الدنمارك ستخصص 20 ألف دولار لكل لاجئ يعود إلى سورية
ورغم تحذيرات أطلقتها منظمات حقوقية ودولية، بما فيها الأمم المتحدة، بخصوص عودة اللاجئين، على اعتبار أن الأوضاع في سورية غير آمنة، فإنّ حزب "الشعب" دفع لتعديل، كشرط لمنح أصواته البرلمانية لمصلحة مشروع الموازنة يوم 19 ديسمبر/كانون الأول الحالي، بعنوان "المساعدة في العودة إلى الوطن".
ويشمل التعديل أغلب السوريين من اللاجئين بصفة مؤقتة وتمدّد إقامتهم دورياً، والقادمين في إطار لمّ الشمل. في حين أن قوانين العودة السابقة، بحسب وزارة الهجرة والدمج و"مجلس اللاجئين"، كانت تشمل "العودة الطوعية للحاصلين على إقامة دائمة بصفة لاجئين، ومن التحق بلمّ الشمل أو بعد 5 سنوات هجرة".
خطوة للتحفيز على المغادرة
ووفق التعديل الجديد، يتمكن الواصلون إلى الدنمارك منذ ثلاث أو أربع سنوات، ولو حصلوا على إقامة سنوية قابلة للتجديد، من نيل كل من بلغ 18 عاماً مبلغا قدره 133866 ألف كرونة. ويفضل حزب "الشعب" دفع مبالغ مالية كبيرة لمرة واحدة للاجئين العائدين على استمرار إقامتهم في البلاد، متذرعا بالتكاليف المالية الكبيرة، مع اعتقاده بـ"استحالة دمجهم في المجتمع"، ضمن مواقفه النقدية والصارمة في مسألة الأجانب في الدنمارك.
ويعتبر القيادي في "الشعب"، ومقرر لجنة شؤون الهجرة والدمج في البرلمان عنه، مارتن هنريكسن، أن التعديل "خطوة في الاتجاه الصحيح، ويشمل هؤلاء الذين يعتبرون غير مناسبين للمجتمع (الدنماركي)، فالوضع الحالي يخلق الكثير من الإحباطات عند اللاجئين، وعلينا أن نشجع هؤلاء الناس على العودة إلى دولهم مرة أخرى".
ولم يخفِ هذا الحزب، وساسة يمين الوسط، يوماً أن تشديد القوانين منذ 2015 والتي طاولت اللاجئين السوريين، هدفها منع إقامتهم الدائمة. كما جاء تخفيض الإعانات وإعاقة الاندماج التام وجعل مسألة لمّ شمل الأسر تأخذ سنوات في سياق اتفاق برلماني بين حكومة ائتلاف يمين الوسط و"الشعب" المشكل لقاعدة برلمانية له. وظل الطرفان، خصوصا وزيرة الهجرة إنغا ستويبرغ، يردّدان أن "تشديد القوانين في الدنمارك يهدف إلى جعل البلد أقل جاذبية للهجرة واللجوء إليه".
وتُبرز وسائل الإعلام الدنماركية، اليوم السبت، قول مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، إنه من بين 5 ملايين لاجئ سوري في الجوار لم يعد سوى 40 ألفا. ورغم اعتبار المؤسسات الدولية سورية "غير آمنة" لعودة اللاجئين، يرى هنريكسن أن "لا مشكلة أخلاقية في منح المال لإرجاعهم إلى بلدهم".
يسار الوسط المعارض، في الحزب الاجتماعي الديمقراطي، رأى في الخطوة "تحركا مهما، فإذا رغب الناس في العودة إلى وطنهم لإعادة بناء قراهم ومدنهم وبيوتهم، فنعتقد أنه يجب أن تمنحهم دولتنا (الدنمارك) النقود للتذكرة ومبلغ إعادة التأسيس، فهي أفضل مساعدة من سياسة المساعدات الخارجية (والتي تقل اليوم عن 1 في المائة من الناتج القومي، بعد أن قلّصها اليمين المتشدد، الذي تخصصه الدنمارك لدول نامية)"، بحسب ما يعقّب مقرر شؤون الهجرة في الحزب، ماتيا تسفايا.
سجال عن الطوعية والصدمة بالواقع
مجلس اللاجئين الدنماركي من ناحيته يعتبر الخطوة "صعبة الموازنة بين مكافآت مالية للعائدين، وعدم أمان البلد الذي يرجعون إليه". وترى مديرة اللجوء في المجلس، إيفا سنغر، أنه "من ناحية يجب مساعدة الناس الراغبين في العودة إلى بلدهم، لكن يجب أن ننظر بجدية أيضاً إلى أين يعودون في بلد غير آمن، وهذه مشكلة تبرز في حالة سورية والسوريين. وفي الواقع سيصبح السؤال الأكبر في تطبيق سياسة اللجوء هذه: هل فعلا يعود هؤلاء طوعا؟".
وذكرت قناة "دي آر" الرسمية، اليوم، أن "تقارير منظمات دولية متخصصة تفيد بأن 100 إنسان يُقتلون شهريا في المتوسط في سورية". وبحسب مراسل التلفزيون في سورية ميكال لوند، فإن "الحرب الأهلية في سورية لم تنته، رغم أن الأشهر الماضية شهدت هدوءا في الجبهات، لكن يجب تذكّر أن 100 إنسان يُقتلون شهريا". وتبرز وسائل الإعلام الدنماركية وصحافتها وضع بعض اللاجئين السوريين في الدنمارك بصفة مؤقتة، وأن "هؤلاء يعانون كثيرا من تعارض الواقع الدنماركي مع أحلامهم".
وتناول التلفزيون الدنماركي قصة الطبيب إدريس حسين عبدالله، القادم من حلب، وزوجته المدرّسة، واللذين يعملان الآن في دكان صغير افتتحاه منذ فترة، بعد 4 سنوات من الإقامة.
وذكر أنه "من هؤلاء الذين لم تشملهم مساعدة العودة سابقا، ولكن بعد التعديل الجديد سيمكنه العودة مع أسرته". لكن هذا الطبيب، الذي أبدى منذ عام رغبته في العودة "بعد الصدمة بالواقع والعنصرية، أفكر في العودة بعد شهر أو سنة، ولكن كلما مر وقت طويل أصبح صعبا مع اندماج الأطفال وعدم رغبتهم في العودة (بين 6 و17 عاماً)".
ورغم رغبته في العودة إلى ممارسة الطب في بلده سورية، يذكر عبد الله للتلفزيون الدنماركي أن والديه "يقولان لي لا تعد الآن؛ فداعش ستقتلك". وقصة عبد الله تشبه غيرها ممن حضروا ولم تتطابق أحلامهم مع الواقع الدنماركي المتشدد منذ ثلاث سنوات، ويعمل كثيرون اليوم خارج مؤهلاتهم العلمية لأسباب كثيرة ومعقدة في البلد
.
ر.خ.alaraby