كشف المستور

كيف تدير جماعة “الاخوان المسلمين” شبكات عملها من داخل اوروبا ؟

 

إعداد :حازم سعيد ، باحث مختص بقضايا الإرهاب الدولى

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات 

 

تمثل أوروبا الحاضنة والملاذ الآمن لجماعة الإخوان المسلمين ـ المحظورة، والتي نجحت بتأسيس شبكة علاقات من جنسيات مختلفة، تداخلت فيها المصاهرات السياسية بالعلاقات الشخصية، وجمعتها الخطط والأهداف، وامتدت نشاطاتها في أوروبا عبر مؤسسات ومراكز كثيرة وحصلت على الدعم من الدول الداعمة للجماعة ابرزها من قطر وتركيا، التنظيم الدولي للاخوان. ماتهدف قطر وراءدعمها المالي والسياسي لمشروع الإخوان هو إعادة إنتاج الطروحات المتطرفة الى حسن البنا والقرضاوي وبقية أقطاب الإخوان.

وكانت تقارير استخباراتية فرنسية أشارت إلى أن قطر متورطة بشكل رئيسي في دعم الإرهابيين من جماعة «التوحيد والجهاد»، بشمال مالي، كما تحدثت عن تدريب العشرات من الفرنسيين في مناطق ليبية بين العامين 2011 و2014، وأن قطر شاركت بدور مهم في استقطاب وتجنيد وتدريب مقاتلين من دول شمال أفريقيا وآخرين يحملون جنسيات أوروبية وينحدرون من أصول مغاربية ثم تسفيرهم من ليبيا إلى سوريا عبر الأراضي التركية.

أبرز مراكز الإخوان في ألمانيا و بريطانيا

ترصد هيئة حماية الدستور الألمانية “الاستخبارات الداخلية” بقلق تزايدا ملحوظا في نفوذ جماعة “الإخوان المسلمون” داخل ولاية سكسونيا شرقي ألمانيا،وأعلن رئيس الهيئة المحلي بولاية سكسونيا “جورديان ماير- بلات” أن جماعة “الإخوان المسلمون” استغلت عبر منظمات مثل الجمعية الثقافية “ملتقى سكسونيا” نقص دور العبادة للمسلمين الذين قدموا إلى سكسونيا كلاجئين، لتوسيع هياكلها ونشر تصورها عن الإسلام السياسي.

وذكر “ماير- بلات” أن هيئة حماية الدستور يساورها قلق إزاء هذا التطور بسبب رفض الجماعة لقيم رئيسية في النظام الديمقراطي الحر مثل الحرية الدينية أو المساواة بين الجنسين، وأشار” ماير- بلات” إلى أنه يجرى حاليا شراء مبان على نحو كبير لتأسيس مساجد أو ملتقيات للمسلمين، موضحا أن هذا يحدث بشكل مكثف في مدن “لايبتسيج وريزا ومايسن وبيرنا ودريسدن وباوتسن وجورليتس”.

ويلاحظ في هذا الصدد، أن قيادات الإخوان في بريطانيا كانت تسيطر بشكل تام على 13 منظمة وجمعية في لندن وحدها عبر ثلاث قيادات مصرية هى عصام الحداد وإبراهيم منير وإبراهيم الزيات الذي ترأس في وقت سابق مؤسسة “ألمانيا الإسلامية GID “.

ويوجد في بريطانيا منتدى الشباب المسلم في أوروبا وهو شبكة تتألف من 42 منظمة تجمع الشباب من أكثر من 26 بلدًا، كما له صلات وعلاقات مع البرلمان الأوروبي.

يعتقد خبراء، مثل ستيف ميرلي، أنه يجب وضع جماعة الإخوان المسلمين وكل التنظيمات المتفرعة عنها تحت المراقبة والرصد المكثف والمستمر. ولكن الجدال حول الحظر المباشر للجماعة وإدراجها على قائمة المنظمات الإرهابية من المرجح أن يستمر لبعض من الوقت.

منظمات الأخوان فى أوروبا

  • الجماعة الإسلامية في ألمانيا(GID) التي تأسست عام 1958، الفرع الألماني للإخوان المسلمين في أوروبا الذي أسسه سعيد رمضان عام 1958، وكان يرأسها الألماني المصري الأصل “إبراهيم الزيات”.
  • رابطة مسلمي بلجيكا (LMB) القناة التاريخية للحركة في بلجيكا، فهي مُمثلة جماعة الإخوان المسلمين هناك، وأسَّست الرابطة عام 1997، وتملك الهيئة عشرة مساجد ومقرات بعدة مدن منها بروكسل وأنڤير وغراند وڤرڤييه، ويديرها “كريم شملال” من مدينة أنڤير، وهو من أصل مغربي يعمل طبيبا في مجال علم الأحياء.
  • رابطة المجتمع المسلم في هولندا التي أسسها في لاهاي “يحيى بوياف” المغربي الأصل عام 1996، وتضم الرابطة عدة منظمات منها على وجه الخصوص “مؤسسة اليوروب تراست نيديرلاند”(ETN) و”المعهد الهولندي للعلوم الإنسانية والإغاثة الإسلامية”.
  • الرابطة الإسلامية في بريطانيا (MAB) فهي مُمثلة الإخوان المسلمين هناك، وقد أنشأها كمال الهلباوي عام 1997، وقد ظل الهلباوي لوقت طويل ممثلا للإخوان المسلمين في أوروبا، قبل أن ينشق عن الجماعة، ثم تولى إدارة الرابطة الإسلامية في بريطانيا “أنس التكريتي” العراقي الأصل وأستاذ الترجمة بجامعة “ليدز″، وذلك حتى عام 2005، وقد تولى الإخوان المسلمون إدارة مسجد “فينسبيري بارك” تحت رعاية الحكومة البريطانية.
  • اتحاد الهيئات والجاليات الإسلامية في إيطاليا (UCOII)أيضا الممثل الرسمي للإخوان المسلمين في إيطاليا، وقد تأسس عام 1990، ويديره “محمد نور داشان” السوري الأصل، ويضم الاتحاد ما يقرب من مئة وثلاثين جمعية، ويتحكم في ثمانين بالمائة تقريبا من المساجد في إيطاليا، كما يمتلك الاتحاد فرعا ثقافيّا وفرعا نسائيّا وآخر شبابيّا.

وقال السيد احمد الخطيب المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية لـ”سبوتنيك” إن تجربه نزوح جماعات الإخوان إلى الدول الأوروبية ليست هي الأولى من نوعها بل سبقتها تجارب عده بدأت في حقبه الستينيات، وبدا من خلالها التوغل في الدول الأوروبية ونشر أفكارهم ومعتقداتهم من خلال إقامة مراكز إسلامية،  ومحاوله خلق مجتمع مواز والتحالف مع الجماعات الإرهابية الأخرى كتنظيم “داعش” لنشر الأفكار المتطرفة في هذه الدول ومحاولة خلخلة التماسك المجتمعي لهذه الدول .

مؤتمرات واجتماعات الأخوان في أوروبا

يعقد سنويا ملتقى “اتحاد المنظمات الإسلامية”، الذي يعتبر واجهة للإخوان المسلمين في فرنسا، و يجذب حوالي 170 ألف زائر، وتنظم في هذا الملتقى ندوات سياسية ودينية، ويجتذب هذا الحدث السنوي التقليدي عشرات الآلاف من النساء والرجال ليسوا بالضرورة أعضاء في تيار “الإخوان”.

ويعتبر اتحاد “المنظمات الإسلامية” في فرنسا مسجل على قائمة الجماعات الإرهابية ، وحذر رئيس الوزراء الفرنسي السابق ” مانويل فالس” من السلفيين الذين يتخذون من الاتحاد ذريعة للتأثير على شباب الأحياء الشعبية.

وعقد عدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين فى يوليو 2017، اجتماعا بأحد المعسكرات التابعة للجماعة، في العاصمة التركية أنقرة، جمع بين محمود حسين، أمين عام جماعة الإخوان المسلمين، ومحمد حكمت وليد، المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين بسوريا، وعدد آخر من القيادات الإخوانية، وذلك لبحث نقل عدد من عناصر الجماعة من قطر إلى تركيا.

وذكرت المصادر أن الاجتماع شهد تشديدا، على بدء خطة نقل هذه العناصر في أقرب وقت، على أن تمنح الأولوية للقيادات الأكثر خطورة، والمدانة في عدد من القضايا والمحكوم عليهم فى بلدانهم بالإعدام.

الغت الحكومة الفرنسية عدة محاضرات لهاني رمضان في مدن فرنسية خلال عام 2017 ، وقالت وزارة الداخلية في بيان، إن رمضان “وهو ابن سعيد رمضان، ووفاء البنا ابنة حسن البنا” مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، وأوقفته السلطات الفرنسية في كولمار (شرق فرنسا) لمناسبة مؤتمر كان يشارك فيه، ورافقته الشرطة إلى الحدود الفرنسية السويسرية”.

وأشار وزير الداخلية الفرنسى” ماتياس فيكل” إلى أن: “وزارة الداخلية وقوات الأمن مستنفرة بالكامل، وستواصل الكفاح بلا هوادة ضد التطرف والتشدد”.

ووفقا الى دراسة اعدها مركز الاهرام للدراسات اعدها الباحث الدكتور طارق دحروج ثقول فيها: استحدثت الحكومة القطرية آليات جديدة لتمويل مسلمى أوروبا خارج الإطار المؤسسى الإخوانى المعتاد، فى إطار محاولة الابتعاد عن الصورة النمطية لقطر بتمويل الإسلام السياسى، من خلال استحداث صندوق ANELD بإجمالى مائة مليون يورو بالتنسيق مع الحكومة الفرنسية، لتمويل مشروعات ريادة الأعمال للمسلمين بضواحى باريس الأكثر تهميشاً وكثافة مغاربية من أبناء المهاجرين من الجيلين الثانى والثالث والتى يوجد فيها التيار الإخوانى والسلفى.

وحظى اتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا والجمعيات التابعة له على مدى السنوات العشر الماضية بتمويل تقليدى متنوع المصادر. وقامت حكومة قطر بتقديم 11 مليون يورو للاتحاد، وقدمت مؤسسة قطر الخيرية 2 مليون يورو، وقدم فيه رجال أعمال قطريون مبلغ 5 ملايين يورو للاتحاد.

تصنيف جماعة الإخوان جماعة إرهابية

يستند الغرب إلى حظر جماعة الإخوان المسلمين إلى حجج ثلاث:

  • جماعة الإخوان المسلمين هي المصدر الرئيسي للأيديولوجية المتطرفة المستخدمة من قبل الجماعات الإرهابية.
  • كثيرون من كبار قادة تنظيم القاعدة، لا سيما أيمن الظواهري، ثم بعض قادة تنظيم داعش في مدينة الرقة السورية هم من الأعضاء السابقين في جماعة الإخوان المسلمين.
  • تاريخ جماعة الإخوان المسلمين مفعم بكثير من أعمال العنف والإرهاب، بما في ذلك حوادث الاغتيالات السياسية، ثم في الآونة الأخيرة، العمليات المناهضة للدولة في مصر.

ويقول وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط “أليستر بيرت”، أن لندن ستفرض رقابة مشددة على سلوك تنظيم الإخوان، وقال إن الجماعة “أخفت أجندتها المتطرفة” في مصر.

وأكد بيرت في مقاله: “رغم عدم استيفاء الأدلة للحد الذى يفضي إلى حظر التنظيم، فإنه سيتم فرض رقابة مشددة على سلوك الإخوان وأنشطتهم بما في ذلك طلبات استخراج التأشيرات لهم ومصادر تمويل الجمعيات الخيرية وعلاقات التنظيم الدولية”.

أدركت دول أوربا والغرب وبشكل متأخر خطورة التهديدات التي يشكلها تواجد تنظيم”الإخوان” داخل مجتمعاتها وتأخذها على محمل الجد، حيث يهدف تنظيم”الإخوان” إلى خلق كيان اجتماعي مواز للتنافس مع بقية أركان المجتمع الآوروبى ومبادئ وقيم مواطنيه ، وهذه المحاولات والمساعي باتت تشكل تحديا طويل الأمد بالنسبة لمسألة التماسك الاجتماعي في أوروبا.

زر الذهاب إلى الأعلى