الفنان محمد بكري في حوار خاص مع “يورو تايمز” :أوراق الشجرة الفلسطينية مازالت خضراء
حاورته : د. اسيل العامري
فنان لم يغادر ارضه رغم كل الظلم الذي حاق به ، ابى على نفسه ان يواصل رسالته ويشعل الحرائق في صور الخذلان العربي والتامر الدولي على قضيته وقضية العرب الاولى فلسطين فأحدث مع كل فيلم له دويا هائلا في تحريك ولفت الانتباه الى فلسطين النكبة والاحتلال . حاربته السلطات العربية وأدارت مهرجاناتها ظهورها له فما اثناه ذلك عن مسيرته المتألقة في عالم السينما العالمية مخرجا وممثلا،،،انه الفنان محمد بكري الذي التقيناه في حديث ننقي فيه الأخضر من يباس الفن والثقافة العربية..
1. الفنان محمد بكري شاهدناه فبل عقد من السنوات بمدينة مالمو في مسرحية المتشاءل …هل مازلت متشائل ؟
– لم اكن في حياتي متشائلا. لان المتشائل هو الموت بصورة كاملة او توقف الابداع, ولن استسلم للامر الواقع ما دمت حياً.
2- مازل محفورا في ذاكرتي مشهد التفجير الذي يصاحبه صوت الاذان ( الله اكبر)في الفليم المهم (حنا . ك) هل تحول هذا المشهد بين الاسرائلين والفلسطينين الى مشهد مألوف بين العرب والعرب .. بين المسلمين والمسلمين مع مفارقة وجود الله اكبر ايضا!!؟
استخدم كوستا كفراس كلمة الله اكبر كجزء من الاذان بعد تفجير المنزل الفلسطيني كنوع من الاتجاج والرفض لفعل شنيع وهو ذات الاستخدام العربي للمفردة في حين اصبحنا نسمع (الله اكبر) لدى المتطرفين ينشدونها اثناء قيامهم بتنفيذ جرائمهم, انا لا احب ان اسمع هذه الكلمة الا في الاذان وبصوت جميل كصوت عبد الباسط عبد الصمد.
3- انت تدعو الى استخدام الفليم كسلاح في الدفاع عن الذات بدلا من العنف والمفخخات .. هل هذا ما اثار قوات الاحتلال عليك.. هل مازلنا ( كعرب) لانفهم اللعبة بعد ان اصبحنا اليوم في بحر الاعلام؟
– انا لم اقل ابدا اننا يجب ان نكافح فقط في السينما, بل يحق للانسان المظلوم ان يكافح بكل الوسائل المتاحة لديه دون قتل الابرياء, انا اؤمن كفنان ان السينما هي سلاح قوي جدا, لكن من العبث ان يختصر الفن بالسلاح, لانه اسمى من السلاح الذي يستخدم للقتل, بينما الفن يستخدم للحياة, واسرائيل تخاف هذا النوع من السلاح( الفن والاعلام) لانها مبنية اصلا على الاعلام الذي يستخدموه بطريقة ذكية جدا وشريرة جدا!!
4- يتهمك بعض النقاد العرب بانك تسهم بترسيخ الصورة النمطية عن العرب في السينما الاوربية وانك تردد رسالة السينما العالمية للعالم هي أن العربي يجب أن يموت، وهي نسخة مكررة لمقولة (جولدا مائير) "العربي الجيد هو العربي الميت", اين الصح واين الخطأ في هذه الاتهامات؟
– هذا اتهام كاذب حتما!! فاذا كان فيلم حنا كي يظهر العربي بصورة نمطية فان شخصية سليم البكري هي ابعد ما تكون عن تلك الصورة," كل ما يمكن للشخصية الانسانية من مميزات تظهر قي شخصية سليم بكري" واذا كانت هي المقصودة فانا معها, كما هي تماما صورة الاستاذ في فليم(برايفت) الاب والزوج الحنون والفيلسوف والمربي الصارم في ابعاد اولاده عن العنف السلبي, وانا مع هذه الصورة للاب اذا كانت نمطية.
5- ابو يافا وصالح وزياد ووائل .. هل تلك الاسماء ستكون اعمدة مدرسة محمد بكري الفنية وحاملين الراية التي طالما اراد الاحتلال نكسها؟
– انا اقولها الان بكل وثوق.. استطيع الموت وانا مرتاح.. نعم الذي خلف لم يمت.. فابني صالح يتصدر اليوم السينما العالمية في مهرجانات مهمة وكذلك ابني ادم يقوم ببطولة فليم عمر الذي سيعرض قريبا وابني زياد يدرس السينما الان, ويافا المطربة التي تغني من الروح للروح.. لذلك ساكون مطمئنا في نومي لانهم يحملون المشاعل وينيرون بها الطريق.
6- السينما العربية تراوح مكانها وتستسلم للتجارب الفردية .. بعد تجربتك العالمية المهمة كيف تفسر النكوص السينمائي العربي؟
– النكوص هو ظاهرة مجتمعية اكثر منها ظاهرة سينمائية, فالابتعاد عن الله لابالمعنى الديني بل بالمعنى الاخلاقي, الابتعاد عن العقل والاسرة وعن الأرض والوطن وعن كل ما هون روحاني, كل ذلك يؤدي الى نوع من النكوص, هناك نوع من التقهقر الى الوراء بسبب العولمة والحداثة والانترنيت, فمشهد اسرة جميع أفرادها يمسكون الاي باد والايفون لا يتكلمون من بعضهم داخل غرفة واحدة مشهد مرعب حقا!! انه نهاية فكرة الجماعة على حساب الفرداو فكرة الأسرة غير المهمة على حساب الفرد المهم!! تعم هناك ارتداد معرفي عربي في القراءة والطباعة وغيرها واعتقد ان العدو الأول للسينما هو الانترنيت الذي يمكنك الن تشاهد من خلاله أي فليم خارج سياقات متعة المشاهدة الحقيقية داخل الصالة السينمائية والجمهور الذي يملائها.
7- هل انتمائك للحزب الشيوعي يفسر ( دوران الانظمة العربية) ظهرها لمحمد بكري رغم عالميته المهمة ام لاسباب اخرى؟
– انا لا احمل علم الشيوعية على ظهري وادور به وانما احمل قيم المساواة التي ينبغي ان يعيشها الانسان في كل مكان, لا احب كلمة الغني والفقير, احب كلمة الانسان الحر, واذا كان هناك اهمال او تقصير في تطبيق النظرية الاشتراكية فلا يعني ان اترك مبدأي, رغم اني لا استخدم الشعارات ابداً.
8- هل طمر ما يسمى( الربيع العربي ) اوراق الشجرة الفلسطينية الخضراء؟
لا لم يطمر الربيع العربي أوراق الشجرة الفلسطينية الخضراء، لكنه أثر عليها.. فلو كان ربيعاً حقيقياً لاخضرت أوراق الشجرة الفلسطينية أكثر… نعم لن تسقط أوراق الشجرة الفلسطينية ، آمل ذلك. فأمامنا عدو عاتٍ جداً لا تستطيع أن تساومه وهو لا يريد السلام، يريد أن يأكل كل شيء. يتحدث عن السلام ومازال يحتل الأرض! ومازال آلاف السجناء الفلسطينيين في سجونه ومازال يرفض حق العودة الفلسطيني ومازال يشن الحرب علينا وهو يتحدث عن السلام!! وأمامنا عالم عربي مفكك ومجزئ ومقسم، ومازالت الشعوب العربية تدفع ثمناً فادحاً لهذا الربيع غير الحقيقي. لقد سرقت الثورة من أصحابها الحقيقيين ومن قبل جماعات مرتزقة ومشبوهة ومدفوعة ومدفوع لها أيضاَ، ونحن في وضع صعب جداً… لكننا لن نفقد الأمل وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح.
- بعض البلدان العربية تقيم مهرجانات سينمائية (عالمية) رغم انها لا تمثل فناً سينمائياً فيها… كيف تفسر هذه الظاهرة؟
– أنا سعيد من ناحية وجود مهرجانات دولية كبيرة ولكني أتساءل عن الملايين التي تصرف على مجيء سينمائي ليراه العالم وكم فليماً يمكن أن ننتج بتلك الملايين؟ 4 إلى 5 أفلام سينمائية كبيرة يمكن أن ننتج بتلك الملايين. أنا شخصياً لا أفضل المشاركة في مهرجانات كبيرة وأفضل مهرجانات أخرى ليس فيها نجوم كبار " روبرت دي نيرو، آل باتشينو, وأفضل مهرجانات ألتقي بها بنجوم محليين من الوطن العربي وأرى أفلامهم..
اخيراً أتأمل أن يعود كل الغائبين إلى أوطانهم، اليوم أو هذه الليلة إلى بلدانهم دون أن يحاكموا وأن نصل يوما إلى بر الأمان.