سوريون في المنفى… الأضحى بعيدا عن البيت والعائلة والأصحاب “لا طعم له”
يحمل العيد حنينا خاصا بالنسبة للمهجرين واللاجئين الذين أجبروا على مغادرة الأرض التي ولدوا ونشؤوا فيها. نيفين حوتري المتواجدة حاليا في الشمال السوري، وبشار وانلي الموجود في فرنسا، حدثا مهاجر نيوز عن طقوس أول عيد أضحى يقضونه في أرض اللجوء والنزوح.
لا تحب نيفين الاستسلام لمشاعر المرارة التي تسكنها منذ أن أصبحت نازحة مع أسرتها في مدينة أعزاز شمال سوريا، لذا عملت جهدها كي توفر لأطفالها كل ما باستطاعتها من أجل أن يشعروا بفرحة العيد التي كانت تعيشها هي عندما كانت طفلة في مدينة دوما بالغوطة الشرقية.
هذه السيدة التي هجرت قسريا مع الآلاف من سكان الغوطة في نهاية شهر آذار/ مارس الماضي، تقول إنها حرصت خلال وقفة العيد على اصطحاب طفليها، قصي ومايا، إلى السوق "لاقتناء ثياب جديدة وشراء مستلزمات العيد". وفي أول أيام الأضحى، أصرت على المحافظة على التقاليد بزيارة "الأهل والأصحاب". وفي ثاني أيام العيد، سافرت الأسرة الصغيرة للتعرف على مدينة "الباب" القريبة، والتنزه في حدائقها.
وتقول نيفين، التي تعمل منذ سنوات في مجال تمكين المرأة، إنها تأسف لأن ما حصل عليه طفليها في العيد غير متاح للكثير من الأطفال النازحين الذين يعيشون مع عائلاتهم في الخيام شمال سوريا.
أتظاهر بالسعادة من أجل الأطفال
وعند المقارنة بين طقوس العيد الحالية وبين ما عايشوه في السنوات الماضية خلال فترة الحصار على منطقة الغوطة الشرقية، أخبرتنا نيفين أن "النظام السوري كان يكثف من عمليات القصف على الغوطة خلال الأعياد"، لذا فالاستقرار الأمني في أعزاز بحد ذاته أمر جيد بالنسبة للأطفال، "خصوصا بالنسبة للصغيرة مايا التي ولدت في فترة الحصار وعاشت سنواتها الست على وقع عمليات القصف".
وتؤكد نيفين أنها تحاول "تمثيل دور السعادة من أجل الأطفال"، لكن الأسى يغالبها لأن "أول أيام الأضحى هذا العام، تزامن مع الذكرى الخامسة للهجوم الكيماوي على الغوطة" الذي وقع في 21 من آب/ أغسطس 2013 وأدى إلى مقتل مئات المدنيين اختناقا. وتضيف أن "مجرد التفكير بأولئك الضحايا أمر لا يحتمل، على الرغم من أننا في دوما لم نتأثر بالمواد الكيماوية بشكل مباشر".
خلال اشتداد معارك الغوطة في شهر آذار/ مارس الماضي، وقبل أيام من عمليات التهجير، كان لا بد لنيفين وأسرتها من التنقل من بلدة إلى أخرى هربا من القصف المستمر، وتتذكر اليوم أحد المباني المهجورة في بلدة زملكا، الجيران أخبروها أن "العائلة التي كانت تقطنه ماتت بأطفالها وشيوخها خلال الهجوم الكيماوي، ولم يتجرأ أحد على دخول المبنى بعد ذلك".
لابد من تقديم المعايدات لمواساة السوريين
البحث عن فرحة العيد هاجس أيضا بالنسبة لبشار وشام. هذان الزوجان الشابان هربا أيضا قبل نحو عام ونصف العام من مدينة دمشق بسبب مواقفهما السياسية المناهضة للنظام السوري، ويعيشان منذ ثمانية أشهر في مدينة ليون الفرنسية كطالبي لجوء.
بشار (26 عاما) اعتقل في سوريا، وخلفت عمليات التعذيب في السجون السورية حفرة في جمجمته من الخلف، قال لنا إنه أمضى صباح العيد يجرى اتصالات لمعايدة الأهل والأصدقاء في سوريا وخارجها. بالنسبة له تزامن اليوم الأول من العيد مع ذكرى الهجوم الكيماوي، "ليس أمرا يدعو للانكفاء، بل على العكس لا بد من معايدة السوريين من أجل مواساتهم في تلك الذكرى الأليمة".
أكثر ما يفتقده بشار الآن هو أجواء العيد في دمشق قبل اندلاع الثورة السورية، ويقول بحسرة "كنت أبيع الألبسة النسائية في منطقة مستشفى الطلياني في دمشق. كانت الأسواق تغص بالناس في الأيام التي تسبق العيد، جو احتفالي بالنسبة للباعة والزبائن. وصبيحة العيد كنا نذهب في مجموعات إلى حمام السوق للتكييس والتدليك [إجراءات لتنظيف البشرة يقوم بها مختصون داخل الحمام]. وبعد ذلك نتوجه إلى مطعم لتناول الفطور. ومن ثم يتوجه الجميع إلى المقابر لزيارة الموتى. من شدة السعادة كنا لا نعرف النوم على مدى 48 ساعة".
في بلد اللجوء بفرنسا لم يبق من احتفالية أول أيام العيد إلا طبق من حلوى السميد أعدته شام على الطريقة الدمشقية ودعت جارتها في السكن الاجتماعي لتذوقه. لكن السيدة التي كانت تعمل كمحامية مختصة في مجال الدفاع عن حقوق المعتقلين في سوريا ليست سعيدة بإمضاء العيد بعيدا عن عائلتها وتقول إن الأضحى في فرنسا "لا طعم له".
infomigrants