د. بندر عباس اللامي: فيتو واشنطن.. المعادلة الصفرية ورصاصة الرحمة..قراءة في دلالات تحذير هاريس ومصير الحكومة العراقية الجديدة

يأتي تصريح القائم بأعمال السفارة الأمريكية في بغداد السيد جوشوا هاريس في توقيت سياسي بالغ الحساسية ؟؟!! ليمثل ما يشبه “رصاصة الرحمة” الدبلوماسية على محاولات تدوير الزوايا في تشكيل الحكومة العراقية المقبلة. إن عبارة “يتعارض مع الشراكة” ليست مجرد نصيحة عابرة !!بل هي شيفرة دبلوماسية بالغة الدقة بالتعبير والدلالة وتحمل في طياتها تهديداً مبطناً بإنهاء مظلة الحماية السياسية والاقتصادية للعراق.
الدلالات الأولى في جوهر هذا التصريح من وجهة نظرنا انه يضع الخط الأحمر” الأمريكي الواضح. في اجواء التصريحات والتحليلات (التغريد خارج السرب والإحماء بعيد عن الملعب )التي يستعرضون بها جماعة الاطار ومن يدفعون لهم من الإعلاميين ومن يدعون كذبا انهم محللين استراتيجيين ؟؟؟!!! والذين يظهرون على شاشات القنوات الولائية فإدارة ترامب تؤكد لهم جميعا ومن خلال ممثلها الدبلوماسي الرسمي المعتمد في العراق المحتل ؟! انها لم تعد تقبل بصيغة “اللاحرب واللاسلم” في التعامل مع الفصائل داخل مؤسسات الدولة. هذا الاعلان الواضح الجلي يعني بدقة متناهية أن أي حكومة ستضم وزراء يمثلون فصائل مصنفة أمريكياً كجهات معادية او انها ستصنّف لاحقا (هناك الف شخص موضوعين على لوائح الإرهاب امريكا وعالميا سيعلن عن اسمائهم تباعا ) فإن الحكومة التي ستضم هؤلاء او المحسوبين عليهم ستكون حكومة “منبوذة” امريكياً ودوليا !!!ولن يتم التعامل معها كشريك مما يعرض اتفاقية الإطار الاستراتيجي للخطر والتي يراهن عليها الاطار كثيرا في علاقاته القادمة مع الأمريكيين
اما الدلالة الثانية فهي اقتصادية بامتياز. فمصطلح “الشراكة” في القاموس الأمريكي تجاه النظام في المنطقة الخضراء يرتبط عضوياً بملف البنك الفيدرالي وما ادراك بملف البنك الفيدرالي الأمريكي ؟!وحماية الأموال العراقية. فالتلميح بتعارض وجود الفصائل مع هذه الشراكة هو تلويح بورقة الدولار والعقوبات …مما يضع المجموعات المشتركة بالهيمنة على النظام العراقيين (السنة والشيعة والأكراد) أمام خيار وجودي واحد ؟ إما حكومة محاصصة ترضي الفصائل الإيرانية وتخنق الاقتصاد العراقي الذي هو أصلا متهالك أو حكومة “دولة” تحافظ على تدفق المال والغطاء الدولي.
أخيراً نؤكد ان دلالة التوقيت لهذا الإعلان الدقيق والواضح (بدون تدليس وتقية بعضهم) تشير إلى رغبة ادارة ترامب التي لاتقبل القسمة على اثنين في تقوية موقف رئيس الحكومة المكلف أو الكتل الراغبة في إقصاء الجناح المتشدد. إن هذا الإعلان او التصريح يمنح المفاوض العراقي “حجة” لرفض مطالب المليشيات الولائية بذريعة أن الاستجابة لها تعني انتحاراً سياسياً واقتصادياً للعلاقة مع الغرب.
واضح ان هاريس يضع جماعة الاطار لاسيما المذعنين للأوامر الايرانية أمام معادلة صفرية حيث لا يمكن لهم الجمع بين “دولارات واشنطن” التي مازالوا يحرصون على جمعها بالمليارات وسلاح المليشيات الولائية التي يستخدمونا لزيادة حجم هذه الدولارات في سلة واحدة اقصد في في حكومة واحدة بعد الآن.
انها خيارات ضيزى؟!؟
