ألمانيا: آخر فرصة أمام ميركل لتشكيل حكومة جديدة
ومن غير المتوقع أن تظهر نتيجة هذه المحادثات التمهيدية الشاقة قبل وقت متأخر من الليل.
وبعد فشل محادثات أولى في نوفمبر (تشرين ثاني) مع أنصار البيئة والليبراليين، لم يعد مسموحاً لأنجيلا ميركل، التي تقود البلاد منذ 12 عاماً بارتكاب خطأ آخر إذا كانت تريد أن تحكم 4 سنوات إضافية.
ورأى الخبير السياسي كارل رودولف كورتي، أن المستشارة التي أضعفتها نسبة الأصوات المخيبة للأمل التي حققتها في فوزها الانتخابي الأخير، "سيقضى عليها" في حال ارتكبت هفوة جديدة.
والأمر نفسه ينطبق على حليفها البافاري رئيس الاتحاد المسيحي الاجتماعي هورست سيهوفر، وزعيم الاشتراكيين الديموقراطيين مارتن شولتز، الذي باتت سلطته على المحك بعد النكسة الانتخابية التاريخية لحزبه في 24 سبتمبر (أيلول).
ضغوطات
وحذر رئيس الدولة فرانك فالتر شتاينماير، من أن "كل الأنظار متجهة إلى الأحزاب وقادتها"، مشدداً الضغط على الأطراف السياسيين.
ودفع شتاينماير، وهو من القادة البارزين في الحزب الاشتراكي الديموقراطي، مسؤولي حزبه، حين قرروا بعد الانتخابات التشريعية الانتقال إلى المعارضة، إلى الدخول في تحالف موضوعي مع ميركل لتفادي انتخابات مبكرة يُمكن أن يستفيد منها حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف.
وكشف استطلاع للرأي نشرته الأسبوعية "دير شبيغل" هذا الأسبوع، أن هذا الحزب يحظى بـ14.5% من نوايا الأصوات، في تقدم عن النتيجة التي أحرزها في انتخابات سبتمبر (أيلول) حين حصل على 12.6% من الأصوات.
جهود كبيرة
في هذا السياق، قال كارل رودولف كورتي لشبكة "تسي دي إف" التلفزيونية، إن المسؤولين "سيبذلون كل ما بالإمكان للتوصل إلى ائتلاف كبير جديد" سيكون "فعلياً تحالفاً مصغراً لأنهم لا يحظون سوى بـ53%" من الأصوات.
وكانت هذه الأحزاب الثلاثة تشغل عام 2013 نسبة 80% من مقاعد مجلس النواب، وكانت 4 أحزاب ممثلة في ذلك الحين في المجلس، مقابل 6 أحزاب اليوم مع عودة الليبراليين إليه ودخول اليمين المتطرف.
وحكم المحافظون والاشتراكيون الديموقراطيون مرتين خلال السنوات الـ12 الأخيرة. ويعد كل من الطرفين اليوم باعتماد "سياسة جديدة" تتلاءم مع فترة من التحولات، رغم مواقف متعارضة بشدة بينهما في بعض الملفات.
ويطالب المحافظون، خاصةًالاتحاد المسيحي الاجتماعي الذي باشر حملة للانتخابات المحلية هذا الخريف في بافاريا، بتشديد سياسة الهجرة وبتخفيض محدود للضرائب للجميع.
أما الحزب الاشتراكي الديموقراطي، فيدعو إلى تليين شروط لم شمل عائلات اللاجئين والاستثمار في التربية والبنى التحتية ودعم الطبقات المتوسطة والفقيرة.
تدخل فرنسي
ودخل وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، على خط المناقشات داعياً ألمانيا إلى "زيادة الاستثمار"، في مقابلة أجرتها معه الأسبوعية "دي تسايت" في عددها الصادر اليوم الخميس.
غير أن الأطراف المرشحة للتحالف تمكنت من إحراز تقدم في بعض الملفات، ولا سيما بالنسبة لقانون حول الهجرة لذوي المهارات، وهو موضوع أساسي بالنسبة للقوة الاقتصادية الأولى في أوروبا والتي تواجه مشكلة شيخوخة سكانها.
ومن المحتمل بحسب وسائل الإعلام التوصل الخميس، إلى اتفاق على وثيقة ترسي أسس تعاون حكومي مقبل، لكن من غير المتوقع أن يعلن الاشتراكيون الديموقراطيون، إن كانوا يوصون بائتلاف جديد قبل الجمعة.
ويعود بعد ذلك للمندوبين خلال مؤتمر استثنائي يعقد في 21 يناير(كانون ثاني) أن يحددوا ما إذا كانوا يوافقون على الدخول في مفاوضات مفصلة.
وفي نهاية المطاف، يتعين على ناشطي الحزب أن يصادقوا على الاتفاق بشأن الحكومة.
وإذا سارت الأمور بشكل جيد، لن تتشكل حكومة جديدة قبل نهاية مارس (آذار)، في وقت بدأ فيه الشركاء الأوروبيون يفقدون صبرهم، خاصةً فرنسا التي تنتظر رداً على اقتراحاتها لإصلاح منطقة اليورو.
وحتى بعد التوصل إلى اتفاق مساء اليوم الخميس، فإن قاعدة الحزب الاشتراكي الديموقراطي، التي ستكون لها الكلمة الأخيرة، قد تبذل ما بوسعها لإفشاله في نهاية المطاف، بسبب تحفظها الشديد التحفظ على فكرة تشكيل الحزب مرة جديدة سنداً للمحافظين.
وقال القيادي في الحزب رالف شتيغنر، أمس الأربعاء، إن "التشكيك كان ويبقى مبرراً".
ضربة قاضية
وأوضح زعيم الشبيبة الاشتراكية الديموقراطية كيفن كونيرت، لصحيفة "دير شبيغل": "أعتقد أنه ما زال بوسعنا تفادي قيام ائتلاف كبير".
ويرى أن الدخول لأربع سنوات جديدة في حكومة ترأسها ميركل سيسدد ضربة قاضية للحزب بعد هزيمته الأخيرة، داعياً في المقابل إلى حكومة أقلية برئاسة ميركل، ولو أن المحافظين أنفسهم رفضوا هذا الخيار باعتباره سينتج ائتلافاً غير مستقر.
وأظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه مجلة "فوكوس" أن 34% من الألمان يفضلون انتخابات جديدة، فيما يؤيد 30% فقط العودة إلى ائتلاف بين المحافظين والاشتراكيين الديموقراطيين.
وكشف استطلاع آخر للرأي عرضته إذاعة "إيه آر دي" الرسمية أن 45% فقط من الألمان يؤيدون تحالفاً كبيراً جديداً، فيما يرى 52% أنه خيار سيء.