطالبي اللجوء إليها تقييداً شديداً"، بالإضافة إلى أنها "أعادت ما يزيد عن 20 ألف شخص بموجب إجراءات مقتضبة وأحياناً عن طريق العنف إلى صربيا، أو منعتهم من دخول المجر رغم عدم وجود إجراءات عادلة، ومحايدة للتعامل مع طلبات اللجوء ودون فحص مدى حاجتهم إلى الحماية".
وكانت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة قد حضّت الاتحاد الأوروبي في نيسان/أبريل عام 2017 على تعليق نقل طالبي اللجوء إلى المجر، بعدما بدأت الأخيرة بتطبيق قانون التوقيف المنهجي للمهاجرين.
ففي آذار/مارس من عام 2017 أصدرت حكومة فيكتور أوربان الأوامر باحتجاز المهاجرين في مخيمات على الحدود حتى إشعار آخر. ومنذ بدء تنفيذ القرار في 28 آذار/مارس، أكدت المفوضية العليا أن طالبي اللجوء باتوا محتجزين "عند الحدود داخل مستوعبات تحوط بها سياجات شائكة عالية".
يقول اللاجئ الفلسطيني باسل حرارة إن سبب "عنصرية الحكومة وتغذيتها لمشاعر الكراهية ضد الأجانب هو صرف أنظار المواطنين عن المشاكل الموجودة في المجتمع المجري، وخاصة في قطاعي التعليم والصحة".
ويرى حرارة أنه حتى ولو يفز أوربان في الانتخابات فإن سياسة اللجوء في المجر لم تكن لتتغير، ويتابع: "أياً كان الحزب الفائز فإنه كان سيلعب على وتر تغذية المشاعر ضد الأجانب، فالأحزاب الأخرى أيضاً ركزت في حملاتها الانتخابية على حشد الرأي العام ضد حكومة أوربان لأنها تسمح بدخول خمس لاجئين يومياً".
وبالرغم من الظروف الصعبة التي يعيشها اللاجئون في المجر إلا أن اللاجئ الفلسطيني باسل حرارة يسعى للتقريب بين أقرانه اللاجئين والمجريين، ويقول: "نحاول تغيير الصورة النمطية عن اللاجئين عن طريق الحديث مع المجريين المحيطين بنا بالإضافة لتنظيم نشاطات يلتقي فيها اللاجئون مع المجريين لنثبت لهم أننا بشر مثلنا مثلهم".