آراء

د. عبدالرزاق محمد الدليمي: المقاومة العراقية رد الشعب ضد الاحتلال

منذ ان تركت بلدي العراق منذ احتلاله في 2003 مضطرا بعد عدة محاولات لاغتيالي انصب اهتمامي الاطلاع على تجارب الشعوب واحزابها الثورية التي احتلت بلدانها وكيف واجهت الاحتلال البغيض ….وحقيقة لم اجد في قراءآتي الطويله منذ اب 2003 حتى 2009 تجربة يمكن ان استقي منها بعض العبر والدروس واساليب العمل المطلوبة للاستفادة منها في نضالنا كعراقيين ضد الاحتلال الامريكي البريطاني الصفوي …بما في ذلك دراسة معمقة للتجربة الفيتنامية وكانت الابرز في قربها من واقع العراق بعد احتلاله…..واكتشفت ان نضال الشعب الفيتنامي المشرف ونجاحه في دحر الاحتلال الامريكي (من وجهة نظري) اعتمد على جملة من العناصر:

الاول :ان من قادوا حرب التحرير قدموا قضيتهم ومصلحة بلدهم على كل الاهداف والمصالح الاخرى ووضعوا كل خلافاتهم على الرفوف وتوجهوا للعيش بزهد بعيدا عن الامتيازات وجبروت السلطة وصلاحياتها فأندمجوا مع بقية المناضلين لايميزون احدهم عن الاخرين الا بمدى ايمانه وعطائه وتضحياته من اجل تحرير بلدهم .

الثاني: في فترة المقاومة الفيتنامية كانت قيادة العالم متعددة وربما ابرز تلك القيادات وجود الاتحاد السوفيتي ومعه اوربا الشرقية والصين الناهضة ودول عدم الانحياز اضافة الى الولايات المتحدة الامريكية ومعها ذيولها في اوربا الغربية.. وكان مبدأ الحرب بالنيابة والحرب الباردة هما من ابرز سمات وخصائص تلك المرحلة لذلك عندما تريد امريكا ان تصفع السوفيت تقوي شوكت خصومه وتدعمهم كما حدث لاحقا في الثمانينات عندما اسهم الدعم العسكري الامريكي في تعجيل خروج السوفيت من افغانستان (امريكا ردت الصاع السوفيتي لها في فيتنام عندما اجبرت السوفيت على ترك افغانستان على عجل تجر ذيول الهزيمة)..
اخبرني احد الاخوة من ثوار فلسطين انه سمع من رئيس جهاز الKGB في محاضرة القاها عليهم ضمن دورة تطويرية نظمت للقيادات الفلسطينية انذاك اي فترة حرب التحرير الفيتنامية والكلام منقول عن رئيس المخابرات ان الاتحاد السوفيتي كان يبعث يوميا 67 قطارا مملوءا بالسلاح والعتاد والتجهيزات المختلفة في حين وفرت الصين اكثر من نصف مليون عامل صيني مدرب لازالة وتنظيف المدن الفيتنامية من مخلفات قصف الطيران الامريكي عدا ما كانت تبعثة لاوس وكمبوديا ووووو…وهذه كلها لم تتوفر لدينا سيما ان اغلب دول الجوار كانت داعمة للاحتلال ومساهمة فيه بل ان القوات الغازية دخلت الى الاراضي العراقية من جهة ايران والكويت وغيرهما!!
كذلك فأن وجود الاتحاد السوفيتي والصين كأعضاء دائميين في مجلس الامن وفر الغطاء الدولي في عدم انفراد امريكا بالقرارات الدولية وهذا لم يكن متاح بالقضية العراقية.

الثالث:طبيعة التضاريس ووجود الغابات الكثيفة وفرت فرص للمقاومة الفيتنامية كما ان وجود دولة في الجزء الشمالي من فيتنام وفر الارضية المناسبة لخوض حرب التحرير …وهناك عناصر اخرى لن اتطرق اليها لاني تقصدت التركيز على العناصر الثلاث اعلاه

منذ احتلال بلدنا في التاسع من نيسان 2003 من قبل التحالف الامريكي البريطاني الفارسي الصهيوني يواجه الشعب العراقي كثير من المخاضات الأمنية والنزاعات الطائفية والعسكرية طيلة العقدين الماضيين من الاحتلال الأميركي وكان قدر العراقيين الشرفاء مواجهة قوات الأحتلال ايا كانت خلفيتها وجنسيتها منذ ان وطأت اقدامهم القذرة ارض العراق الطاهرة بمعنى ان الجيش العراقي والقوات السانده له بدأت في حرب المقاومة حتى قبل دخولهم العاصمة بغداد حيث تم تحويل تشكيلات بعينها الى مجاميع صغيرة استهدفت القوات الغازية وتصاعدت حدة المقاومة البطلة بعد احتلال بغداد..ولان المقاومة استطاعت ان تفرض اسلوبها ونمطها وهيمنتها على ساحات القتال ووضعت امام قوات الاحتلال امام خيارات صعبة الى درجة انهم كانوا يفكرون جديا بالانسحاب المذل واعلان خسارتهم وهنا بدأت عمليات استهدافها بشتى المؤامرات التي جمعت كل من وجد بالاحتلال فرص لتحقيق مآربه الرخيصة ومنهم الاذلاء الذين جاؤا خلف دبابات الاحتلال فبدؤا بتشوية صورة المقاومة من خلال نشر اخبار كاذبة واشاعات مضللة للاساءة لسمعة المقاومين ومنها ايضا نسب اعمال وفديوات مفبركة من قبل نظام ملالي طهران وذيولهم ناهيك عما قامت به المخابرات الامريكية والبريطانية بهذا الاتجاه …ولغرض تعتيم الدور القيادي الفعال والمتميز للمقاومة العراقية كلفت جهات بأفتعال الازمات والحروب والاغتيالات والقتل على الهوية بما عرف بالحرب الطائفية التي كانت في حقيقة الامر مواجهة بين عملاء طهران وبين الشعب وتم تفجير عملاء الملالي لمراقد سامراء وتم توجيه التهمة الى المقاومة الشريفة التي كانت تستهدف قوات الاحتلال ولا غيرها.
الشيئ المحزن والمخزي اننا بدأنا نسمع بعد قرار امريكا بمسرحية ألانسحاب التكتيكي 2011 ان عملاء طهران يدعون كذبا وافتراءا انهم هم من قاوم الاحتلال واجبره على اتخاذ هذا القرار ونسوا لوهلة انهم لولا الاحتلال ما وصلوا الى سدة السلطة وتمكنوا من تسهيل مهمة الاحتلال في تدمير العراق وسبي اهله وسرقة ثرواته وتحويله الى ضيعة خلفية لنظام ملالي طهران …نعم نحن لم ولن نستغرب من هكذا ادعاءات طالما من من يطلقها سبق ان باع نفسه وعرضه واهله الى الاحتلالين الامريكي والفارسي ولا اقول بلده لانهم نكرة على العراق ولا يشرف العراق واهله ان يحسب هؤلاء عليه .
ان التاريخ بوقائعه الحقيقية يسجل ان المقاومة العراقية واجهت كل انواع الاحتلال ونذرت نفسها لمقاتلة الاحتلال وفي البداية لم تتصدى للجماعات التي جاءت من ايران (واظن كان قرارا ليس حكيما) التي كانت أهدافها فعلياً موجهة دائماً نحو فصائل المقاومة في العراق وكذلك تنفيذ المخطط الفارسي الصهيوني بأستهداف العلماء والطيارين وقادة الجيش العراقي الباسل وكل الرموز والواجهات الوطنية العراقية التي قارعت الاحتلال او وقفت ضده وقبلهم واجهت العدوان الفارسي الصفوي في حرب الثمان سنوات.
لقد كان ولايزال الفضل الاول والاخير لبطال المقاومة العراقية الشريفة في فرض ارادتها على القوات الأميركية وحليفاتها المتواجدة في العراق الامر الذي دفع بهم وبالتعاون مع نظام الملالي وذيوله من زج التنظيمات الاخرى التي كانت مدعومة من طهران الى التآمر على المقاومة وابطالها بسلسلة من العمليات المدبرة وبدل ان تبقى المقاومة تواجة قوات الاحتلال فتحت عليها جبهات اخرى وبحجة تلك الجبهات اخترعوا ماسمي بالصحوة التي استغلوها للاسف ابشع استغلال ثم تمت تصفيتها بسهوله لانها كانت مسرحية فاشلة بأمتياز وأمر دبر بليلة ظلماء…ووو
ان المقاومة العراقية كانت وستبقى شمس مشعه بنورها الساطع لاتخفي حقيقتها غرابيل الاحتلال وذيوله في سلطة العراق المحتل،وان حكمت الظروف الداخلية والخارجية على ان تتعامل معها قيادات المقاومة بحكمة وروية فهذا لايعني ان صفحات المقاومة قد تراجعت او انتهت بل ان لكل حادث حديث ولكل مرحلة خططها ومتطلباتها فعيون الشعب العراقي تبقى تترقب هذه المقاومة العظيمة التي لم يشهد التاريخ مثلها لا في فيتنام ولا كوريا ولا ولا …أن النضال الشعبي والمزاج العام في العراق بغالبيته يعتبر أن المقاومة ركيزة أساسية في مواجهة الاحتلال الأميركي والتنظيمات المليشياوية الإرهابية التي شكلت وما زالت تشكل خطراً وجودياً وأمنياً وعسكرياً.

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى