مقتل الألمانية سوزانا.. لاجئ عراقي يدين الجريمة بطريقته الخاصة
قتل سوزانا يصدم ألمانيا ويشعل النقاش حول اللاجئين
أثار اغتصاب ومقتل الفتاة الألمانية القاصر (14 عاماً) سوزانا، خاصة أن المشتبه به المفترض لاجئ عراقي، صدمة كبيرة بين أوساط اللاجئين في ألمانيا. تلك الصدمة ظهرت بشكل واضح عبر تعليقاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ففي حين ذهبت معظم التعليقات إلى استنكار وإدانة الجريمة والجاني، حاول البعض الآخر تقديم المساعدة لتسريع القبض على المشتبه به ومحاولة النأي بالنفس عن الصورة السلبية للاجئين في ألمانيا.
اللاجئ العراقي الشاب كرار المجمعي، هو واحد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي الذين كانت لهم ردة فعل سريعة حول خبر جريمة الاغتصاب والقتل، التي يشتبه بها لاجئ عراقي من بلده.
كرار يقيم في ألمانيا منذ حوالي ثلاث سنوات تقريباً ويدرس الهندسة المعلوماتية، فور قراءته للخبر على أحد الصفحات الألمانية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وكذلك قراءته للتعليقات السلبية للرواد الألمان على الخبر، أحس كرار بصدمة كبيرة كما يقول في حديثه لـDW عربية: "صدمتي الأولى كانت عند قراءتي الخبر والثانية عند قراءة ردود الأفعال السلبية للألمان على اللاجئين والمهاجرين في ألمانيا والتي كانت تدعو في معظمها إلى وجوب إعادة اللاجئين إلى بلدانهم".
اللاجئ العراقي، كرار المجمعي يحاول تصحيح الصورة السلبية للاجئين في الإعلام الألماني إثر مقتل الفتاة الألمانية سوزانا
بعد قراءته الخبر، قام اللاجئ العراقي على الفور بترجمته من اللغة الألمانية إلى العربية ونشره على صفحته الشخصية على فيسبوك وكذلك على جل الصفحات والتجمعات العراقية على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل الحصول على معلومات عن المشتبه تساعد السلطات الألمانية على الوصول إليه.
حصد المنشور تفاعلاً كبيراً بين النشطاء، بما في ذلك بعض التعليقات السلبية من بعض الرواد، الذين اتهموا الشاب العراقي بالسعي وراء الشهرة والحصول على الإقامة. في المقابل لم يكتفي كرار بمحاولة تقديم المساعدة للقبض على الجاني، وإنما يخطط مع مجموعة من أصدقائه إلى كتابة "خطاب باللغة الألمانية أو فيديو مصور ونشره على الصفحات الألمانية على مواقع التواصل الاجتماعي، كاعتذار وتعبير منهم عن استنكارهم لهذا الفعل اللاأخلاقي، الذي لا يمثل العراقيين".
صدمة واستنكار وتراشق الاتهامات
إلى جانب رد فعل كرار المجمعي، قام لاجئون عراقيون آخرون في ألمانيا أيضاً بترجمة الخبر ونشره على العديد من الصفحات والتجمعات العراقية على مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل تقديم المساعدة للوصول إلى المشتبه به، ومن بينهم قاسم محمد، وهو لاجئ عراقي في ألمانيا والذي نشر الخبر في تغريده له على تويتر، مرفقاً إياها ببعض البيانات الشخصية للمشتبه به:
Was für Tiere !!!
الرجاء مشاركة البوست بكل الكروبات !!
هذا الشخص الي بالصورة لاجئ عراقي في المانيا اسمة علي بشار عمره 20 سنة متهم ب اغتصاب بنية عمرهة 14 سنة وبعد ذلك قتلها واخفى الجثة…
إضافة إلى محاولة تقديم المساعدة للقبض على المتهم، ذهبت معظم التعليقات حول الخبر إلى استنكار وإدانة هذا الفعل من شاب عراقي، لجأ إلى ألمانيا وحصل على الاحترام والمساعدة، وفي المقابل قام بهذا العمل الإجرامي، كما علقت اغرودة موصلية في تغريدة لها على تويتر قائلة:
Mordfall Susanna im News-Ticker : Zugriff erfolgte um zwei Uhr nachts: Ali B. wurde im Irak festgenommen https://www.focus.de/9053421 جريمة هزت المانيا عراقي اغتصب فتاة المانيه وقطعها ؟؟ تجي للبلد ويحترموك ويعملوك بشر تقوم تغتصب وتقتل. والاحلى رجعوه للعراق
من جهة أخرى هيمن تراشق الاتهامات على بعض تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وذهبوا إلى إلقاء اللوم على بعضهم البعض في تشويه صورة اللاجئين والمهاجرين العرب بصفة عامة، فيما رأى البعض الآخر أن مثل هذه الحوادث حتى لو قام بها فرد واحد، إلا أنها نتعكس على كافة اللاجئين بشكل سلبي.
وخلافاً لتراشق الاتهامات، عبر بعض النشطاء عن تخوفهم من تبعات مثل هذه الأحداث على وضع المهاجرين واللاجئين في ألمانيا ودورها السلبي في تشويه صورتهم داخل المجتمع الألماني، كما يرى المهاجر والمدون المغربي المقيم في ألمانيا، مارو، في تغريده له على موقع تويتر.
وبعد إعلان خبر اعتقال المشتبه بقتل الفتاة الألمانية في العراق، تداولت الصفحات العراقية على مواقع التواصل الاجتماعي الخبر، وسط تفاعل واسع من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي مع الخبر، الذي وصفوه بـ"السعيد".
الجرائم تعيد النقاش حول اللاجئين والمهاجرين
أخذت حادثة اغتصاب وقتل الفتاة الألمانية سوزانا والاشتباه بلاجئ عراقي بعداً سياسياً في ألمانيا، لاسيما أن هذا اللاجئ العراقي، سبق له أن ورد اسمه في محاضر الشرطة بسبب أعمال شغب، وأيضاً في واقعة اغتصاب فتاة في الـ11 من العمر، في قضية لم ينته التحقيق بشأنها.
هذه الحادثة أشعلت النقاش مجدداً حول وضع اللاجئين في ألمانيا. كما أن توقيتها جاء بالتزامن مع النقاش الذي تشهده ألمانيا في هذه الأيام حول ما بات يعرف بفضيحة فرع مكتب الهجرة واللجوء في ولاية بريمن. في السياق نفسه أثارت أحداث كلونيا نهاية رأس السنة عام 2015 ضجة واسعة في الأوساط السياسية الألمانية حول المهاجرين المنحدرين من الدول المغاربية ووضعهم كلاجئين في ألمانيا.
كامل زومايا، ناشط حقوقي عراقي في الدفاع عن الأقليات واللاجئين
مع تكرار مثل هذه الأحداث، يتكرر أيضاً النقاش حول سياسة اللجوء والهجرة في ألمانيا، الأمر الذي يثير تخوف البعض من اللاجئين والمهاجرين في ألمانيا من استغلال الوضع ضدهم، غير أن الناشط الحقوق العراقي، المقيم في ألمانيا، كامل زومايا، يستبعد أن يكون لهذه الحوادث تأثيرات سلبية على وضع اللاجئين، والعراقيين خاصة في ألمانيا، غير أنها تنعكس سلباً على نفسيتهم ويقول في حديثه لـ DW:" مثل هذه الأعمال الجنونية واللاأخلاقية، والتي نستنكرها بشدة، لها تأثير نفسي أكثر خاصة على اللاجئين، الذي فروا من العراق من أجل عيش حياة آمنة وبعيدة عن العنف، لكن لا أتوقع أن تحدث تغيراً في سياسة اللجوء".
أما عن الدور الذي يلعبه النشطاء العراقيون والمجتمع المدني في ألمانيا في محاولة تصحيح الصورة للرأي العام عند وقوع مثل هذه الحوادث، يرى زومايا أن استنكار مثل هذه الأفعال يجب أن يأتي على المستوى الفردي والعائلي والمجتمعي، وفي هذا السياق يقول:" نحن كنشطاء تقع على عاتقنا مهام كبيرة في هذا المجال، نحن بحاجة إلى الكثير والكثير من وقفات الاستنكار، واعتذارنا عن هذا الفعل الشاذ، الذي يدمي القلب، هو اعتذار للإنسانية جمعاء".
dw