توافد قادة أوروبا على القارة الأفريقية لمناقشة التجارة والأمن والهجرة
رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قامتا، هذا الأسبوع، بجولات منفردة في عدد من الدول الأفريقية، التي جاءت مباشرة بعد زيارة قام بها قبل فترة قصيرة للقارة الأفريقية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وركز قادة أكبر اقتصادات في أوروبا على التجارة والأمن والهجرة.
حرصت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي خلال زيارتها للعاصمة الكينية نيروبي، وهي المحطة الأخيرة في جولتها الأفريقية التي شملت أيضاً جنوب أفريقيا ونيجيريا، على طمأنة كينيا على أنها لن تعاني أي تداعيات تجارية جراء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
تأتي جولة ماي الأفريقية سعيا لحشد الشركاء التجاريين قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي العام المقبل، فيما تقرع الشركات البريطانية ناقوس الخطر بشأن التداعيات السلبية المحتملة للخروج من التكتل. وتحاول ماي تهدئة المخاوف بشأن تداعيات خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي بدون اتفاق تفاوضي، قائلة إنها «لن تكون نهاية العالم».
ونشرت بريطانيا 24 وثيقة، الأسبوع الماضي، بشأن استعدادات الخروج من التكتل دون التوصل لاتفاق، وهو ما حذر المحللون من أن سيكون له تداعيات رهيبة على اقتصاد البلاد.
وقالت ماي في نيروبي: «المملكة المتحدة هي أكبر مستثمر أجنبي في كينيا… وأطلقت الأسبوع الحالي طموحنا أن نكون المستثمر رقم واحد من مجموعة السبع الكبرى في أفريقيا بحلول عام 2022». وأضافت رئيسة الوزراء في مؤتمر صحافي مع الرئيس الكيني أوهورو كيناتا، كما نقلت عنها الوكالة الألمانية، «فيما تستعد بريطانيا لمغادرة الاتحاد الأوروبي، نحن ملتزمون بانتقال سلس يضمن استمرار علاقتنا التجارية مع كينيا». كما تعهدت ماي بتقديم الدعم لمواجهة المسلحين الإسلاميين شرق أفريقيا.
وزيارة ماي لكينيا، وهي الأولى لرئيس حكومة بريطاني على مدار ثلاثين عاما، شهدت جانباً من تدريبات عسكرية مشتركة بين قوات بريطانية وكينية. وقالت ماي: «وقعنا عصر اليوم اتفاقاً جديداً نقوم بموجبه بتوسيع نطاق عملنا المشترك في مجال الأمن… لتعزيز الاستقرار في شرق أفريقيا». وتابعت: «تواصل المملكة المتحدة دعم الالتزام بجنود كينيين شجعان يقاتلون في الصومال جماعة الشباب وسوف أعلن عن حزمة تمويل جديدة لدعم مهمة الاتحاد الأفريقي في الصومال».
يشار إلى أن جماعة الشباب ذات الصلة بتنظيم القاعدة، وهي جماعة إرهابية مقرها الصومال، وقد شنَّت هجمات متكررة على كينيا المجاورة، بينها الهجوم على مركز التسوق «ويستجيت مول» في العاصمة نيروبي، الذي خلف 67 قتيلاً في 2013.
ومن جانبه، قال الرئيس كيناتا: «يجمع كينيا والمملكة المتحدة تاريخاً طويلاً من الصداقة… والديمقراطية مشتركة بيننا ونحن بحاجة للدفاع عنها معا وبالنسبة لأعدائنا المشتركين مثل الإرهاب، نحن بحاجة لقتالهم معا». وقال أيضاً إنه رحب بتأكيدات ماي بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وكانت قد التقت ماي في اليوم السابق نظيرها النيجيري محمد بخاري في أبوجا في زيارتها الأولى للدولة صاحبة أكبر اقتصاد في أفريقيا. وقال رئيس الوزراء النيجيري في تغريدة على موقع «تويتر» إنه وماي «أجريا مناقشات، ووقعا اتفاقيات دفاعية واقتصادية حيوية بين نيجيريا والمملكة المتحدة».
وبدأت ماي جولتها الأفريقية الأولى، في جنوب أفريقيا، حيث أعلنت عن خطط لاستثمار 5 مليارات دولار في القارة. كما تعهدت ماي بدعم بريطانيا لحصول أفريقيا على مقعد دائم بمجلس الأمن الدولي، وقالت إن بريطانيا سوف تفتتح المزيد من السفارات في دول القارة الأفريقية، بما في ذلك تشاد والنيجر، وهى دول لديها صلة أقرب مع فرنسا بسبب ماضيها الاستعماري، ولكنها تواجه تهديدات من جانب جماعات إرهابية.
وقالت ماي: «سوف نستثمر في دول مثل مالي وتشاد والنيجر، التي تكافح الإرهاب في منطقة الساحل» وذلك في إشارة إلى المعركة ضد الجماعات المتطرفة مثل بوكو حرام.
وبدورها، عرضت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في مستهل جولتها الأفريقية التي بدأتها بالسنغال، أول من أمس (الأربعاء)، تقديم الدعم للدول الأفريقية الراغبة في تحقيق إصلاحات فيما يتعلق ببناء الاقتصاد والمزيد من الهجرة الشرعية مقابل تكثيف مكافحة مهربي المهاجرين. وقالت: «كما أننا بحاجة لثقة الشركات في الدول الأفريقية» يرافقها دعم من الحكومة الألمانية خلال تأمين الاستثمارات على سبيل المثال، حسبما أكدت ميركل عقب لقائها الرئيس السنغالي ماكي سال في العاصمة دكار.
وتناولت محادثاتها في العاصمة الغانية أكرا توسيع العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وسُبُل تحقيق الاستقرار في المنطقة، بالإضافة إلى قضايا الهجرة. وتقوم غانا من وجهة نظر برلين بدور مهم كمرساة للاستقرار في المنطقة. وشاركت ميركل في دائرة مستديرة نظمها رجال الأعمال الألمان ينتظر أن تناقش عدة قضايا من بينها مبادرة مجموعة العشرين للتعاون مع الدول الأفريقية.
ومن الممكن أن تتطرق مباحثات ميركل في غانا إلى سبل تحسين التعاون مع غانا فيما يتعلق باستعادة غانا طالبي اللجوء الذين رفضت طلبات لجوئهم حيث يعيش في ألمانيا حالياً 4200 مهاجر غاني يُنتظر ترحيلهم إلى بلادهم بعد رفض طلبات لجوئهم.
تصنف ألمانيا غانا منذ تسعينات القرن الماضي على أنها بلد منشأ آمن وفقا لقانون اللجوء في ألمانيا.
تعتزم ميركل زيارة نيجيريا، اليوم (الجمعة)، في ختام جولتها. ويبلغ عدد النيجيريين الذين تطالبهم السلطات الألمانية بمغادرة البلاد بعد أن ثبت لها عدم أحقيتهم في الحصول على اللجوء 8600 نيجيري، يُضاف إليهم أكثر من 20 ألف نيجيري تنظر الهيئة الألمانية لشؤون الهجرة واللاجئين في طعنهم على رفض طلبات لجوئهم.
وتتوقع الحكومة الألمانية أن يصبح معظم هؤلاء مطالبين بمغادرة البلاد خلال عام أو عامين. وتبلغ نسبة الطلبات المقبولة للاجئين النيجيريين في ألمانيا 15 في المائة. ووعد سال المستشارة ميركل بالتعاون مع حكومتها ضد الهجرة غير الشرعية. وقال إن مكافحة المهربين «قضية تخص كرامة أفريقيا»، مضيفاً أنه ينبغي ألا تصبح حكومات القارة الأفريقية متواطئة مع المهربين.
كما شدد الرئيس السنغالي على ضرورة أن يحظى الشباب الأفريقي بفرص في قارته.
وطالب سال أوروبا بألا ينتابها الخوف من المهاجرين وقال إنه من الضروري بالطبع السيطرة على «هذه الموجات الكبيرة» من المهاجرين واللاجئين، ولكنه أكد في الوقت ذاته أنه يعتقد أن «أوروبا لا تستطيع الاستمرار في عزلتها».