رياضة

مباراة حياة أو موت.. ألمانيا تواجه إسبانيا بذكريات كابوس السداسية

تخوض ألمانيا مباراة “حياة أو موت” بمواجهة إسبانيا، الأحد، على استاد البيت في الخور لتعويض صدمة الخسارة أمام اليابان، حيث يتوجب على الحارس مانويل نوير ورفاقه تقديم أفضل ما لديهم لإسقاط “لا روخا” الساحرة، في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الخامسة لمونديال قطر في كرة القدم.

واستهل المنتخبان العرس الكروي بظروف مغايرة، فبينما كانت ألمانيا، حاملة اللقب أربع مرات، تسقط من عليائها بخسارة تاريخية أمام اليابان رغم تقدّمها بهدف إيلكاي غوندوغان من ركلة جزاء (1-2)، حققت اسبانيا بعد 3 ساعات فوزا تاريخيا هو الأكبر لها في نهائيات كأس العالم بسباعية نظيفة أمام كوستاريكا.

والفوز يؤهل إسبانيا بحال فشل كوستاريكا في التغلب على اليابان، ويؤهل اليابان بحال فشل ألمانيا في الانتصار على إسبانيا، وبحال خسارة ألمانيا، ستقصى بحال فشل كوستاريكا بالفوز على اليابان.

وتأمل ألمانيا الجريحة في نفض غبار كابوس اليابان وقبله مونديال روسيا 2018 عندما ودّعت بخفَّي حُنين دور المجموعات إثر خسارتها أمام كوريا الجنوبية، وبعده دوري الأمم الأوروبية وخسارتها القاسية أمام اسبانيا 6-صفر عام 2020.

وتدرك ألمانيا هول الضغوطات على كاهليها قبل قمة هذه المجموعة في فوز حاسم ينعش آمالها بالتأهل إلى ثمن النهائي في حين ستكون الخسارة الضربة القاضية لآمالها، ولكن رغم تراجع أداء “دي مانشافت” في الفترة الاخيرة، إلا أن خط الهجوم الشاب بقيادة كاي هافرتس قادر على فك شيفرة الدفاع الاسباني.

ولكن يبقى السؤال الأهم: هل بإمكان ألمانيا التعالي على جراحها ووضع خسارة اليابان خلف ظهرها، وهي التي اعتادت على الوصول إلى أبعد المراحل في البطولات الكبرى، وهي الوحيدة توزّعت ألقابها في المونديال في الخمسينات، السبعينات، التسعينات والألفية الثالثة.

وعبّر المهاجم المخضرم توماس مولر عن فداحة الخسارة أمام اليابان، قائلا “هذا الأمر لا يمكن أن يحصل لنا. من السخيف أن نقف الآن هنا وقد تعرضنا للهزيمة”.

وقبل انطلاق المباراة، كمّ لاعبو ألمانيا أفواههم خلال الصورة الرسمية، احتجاجا على رفض الاتحاد الدولي (فيفا) السماح لهم بارتداء شارات لدعم المثليين.

وهدّد مدرب المنتخب الألماني هانزي فليك لاعبيه الأساسيين أن أيا منهم ليس ضامنا مركزه، ولدى سؤاله عما إذا كان يوزوا كيميش سيلعب أساسيا في الدفاع، أكد أن أولويته محصورة باختيار “أفضل” 11 لاعبا للمباراة التي سيخوضها “الإسبان بنفس الطريقة”، كما وعد نظيره الإسباني لويس إنريكي بعد الفوز الكاسح على كوستاريكا.

وتابع في مؤتمر صحافي، الخميس، “يجب أن تفهموا أننا نناقش كل مسألة تتعلق بالأشخاص وكل مركز. نقوم بذلك قبل كل مباراة. مهمتنا كطاقم تدريبي هي تشكيل أفضل فريق ممكن”.

وقبل الخروج من مونديال روسيا 2018 وتنازلها عن اللقب بخروجها من الدور الأول، ذهبت ألمانيا أقله حتى الدور نصف النهائي في جميع النسخ التي خاضتها منذ 2002، لكنها تواجه الآن خطر السقوط عند الحاجز الأول للمرة الثالثة فقط في تاريخها، بعد 1938 و2018.

ووجهت الانتقادات لفليك بسبب خياراته، لاسيما إشراكه قلب دفاع بوروسيا دورتموند نيكلاس زوله الذي أفشل مصيدة التسلل وسمح لتاكوما أسانو في تسجيل هدف الفوز لليابان، في مركز الظهير الأيمن.

لكن فليك رأى أن المشكلة الأساسية كانت عدم النجاعة أمام المرمى الياباني، قائلا “عندما تحصل على فرصتين خطيرتين أو ثلاث، عليك أن تحسم المباراة (..) افتقدنا إلى الفعالية”.

وأكد أن الجناح لوروا سانيه الذي استُبعِد بشكل جدلي عن مونديال 2018 من قبل المدرب السابق يواكيم لوف، قد يعود ضد إسبانيا بعدما غاب عن خسارة اليابان بسبب إصابة في الركبة، موضحاً “إنه يتدرب بمفرده وهذا أمر إيجابي”.

تشكيلة شابة

في المقلب الآخر، أثبت إنريكي خلال الأعوام الماضية أن اللعب الجماعي هو أكثر فعالية من المهارات الفردية للاعبين النجوم، لذا يأمل في أن تكون ملاعب قطر فرصة مؤاتية لنجاح أفكاره.

وتملك اسبانيا ما يكفي من المواهب لإقلاق راحة ألمانيا، لكن يتوجب على لاعبي خط الوسط بيدري وغافي أن يكونا في قمة مستواهما في حال أرادت حصد ثلاث نقاط مرة جديدة وبلوغ الدور الثاني باكرا.

وبات غافي (18 عاما و100 يوم) أصغر مسجل في تاريخ منتخب بلاده خلال كأس العالم، محطما لرقم السابق لراوول (20 عاما و351 يوما) في نسخة 1998.

واستدعى إنريكي الذي تخلى عن قلب الدفاع التاريخي المخضرم سيرخيو راموس (36 عاماً)، تشكيلة شابة أثبتت نجاعتها أمام كوستاريكا، فدكّت شباك الحارس كيلور نافاس عن طريق داني أولمو (11)، ماركو أسنسيو (21)، فيران توريس (31 من ركلة جزاء و54)، غافي (74)، كارلوس سولير (90) وألفارو موراتا(90+2).

الأرقام لصالح “الساموراي”

في المقابل، وضعت اليابان نفسها في موقف مريح لبلوغ الدور الثاني على غرار ثلاثة مشاوير في الألفية الثالثة (2002 و2010 و2018)، قبل استحقاقها الثاني أمام كوستاريكا.

ووصف المدرب هاجيمي مورياسو فوز اليابان على ألمانيا بأنه “لحظة تاريخية وانتصار تاريخي”، في حين دونت كوستاريكا اسمها أيضا في السجلات التاريخية عقب تعرضها لأكبر خسارة في كأس العالم.

وهي المرة الأولى التي تخوض فيها كوستاريكا مباراة كاملة من دون تسديدة واحدة، إن كان بين الخشبات الثلاث أو خارجها، منذ عرضها المماثل الباهت أمام البرازيل في مونديال الولايات المتحدة 1990.

والتقى المنتخبان الياباني ونظيره الكوستاريكي في خمس مباريات لم تحمل صفة الرسمية، في حين تميل الأرقام للـ”سامواراي الأزرق” مع 4 انتصارات، بما فيها الفوز بثلاثية نظيفة في سبتمبر 2018.

ويخوض منتخب كوستاريكا النهائيات للمرة الثالثة تواليا، على أمل تكرار انجاز مونديال 2014 عندما وصل إلى الدور ربع النهائي.

وكان رجال المدرب لويس فرناندو سواريس آخر المتأهلين إلى مونديال قطر الذي افتتحوه بخسارة تاريخية بسباعية نظيفة أمام اسبانيا.

وتلعب كوستاريكا مباراتها الاخيرة أمام المانيا، لذا من الصعب أن تترك انطباعا مؤثرا في مجموعة صعبة على أمل أن تعكس صورة إيجابية أمام اليابان.

وذكرت فرانس برس أنه عندما سُحبت قرعة كأس العالم في الأول من أبريل الفائت، عادت الى أذهان الألمان تلك الأمسية الاندلسية المأساوية في 17 نوفمبر 2020 في ملعب “لا كارتوخا” في إشبيلية خلف أبواب موصدة (بسبب تداعيات جائحة فيروس كورونا).

وبعد أشهر من سقوط برشلونة ليونيل ميسي المذل 8-2 أمام بايرن ميونيخ في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، خشيت إسبانيا إذلالا آخر أمام قوة ألمانية.

لكن “لا روخا” بعناصر شابة ومتجددة مع المدرب لويس إنريكي لم تواجه صعوبة في تعطيل الماكينات الالمانية.

وبرأسية لكل من ألفارو موراتا (17) ورودري (38) وثلاثية “هاتريك” لفيران توريس (33، 55، 71) وهدف أخير لميكل أويارسابال (89)، ألحقت إسبانيا أول خسارة بألمانيا منذ أكثر من عام وإحدى أكبر هزائمها في التاريخ.

ويجب العودة الى مباراة ودية أمام النمسا في 1931 (6-1) لرؤية “دي مانشافت” تسقط بهذا الفارق، في حين مُنيت بأكبر هزيمة في بطولة رسمية.

وأتى هذا الفوز أمام ألمانيا مدجّجة بالنجوم بدءا بالحارس مانويل نوير مرورا بالمدافع نيكلاس زوله وتوني كروس وإلكاي غوندوغان وليون غوريتسكا في الوسط وسيرج غنابري وتيمو فيرنر ولوروا سانيه في الهجوم.

وقال كروس لاعب وسط ريال مدريد الاسباني “إنها مؤلمة. لقد أظهروا لنا كيف نجري وكيف ندافع”.

أما نوير فاعتبر “إنه أمر مخيب للغاية بالنسبة لنا جميعا. لم نرتق جميعا الى مستوى المباراة”.

وسرّعت هذه الخسارة في رحيل المدرب يواكيم لوف، وإن لم يكن فوريا، هو الذي قاد المنتخب الى لقب كأس العالم 2014 في البرازيل بعد أن تولى المهام في 2006.

وعنونت صحيفة بيلد العريقة “على لوف أن يقدّم استقالته” متسائلة عن خياراته، بعد أن تخلى عن الثلاثي توماس مولر وجيروم بواتنغ وماتس هوملز بعد خروج المنتخب الفاجئ من الدور الاول لمونديال روسيا 2018.

وبعد أربعة أشهر، وفي مارس 2021، أعلن لوف أنه سيرحل عن الماكينات بعد كأس أوروبا في الصيف التي خرجت منها ألمانيا في الدور الـ16 أمام إنكلترا.

ومهما كانت العناصر الحاضرة الآن وبقيادة المدرب هانزي فليك الذي هدد جميع الأساسيين بتغييرهم بعد السقوط الصادم أمام اليابان، قبل ساعات من فوز “لا روخا” التاريخي بسباعية نظيفة على كوستاريكا، فإن ذكرى أمسية ذاك الخريف القاتمة لا تزال حية في الاذهان الألمانية، وربما أكثر في الاذهان الإسبانية.

زر الذهاب إلى الأعلى