آراء

بلومبرغ: التحدي الأكبر لماكرون… رأب الصدع في فرنسا

تعليقاً على فوز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بولاية ثانية، كتبت آنيا نوسبوم وسامي أدغيريني في موقع بلومبرغ الأمريكي، أن ماكرون حقق انتصاراً آخر، بعدما أقنع الرأي العام الفرنسي، بأن رؤيته المؤيدة للشركات ولأوروبا يمكن أن تصب في مصلحته، وتتغلب على القومية المتطرفة مارين لوبان في انتخابات الأحد الماضي.

وبينما احتشد الناخبون ليفوضوا للوسطي الشاب، 44 عاماً، ولاية ثانية، فإن كثيرين دعموه لاستبعاد لوبان، أكثر من الحماسة لمشروعه. إن هامش فوزه بـ 58.5% مقابل 41.5% بالكاد يكون نصف ما كان عليه الأمر في 2017.

وقال ماكرون في احتفال أمام برج إيفيل إن “الكثير من مواطنينا صوتوا لي اليوم، ليس لدعم الأفكار التي أمثلها، وإنما للوقوف في وجه أقصى اليمين”.

احتجاجات ووباء
وأتى الرئيس إلى السلطة واعداً بثورة في ثاني أكبر اقتصاد أوروبي. لكن في سنته الأولى، أبطئ اندفاعه للإصلاح بسبب احتجاجات، ثم توقف نهائياً بعد انتشار وباء كورونا. وكان ثمة المزيد من الاستياء في البلاد في نهاية ولايته أكثر مما كان في مستهلها.

وقال ماكرون إن “الأعوام الخمسة الجديدة، لن تكون استمراراً الخمسة الماضية”.

وينقسم الرأي العام حول ماكرون. إذ يوافقه نصف الفرنسيين على طريقة معالجته للاقتصاد أثناء الوباء، ويؤيدون جهوده لإنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا. وكانت نسبة تأييده في مارس (آذار) 51%. لكنه عند كثير من الفرنسيين، متعجرف ومنفصل عن الواقع.

وتحول الانتباه سريعاً إلى الانتخابات التشريعية في يونيو (حزيران)، عندما سيدافع ماكرون عن الغالبية البرلمانية التي يحتاجها لدعم برنامجه. ووضعت النتائج الرئيس في موقع قوي نسبياً، رغم أنه سيكون في حاجة إلى تحالفات مع أحزاب أخرى، بينما حضت لوبان داعميها على الاستمرار في حملتهم قبل الانتخابات.

وقبل أن تردد مع أنصارها النشيد الوطني الفرنسي ليل الأحد، اعتبرت لوبان أن “النتائج تمثل نصراً مدهشاً، الملايين صوتوا للمعسكر الوطني من أجل التغيير”.

رأب الصدع
ولعل التحدي الأبرز الذي سيواجهه ماكرون يتمثل في رأب الصدع في البلاد، وتوفير دعم لخططه لتكون فرنسا أكثر تنافسية بإعادة هيكلة السياسات الإجتماعية مثل التعويضات، وتحسين الركائز الاقتصادية.

ويقدر المصرف المركزي الفرنسي أن نمو الإقتصاد الفرنسي هو أقل الآن مما كان عليه إبان رئاسة فرنسوا هولاند.

وقالت وزيرة البيئة باربرا بومبيلي: “علينا البناء مع الجميع، دون أن ندع أحداً جانباً، وأن نبني مجتمعاً حيث يمكن للناس أن يعيشوا على نحوٍ أفضل وأن يتنفسوا على نحوٍ أفضل، لا يزال لدينا يمين متطرف قوي. ونسبة عالية من الممتنعين عن الاقتراع. يمكننا فعل ذلك بالتفكير أكثر في كيفية توحيد المواطنين”.

وكان رد الفعل على النتائج أكثر حماسة لدى حلفاء فرنسا الأوروبيين، إذ كانوا قلقين من احتمال فوز لوبن القومية المتعاطفة منذ وقت طويل مع روسيا، وأن تتولى السلطة وقت يواجه الإتحاد الأوروبي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب الحرب في أوكرانيا.

خطوة غير معتادة

واتخذت ألمانيا، وإسبانيا، والبرتغال خطوة غير معتادة، عندما تدخلت في شؤون دولة أخرى، بدعوتها الناخبين الفرنسيين، في مقال مشترك نشر بصحف عدة، إلى رفض دعم لوبان، وقالت إنها “تقف علناً مع الذين يهاجمون حريتنا وديموقراطيتنا”.

إن التركيز الأساسي للرئيس ماكرون ليل الأحد كان على هواجسه الداخلية. إن الحملة الانتخابية دفعت فرنسا إلى مياه مضطربة، وقسمت المشهد السياسي إلى ثلاث قوى، ماكرون في الوسط، وأقصى اليسار بقيادة جان لوك ميلانشون، وأقصى اليمين، الذي كانت تجد لوبان في بعض الأوقات، صعوبة في السيطرة عليه.

24

زر الذهاب إلى الأعلى