مقالات رئيس التحرير

د. علي الجابري : سيناريوهات تشكيل الحكومة السويدية وفرص نجاح رئيس الوزراء المكلف

كلف رئيس البرلمان السويدي ، رئيس حزب المحافظين "اولف كريستيرسون" بتشكيل الحكومة السويدية ، ووفقاً للقانون فلديه فترة إسبوعين لتشكيل الحكومة وخلاف ذلك يضطر رئيس البرلمان تكليف شخصية أخرى بتشكيل الحكومة.

هذا التكليف وصفه اغلبية المراقبين والسياسيين في السويد ب "المهمة المستحيلة" لعدة أسباب وهو تكليف اقرب الى الفشل للاسباب التالية:

– رئيس حزب المحافظين هو ضمن التحالف البرجوازي الذي حقق 143 مقعداً وجاء بالمركز الثاني ككتلة برلمانية بعد تحالف "الحمر الخضر" الذي يتزعمه رئيس الوزراء السويدي المنتهية ولايته "ستيفان لوفين" الذي حقق 144 مقعداً ، ولا يمكن لاي منهما تشكيل الحكومة منفرداً دون التفاهم مع التحالف الاخر.

 

– رئيس وزراء السويد المنتهية ولايته ستيفان لوفين ، هو زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي وهو الحزب الاكبر في البلاد وحقق اعلى نسبة بين الاحزاب ، كذلك هو رئيس تحالف الحمر الخضر الذي حقق اعلى عدد مقاعد من التحالف البرجوازي ، اعتبر ان هذا التكليف لن ينجح لان رئيس البرلمان تجاوز الكتلة البرلمانية الاكبر ، واكد لوفين انه لن يدعم او يصوت لحكومة يشكلها منافسه رئيس حزب المحافظين، وقال لنرى كيف سيشكل حكومة لا ندعمها وكيف سينال اغلبية البرلمان.

 

– رئيس الوزراء المكلف يدرك جيداً ان امامه طريقين لا ثالث لهما وهما اما يقنع رئيس الوزراء السابق بالدخول في حكومة عابرة للكتل برئاسته وهو امر رفضه لوفين حتى الان، واغلق الطريق عليه، مع انه طلب ان يكون لهما لقاء وجها لوجه للتحاور.. والطريق الاخر الذي امامه ان يذهب للتحالف مع الكتلة الثالثة وهي كتلة حزب ديمقراطيو السويد العنصري المعادي للاجانب وهو ذات اصول نازية ، وفي حال سلوك هذا الطريق فأن التحالف البرجوازي سيتفكك وينهار لان جميع الاحزاب المنضوية في هذا التحالف اعلنت وتعهدت لجمهورها ان لا تتحالف مع الحزب العنصري، وحتى رئيس الوزراء المكلف اعلن بعد تكليفه انه لن يتحالف مع الحزب العنصري رغم وجود معلومات عن حوار سري يجري بين الطرفين.

 

– في حال فشل رئيس الوزراء المكلف بسلوك واحد من الطريقين فإنه سيفشل في التكليف وبعد إسبوعين سيتم تكليف شخصية أخرى بتشكيل الحكومة ، لكن تبقى نفس المعوقات تواجه البديل ما لم يتمكن من تحقيق ائتلاف عابر للكتل واقناع الاحزاب المنضوية في الكتلتين بالمضي في تحالف مشترك لضمان عدم الحاجة الى الحزب العنصري.

 

– حتى الان هناك صعوبة امام رئيس الوزراء المكلف وكذلك رئيس الوزراء السابق الذي اقاله البرلمان ان يتمكن اي منهما من تشكيل الحكومة ويبقى بعدها احتمالين : اما تكليف رئيس حزب آخر ، وهناك حديث عن رئيسة حزب الوسط آنا لوف انها يمكن ان تنال رضا الكتلتين رغم عدد اصوات حزبها القليلة في البرلمان او الذهاب للخيار الاخير وهو اعادة الانتخابات بعد ثلاثة أشهر.

ورغم ان هناك تعقيد كبير في المشهد السياسي الا ان السويد قد تتمكن من حل الاشكالية من خلال اختراق احد الكتلتين للاخرى لعدم ادخال البلاد في مشاكل سياسية، وربما يكون هناك توافق اللحظات الاخيرة الذي يحسم الموقف.

وحتى الان يبدو ان رئيس الوزراء السابق ستيفان لوفين هو الشخصية الاقوى واللاعب الاكبر في تحديد من سينال المنصب ، ويبدو انه يراهن على فشل منافسه ليعود الى الواجهة بقوة بإعتبار انه زعيم الحزب الاكبر والكتلة التي تملك اكبر عدد من المقاعد.

 

 

 

*رئيس تحرير صحيفة يورو تايمز

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى