هنا اوروبا

حادثة ترحيل لاجئين أفارقة تتحول إلى امتحان صعب لسياسة حكومة ميركل

الوضع في ملجئ للاجئين ببلدة إلفانغن جنوب ألمانيا، ما يزال متوترا، هكذا تصف الشرطة الأجواء في الملجئ حيث تسببت عملية ترحيل أكثر من لاجئ في تدخل الشرطة بقوة، مما أثار جدلا سياسية وإعلاميا كبيرا في ألمانيا.

داهمت الشرطة الألمانية ملجأ للمهاجرين في بلدة إلفانغن بجنوب ألمانيا، شهد قبل ثلاثة أيام اشتباكات بين 150 طالبا للجوء والشرطة، حالت الاثنين الماضي دون ترحيل طالب لجوء من توغو (23 عاما) إلى إيطاليا.

ودفعت المواجهة التي وصفتها الشرطة بأنها كانت من طرف بعض اللاجئين "شديدة العدوانية والعنف"، بعض الساسة من اليمين الشعبوي والمحافظين للقول إن وصول أكثر من 1.6 مليون مهاجر البلاد منذ عام 2014 يمثل تهديدا أمنيا.

وقالت الشرطة إنها اعتقلت بضعة أشخاص للاشتباه بهم في جرائم تتعلق بالمخدرات خلال المداهمة ونقلت 17 من المقيمين في الملجئ الذي يضم قرابة 500 طالب لجوء، معظمهم أفارقة إلى مواقع أخرى. وقال متحدث باسم فريق طبي إن ثلاثة أشخاص، بينهم ضابط بالشرطة أصيبوا بجروح طفيفة خلال المداهمة.

وعثرت الشرطة أيضا على الشاب التوغولي الذي عرفته وسائل إعلام محلية باسم يوسف والذي كانت السلطات تحاول ترحيله يوم الاثنين. ولم يتم العثور على أي أسلحة خلال المداهمة التي بدأت فجرا.

وقال الضابط الكبير برنهارد فيبر إن الشرطة تعتقد أن "منطقة تفتقر للقانون بها كيانات منظمة" كانت تتشكل في الملجئ بهدف منع السلطات من تنفيذ أوامر الترحيل، ولذلك تحركت السلطات. وأضاف "لن نتسامح مع وجود أي مناطق خارجة عن القانون، كما اتضح هنا".

ولا تزال ألمانيا تجد صعوبة في دمج المهاجرين الذين فرَّ كثير منهم من الحرب أو الصراعات في الشرق الأوسط. وتواصل السلطات دراسة قائمة طويلة من طلبات اللجوء، كما أن دمج المهاجرين في سوق العمل يمثل تحديا كبيرا. وتبحث الحكومة قواعد للم شمل أسر المهاجرين.

سين ماكنلي، مدير أعمال مجلس اللاجئين في ولاية بادن فورتمبرغ قال لـ DW بأن ملجأ اللاجئين لم يشكل إلى حد الآن أي مشكلة. لكنه اعترف بوجود صعوبات داخل دور الإيواء التي تستقبل مقدمي طلبات اللجوء، وقال:" أعرف أن الأشخاص الذين يُرحلون إلى إيطاليا يجدون أنفسهم في الغالب في الطرقات. ومفهوم أن الناس الذين يشعرون بأنفسهم في حالة طارئة يكونوا خائفين ويفعلون كل ما في وسعهم لمنع ترحيلهم".

 

"لطمة على الوجه"

وقال وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر في مؤتمر صحفي بأن الأحداث في بلدة إلفانغن تمثل "لطمة على وجه السكان المتمسكين بالقانون". وقال بأنه واضح بالنسبة إليه "أنه لا يحق دهس حق الضيافة بالأرجل".

ويؤيد الوزير زيهوفر إقامة مراكز يسكن فيها طالبو اللجوء طوال مدة النظر في طلب لجوئهم. وفي السنة الماضية تم تعديل القانون الذي يسمح للولايات الألمانية بإيواء طالبي اللجوء لمدة تصل إلى سنتين في دور إيواء أولية. ويقول منتقدون بأن هذا الوضع يمنع اندماج اللاجئين. وترفض نقابة الشرطة الألمانية هذه المراكز وتقول بأن موظفيها ليسوا مكونين لحراسة "سجون".

وبالرغم من ذلك فإن الوزير زيهوفر يعتزم في الأشهر المقبلة وضع خمسة أو ستة مراكز تحت التجربة. ووزير الداخلية هو في آن واحد رئيس الحزب الاجتماعي المسيحي الذي يناضل قبل الانتخابات البرلمانية في بفاريا في سبتمبر من أجل كل صوت، لاسيما في مواجهة حزب البديل من أجل ألمانيا الشعبوي اليميني المعروف بموقفه العدائي للاجئين.

وينتقد ساسة من أحزاب أخرى بعد الأحداث في بلدة إلفانغن إقامة دور لاجئين كبيرة ومركزية. "هناك تنشأ ديناميكية وقوة عنف، وكل ذلك على حساب الشرطة"، كما قالت خبيرة الشؤون الداخلية من حزب الخضر، إيرينه ميهاليتش.

طول مدة الجلوس والانتظار

شتيفان دونفالد من مجلس اللاجئين البفاري يصف ظروف الحياة في مراكز الإيواء الكبرى بأنها غير مقبولة. وقال:" تخيل أنت تقعد مع ثلاث أو أربعمائة آخرين من الأشخاص. وفي كل ليلة تأتي الشرطة وتأخذ واحدا منهم ولا يعرفون هل سيطالهم الأمر في المرة المقبلة. وهذا يتسبب بالطبع في توتر كبير بين المقيمين".

وينتظر طالبو اللجوء في الغالب شهورا حتى يتم البت في طلباتهم. وأثناء تلك الفترة لا يحق لهم مزاولة عمل أو مباشرة تكوين مهني وحتى مباشرة دروس تعلم اللغة الألمانية. ويقول دونفالد:"الانتظار طوال شهر قد يبدو مثل عطلة، لكن عندما ينتظر الشخص نصف سنة ولا يحق له فعل أي شيء، فإن المرء يبدأ في التفكير هل أبقى هنا؟ هل بإمكاني الاختباء؟ أوجب علي محاولة إيجاد فرصة عمل بطريقة غير قانونية؟ أو أبدأ في أعمال إجرامية؟".

ويؤطر ما يُسمى نظام دبلن سياسة اللجوء في الاتحاد الأوروبي، وبموجبه يجب على اللاجئين طلب اللجوء في البلد الذي دخلوه أول مرة في الاتحاد الأوروبي. والكثيرون يصلون في المرة الأولى إلى اليونان أو إيطاليا. وبحسب دونفالد فإن اللاجئين يتم إيواؤهم في هذين البلدين في الغالب في ظروف أدنى من إنسانية.

ويقول دونفالد:"في إيطاليا لا يعتني أحد بغالبيتهم. ولا يحصلون على ملجئ يأويهم، فهم يعيشون في الشارع. وبما أنهم لا يملكون المال، فإنهم يعيشون بمزاولة أعمال غير قانونية والتسول أو الدعارة، وبالطبع لا يريد الأشخاص العودة إلى هناك".

 

 

 

 

 

dw

زر الذهاب إلى الأعلى