ألمانيا بصدد ترحيل «رجل الزرقاوي» إلى الأردن
تبذل سلطات ولاية الراين الشمالي فيستفاليا كل جهودها من أجل تذليل كافة العواقب التي تحول دون ترحيل «رجل الزرقاوي» الأول من ألمانيا إلى بلده. أكد ذلك متحدث باسم وزارة داخلية الولاية لصحيفة «اكسبريس» الواسعة الانتشار يوم أمس (الخميس). وكان عدم توفر أوراق ثبوتية للمدعو محمد أبو ديس (52 سنة)، والخشية من تعرضه إلى عقوبة الإعدام في الأردن، وكذلك رفض السلطات الأردنية تسلمه، من أهم مسببات تردد السلطات في ترحيل الأردني – الفلسطيني إلى عمان.
ومعروف أن المحكمة الاتحادية أجازت قبل أشهر ترحيل المشتبه فيهم بالإرهاب الذين لا يحملون الجنسية الألمانية أو الذين يحتفظون بجنسية أخرى إضافة إلى الألمانية. وتسعى السلطات الألمانية مع الدول التي وفد منها المشتبه فيهم من أجل ضمان عدم تعرض المتهمين إلى سوء المعاملة أو عقوبة الإعدام.
تم اعتقال محمد أبو ديس في حملة اعتقالات ضد أعضاء منظمة التوحيد في أبريل (نيسان) 2002 شملت 21 هدفاً في عدة مدن ألمانية. وتمخضت الحملة عن اعتقال 13 شخصاً، كلهم من العرب، وتم إطلاق سراح معظمهم لعدم كافية الأدلة عدا عن أربعة متهمين شكلوا «خلية التوحيد» التي خططت لأعمال إرهابية في ألمانيا. وأصدرت محكمة دسلدورف العليا سنة 2005 أحكاماً بالسجن تتراوح بين 5 – 8 سنوات بحق الشبان الأربعة أعضاء «خلية التوحيد» المحظورة خططوا لمهاجمة أهداف يهودية في ألمانيا بالقنابل. واعتبر القاضي اوتمار برايدلنغ قرار الحكم آنذاك إدانة للإرهابي أبو مصعب الزرقاوي، الذي يعتبر الأب الروحي لمنظمة «التوحيد»، وقال بأن الزرقاوي «كان جالساً في واقع الحال بين المتهمين» في قاعة المحكمة. وتحول احتجاج المتهمين الأربعة، لحظة قراءة الحكم، إلى حالة «عربدة» رفعوا فيها عقيرتهم بالصراخ والشتم. ونجح أشرف الدغما خلالها في الخروج من القاعة، في محاولة يائسة للهرب، قبل أن يصرعه أرضاً 4 حراس. واضطر القاضي إلى رفع الجلسة مؤقتاً ريثما تهدأ الفوضى وتعود الأمور إلى نصابها. وذكر القاضي في قراره أن تهمتي العمل في منظمة محظورة، هي منظمة التوحيد، والتحضير لعمليات إرهابية في ألمانيا قد ثبتت على ثلاثة من المتهمين، وهم الأردني – الفلسطيني محمد أبو ديس (41 سنة آنذاك)، والفلسطيني إسماعيل عبد الله سبيتان شلبي (32 سنة)، والفلسطيني أشرف الدغما (34 سنة). ونال أبو ديس، المعروف أيضاً بـ«أبي علي» و«يسار حسن»، حكماً بالسجن لمدة 8 سنوات باعتباره الرأس المدبر للعمليات ورجل الصلة مع أبو مصعب الزرقاوي. أما المتهم الرابع، وهو الجزائري جمال مصطفى (32 سنة)، فقد نال حكماً بالسجن لمدة 5 سنوات بعد أن اعترف بتدبيره مسدساً كاتماً للصوت وصندوقاَ مليئاً بالقنابل اليدوية للخلية. وكانت الخلية، لحظة اعتقال أفرادها، في طور التحضير لعمليات بالقنابل ضد مركز يهودي في العاصمة برلين وضد مرقص ومقهى يرتادهما اليهود بدسلدورف. والتقطت المخابرات الألمانية مكالمات لمحمد أبو ديس مع من يعتقد أنه الزرقاوي جرى فيها الحديث عن «العرس» ببرلين ودسلدورف. وانتقد القاضي برادلنغ آنذاك سلطات ولاية الراين الشمالي على تساهلها في مراقبة أبو ديس رغم سجله الحافل بالجنايات لدى الشرطة. ودعا القاضي السلطات إلى ترحيل المتهم حال إنهاء فترة حكمه.
وصدرت الأحكام في قضية «خلية التوحيد» بعد 130 جلسة في محكمة دسلدورف الخاصة بمحاكمة الإرهابيين، واستمرت 20 شهراً واستمع فيها القاضي إلى إفادات 60 شاهداً.
أطلق سراح أبو ديس في سنة 2010. ويعيش حالياً في حي مولهايم في مدينة كولون وعليه تسجيل حضوره يومياً أمام الشرطة بعد أن تم إدراج اسمه في قائمة «الخطرين». وذكر المتحدث لصحيفة اكسبريس أن الرجل يتلقى مساعدات نقدية تبلغ 41 يورو في الشهر مع 16 بطاقة قيمة كل منها 10 يوروات لشراء المواد الغذائية من محلات «آلدي» المعروفة. وذكرت مجلة «فوكوس» المعروفة أن أبو ديس يكرر أنه سيتعرض إلى الإعدام في حالة تسليمه إلى الأردن. ويفضل أبو ديس الرحيل إلى قطر، بحسب معلومات المجلة، لكنه يدعي أن السلطات الألمانية لا تسمح له بذلك. إلى ذلك اندلع جدل واسع في ألمانيا بسبب حزمة من القرارات الجديدة التي تستعد ولاية الراين الشمالي فيستفاليا لإقرارها في البرلمان المحلي وتطلق أيدي رجال القانون في مجال مكافحة الجريمة والإرهاب.
ويتركز الجدل حول القانون الذي يتيح الاعتقال عند وجود الشبهات فقط والقانون الذي يبيح الاعتقال الاحترازي لمدة 48 ساعة للمتهمين بالإرهاب. وتعرضت القوانين الجديدة إلى انتقاد شديد من قبل منظمة العفو الدولية التي اعتبرت القانونين تعميماً للشبهات على جميع المواطنين. كما شاركت المعارضة اليسارية والمنظمات الإنسانية الأخرى في نقد القوانين التي تعد لها حكومة التحالف بين المحافظين والليبراليين في الولاية.