معادٍ للمسلمين ونفّذ أعنف هجمات في النرويج منذ الحرب العالمية.. فيلم هوليوودي يحكي قصة منفّذ “هجمات 22 يوليو”
«يجب ترحيل جميع المسلمين من أوروبا!».
هذه كانت كلمات أندريس بيهرنغ بريفيك الحقيقية، وهو إرهابي يميني متطرف قتل 77 شخصاً، معظمهم من المراهقين، في تفجير وإطلاق نار بالنرويج في العام 2011.
وقد تم تصوير الهجمات وما أعقبها في فيلم نتفليكس الجديد 22 July، من قِبل المخرج البريطاني بول غرينغراس، ويضم طاقماً نرويجيّاً بالكامل، يتحدثون الإنكليزية بطلاقة.
لماذا يتحدثون الإنكليزية في July 22 الذي تجري أحداثه بأوسلو؟
في منتصف الفيلم يمكنك أن تكتشف لماذا يلزم أن تكون الإنكليزية هي لغة الفيلم.
والإجابة ببساطة هي أن 22 July ليس مجرد هجوم إرهابي حدث في أوسلو قبل 7 سنوات. الأمر يشكل خطرًا على العالم بأَسره، والتهديد نفسه يتعاظم في الوقت الحالي في كل مكان.
إنه فيلم يجب عرضه في العديد من البلدان الناطقة بالإنكليزية، والتي أظهرت في السنوات الأخيرة أنها معرَّضة بشدة لسيادة توجهات فكرية متطرفة تشبه وجهة نظر بريفيك إلى العالم، وما صعود اليمين الأوروبي والأميركي الحالي إلا دلالة أخرى في هذا السياق.
ماذا جرى في هذا اليوم المرعب؟
في 22 يوليو/تموز 2011، فجَّر بريفيك قنبلة محلية الصنع خارج مكاتب رئيس الوزراء في أوسلو؛ ما أسفر عن مقتل 8 أشخاص وإصابة أكثر من 200 آخرين.
بعد ذلك، تظاهر بأنه ضابط شرطة، وأخذ سفينة إلى جزيرة أوتويا، التي أقامت معسكراً صيفياً لقسم الشباب في حزب العمل، الذي ينتمي إلى يسار الوسط في البلاد، حيث قتل 69 آخرين ببندقية نصف آلية. وفي نهاية المطاف، استسلم للشرطة التي قبضت عليه في مسرح الجريمة.
لم يقم المخرج بتجنيب المشاهدين تصويراً بشعاً للهجمات المروعة التي جرت في جزيرة أوتويا، لكنها تظهر في الفيلم بنحو 15 دقيقة فقط. بينما يركز معظم 22 July على الآثار المترتبة على الهجمات، وضمن ذلك محاكمة بريفيك، وإعادة التأهيل النفسي والجسدي الشاقة للمراهقين للناجين، وكفاح النرويج من أجل المضي قدماً، في أعقاب أسوأ عمل وحشي شهدته منذ الحرب العالمية الثانية.
وعكس ما افترضه محامي الدفاع عن الإرهابي الشاب، أراد أندريس أن يدرك الجميع أن ما فعله كان فعلاً واعياً ومتعمداً، وأنه كان في قواه العقلية بالكامل.
وعن سبب قيامه بذلك، أشار إلى أن ندمه الوحيد هو أنه لم يقتل أكثر، وهذه الأيديولوجية المعادية للهجرة والإسلام والتعددية الثقافية هي – بالفعل – ما تشكل نظرته الشنيعة للعالم.
ادَّعى بريفيك أن لديه «ملايين» من المؤيدين في حركة اليمين المتطرف بأوروبا، لكن محاميه لم يستطع تقديم شاهد واحد ليؤكد هذه الفكرة «النرجسية»، والشخص الوحيد الذي تمكن محاميه من إقناعه بالإدلاء بشهادته خلال المحاكمة، قال إن بريفيك «التقاه» مرة في منتدى لعبة World of Warcraft على الإنترنت.
رسالة التحذير الدموية التي صارت تياراً رئيسياً في الغرب
يتحدث بريفيك عما يسميه خيانة النخب، ودم الديمقراطية، و»التعددية الثقافية القسرية»، وقال المخرج غرينغراس إن «هذه الآراء في عامي 2011، 2012، كان يمكن النظر إليها باعتبارها على هامش الأفكار السائدة. لكن اليوم، أصبحت تشكل التيار الرئيسي حالياً، هذا هو الخطاب اليميني الشعبوي الذي يشهد صعوداً كبيراً في أوروبا وأميركا».
ويقول المخرج الأميركي: «لا شك في أن -ستيف بانون مستشار ترمب السابق- لا يقبل أساليب بريفيك، لكنه يشاركه وجهة النظر نفسها والإطار الفكري ذاته إن جاز التعبير، لقد أصبح هذا الخطاب خطاباً سائداً لا هامشياً».
ومنذ الهجمات، صوتت المملكة المتحدة لمغادرة الاتحاد الأوروبي بعد حملة دعائية أثارت مخاوف من الهجرة. وانتخبت الولايات المتحدة رئيساً سرعان ما منع السفر إلى الولايات المتحدة من قبل مواطني الدول ذات الأغلبية المسلمة، وفصل الأطفال قسراً عن عائلاتهم على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.
وقتل 9 أشخاص داخل كنيسة للسود في تشارلستون، بساوث كارولينا. وصدم أحد النازيون الجدد في شارلوتسفيل، بفيرجينيا، بسيارته مجموعة من المتظاهرين السلميين؛ ما أسفر عن مقتل امرأة وإصابة 19 آخرين.
لكن فيلم 22 يوليو ليس عن المآساة فقط، الأمل موجود بقوة أيضاً
ومع ذلك، نجح غرينغراس في تجنب تحويل الفيلم إلى جرعات من اليأس وخيبات الأمل.
يقول غرينغراس: «القلب النابض بالحياة والأمل بالفيلم موجود في الناجين، ولا سيما فيلجار هانسن، البالغ من العمر 18 عاماً، الذي يتم إطلاق النار عليه 5 مرات خلال الهجوم ويعيش، بعد أن فقد الرؤية في عينه اليمنى بسبب جرح في الرأس يترك عدة شظايا ورصاصة مزروعة بالقرب من جذع دماغه.
وبمساعدة أصدقائه وعائلته، تمكن في نهاية المطاف من مواجهة الرجل الذي حاول قتله، والذي نجح في قتل العديد من أصدقاؤه. وعندما ينظر فيلجار إلى بريفيك في قاعة المحكمة يدرك أن فقدان إرادته هو بالضبط ما يريده الإرهابي.
ينظر فيجار إلى مهاجمه مباشرة ويخبره بأنه سوف يضيّع عمره في زنزانة السجن بقية حياته، وبهذا سيصبح ميتاً. لكن فيجار سيختار الحياة. ويعيش فيجار، البالغ من العمر الآن 25 عاماً، في بلده ويعتزم محاربة التطرف اليميني كسياسي في النرويج».
من هو أندريس بريفيك، الذي يعادي الإسلام ويريد التعاون مع «القاعدة»؟!
يصف المحللون بريفيك بأنه متطرف يميني له وجهات نظر معادية للمسلمين وكراهية عميقة للإسلام، في حين اعتبر نفسه فارساً لصد موجة الهجرة الإسلامية إلى أوروبا.
وقالت صحيفة «إسرائيل اليوم» إن ذكر إسرائيل ورد ما لا يقل عن 300 مرة بوثيقة بريفيك في إطار إيجابي للغاية، وفي الوقت نفسه انتقد الاتحاد الأوروبي؛ لأنه لا يتعاطف مع إسرائيل، التي يمتدح طريقة تعاملها الصارمة مع مواطنيها المسلمين مقارنة بالاتحاد الأوروبي وبلدانه، حسب قوله.
وفي الوقت نفسه، قال بريفيك خلال محاكمته وفي بيانه، إنه استوحى طريقته من الجماعات الجهادية مثل «القاعدة»، وأعرب عن استعداده للعمل مع حركات مثل: «القاعدة»، وحركة الشباب الصومالية، وإيران؛ من أجل تنفيذ هجمات بأسلحة الدمار الشامل ضد الأهداف الغربية.
وصفته في البداية وسائل الاعلام الغربية بأنه مسيحي أصولي، وإرهابي مسيحي، وقومي متطرف، ويرى أن «معركة فيينا في عام 1683 يجب أن يتم الاحتفال بها كعيد الاستقلال لجميع الأوروبيين الغربيين؛ لأنها كانت بداية النهاية للموجة الإسلامية الثانية للجهاد»، حسب تعبيره.
ويحث بيانه الوطنيين الهندوس على طرد المسلمين من الهند، ويطالب بالترحيل القسري لجميع المسلمين من أوروبا، لكنه في الوقت ذاته لا يبدو متديناً، وانتقد بشدةٍ البابا بنديكتوس السادس عشر؛ لحواره مع المسلمين، قائلاً: «لقد تخلى البابا بنديكت عن المسيحية وعن جميع المسيحيين الأوروبيين، إنه بابا جبان، غير كفء، فاسد وغير شرعي». ومن ثم، سيكون من الضروري، يكتب بريفيك، الإطاحة بالهرمية البروتستانتية والكاثوليكية، وبعد ذلك سيؤسس «المؤتمر المسيحي العظيم» كنيسة أوروبية جديدة.
وأيضاً، أدان بريفيك النشاط التبشيري المسيحي في الهند؛ لأنه سيؤدي إلى «تدمير كامل للدين والثقافة الهندوسية»
عربي بوست