مطعم مميز في باريس لتدريب الطباخين اللاجئين
مهاجرون ولاجئون يهربون من أوطانهم حاملين حقائبهم وذكرياتهم ووصفات المطبخ التقليدية الخاصة بعائلاتهم. يسعون لإعادة الإمساك بزمام المبادرة في حياتهم، فيفتتحون مطاعمهم الخاصة. في باريس، "لا ريزيدانس"، أول مطعم ومركز تدريب مخصص للاجئين، يتيح لمن يسعون تحقيق حلمهم بافتتاح مطعم أن يخطو الخطوات الأولى باتجاه ذلك.
ماجدة جيجينافا، لاجئة جورجية في باريس اقتربت من تحقيق حلمها وهو افتتاح مطعم في عاصمة الأنوار. الطريق إلى تحقيق حلمها بدأ يوم 13 حزيران، حين بدأت اللاجئة الشابة بحضور دروس متخصصة في فن الطبخ في مطعم "لا ريزيدانس"، في مركز "غراوند كونترول" للتسوق في الدائرة 12 الباريسية.
ويعتبر هذا المطعم فريدا من نوعه إذ أنه إضافة إلى وظيفته الطبيعية، فإنه يقدم مساحة لتدريب لاجئين ممن يسعون لتحقيق ذاتهم من خلال المطبخ.
مارين ماندريلا، إحدى مؤسسي المطعم، قالت "أردنا من خلال هذا المطعم أن يتحول مهرجان طعام اللاجئين من مناسبة موسمية إلى حدث دائم، وذلك من خلال تدريب لاجئين ممن يرغبون بالعمل في هذا المجال، قبل أن يفتتحوا مطاعمهم". افتتح المطعم رسميا نهاية آذار / مارس الماضي بدعم من مفوضية شؤون اللاجئين.
تحديدا مع انطلاق مباريات كأس العالم، وخلال مباراة فرنسا أستراليا، تذوق رواد المطعم ممن جاؤوا ليشاهدوا المباراة، خلال وقت الراحة بين الشوطين، المأكولات الجورجية التي أعدتها ماجدة بالتعاون مع ثلاثة طباخين آخرين هم أيضا من اللاجئين.
قبل مجيئها إلى فرنسا عام 2013، لم يخطر ببال هذه المديرة السابقة لعيادة طب أسنان في جورجيا، أنها ستتحول في يوم من الأيام إلى طباخة. تقول ماجدة "كنت أتعلم الفرنسية مع جمعية فرنسا أرض لجوء حين شجعتني معلمتي لأشارك في إعداد كتاب طبخ، وأكون مسؤولة عن قسم الأكلات الجورجية فيه. كانت تعلم مدى جودة طبخي، فقد تذوقت عدة مرات أكلات جورجية كنت أعدها بنفسي… لاحقا اتصل بي أشخاص من مهرجان طعام اللاجئين يطلبون مني المشاركة معهم".
الطباخة الرئيسية
مهرجان طعام اللاجئين، الذي أطفأ هذا العام شمعته الثالثة، يؤمن للطباخين اللاجئين مطاعم كاملة بكافة تجهيزاتها، ليقدموا للزبائن أفضل ما تجود به أياديهم من مطابخهم الوطنية . وستشهد هذا العام 14 مدينة أنشطة مرتبطة بالمهرجان، الذي أطلقته مارينا ماندريلا ولويس مارتين، بالتعاون مع مفوضية شؤون اللاجئين.
عام 2017، طبخت ماجدة إلى جانب الطباخ الشهير رومان رودو في جوفينيل في الدائرة الأولى لباريس، وعام 2018 إلى جانب عملاق المطبخ الفرنسي ستيفان جيغو في مطعم "آمي جان" (الصديق جان) في الدائرة السابعة.
وعلى عكس مهرجان طعام اللاجئين، يسمح للاجئين في "لا ريزيدانس" بأن يستلموا دفة القيادة من البداية. فبالنسبة لماجدة "في لا ريزيدانس أنا الطباخة الرئيسية، بعكس المهرجان".
مطعم جورجي بنكهة فرنسية
وفقا لستيفان جيغو، فإن "هدف لا ريزيدانس هو إدماج اللاجئين ممن يملكون مشروعا في إطار المطاعم وإتاحة المجال أمامهم للوصول إلى المنتجين والمزارعين والحرفيين". ويضيف جيغو "هذا سيتيح لماجدة أن تخوض تجربة حقيقية. وحين تفتتح مطعمها، لن ينظر إليه على أنه مطعم جورجي فقط، بل سيعتبر من المطاعم القليلة التي تتقن أصول المطبخ الفرنسي وتدمجها بالأطباق التقليدية الجورجية".
أما بالنسبة لمارينا ماندريلا، فالهدف هو "دعم طموح اللاجئين حتى النهاية، سواء كانوا يريدون افتتاح مطعم مثل ماجدة، أو إطلاق شركة تؤمن خدمات الطعام والشراب في المناسبات، أو إنشاء شركة تقدم الخدمات الاستشارية في ما يتعلق بمشاريع الطعام والشراب".
ويشدد جيغو وماندريلا على أن الموهبة وحدها، على أهميتها، لا تكفي، إذ على المتدربين أن يعرفوا كيفية إدارة مخزونهم من المواد الأولية إضافة إلى فرق العمل لديهم، فضلا عن مراقبة صرف الأموال واختيار المزودين الرئيسيين للبضائع الأساسية. كما عليهم أن يسعوا إلى تطبيق أعلى معدلات النظافة، ويحللوا البيانات المالية ليعرفوا في نهاية الشهر كيف كان أداؤهم.
"التدريب مصمم وفقا لاحتياجات كل طباخ"، تقول مارين ماندريلا، "المتدرب السابق، نبيل العطار، وهو لاجئ سوري، خضع لتدريب لمدة ثلاثة أشهر، ولكن ماجدة قد تبقى لفترة أطول لأنها لا تملك أي خبرة طبخ مسبقة".
طباخة من اليوم الأول
يبدأ التدريب في مطعم "آمي جان" (الصديق جان) لستيفان جيغو. على مدى يومين، ستتعرف ماجدة، كما تعرف نبيل من قبلها، على كافة تفاصيل مطبخ المطعم الكائن في الدائرة السابعة. تقول ماجدة "بدأت اليوم الأول من التدريب بتنظيف المطبخ وتقشير الخضروات، إلا أن ستيفان جيغو سرعان ما طلب مني إعداد بعض الأطباق الجورجية التي يمكن له أن يقدمها لزبائنه. أعددت حينها باخلي (وهو طبق نباتي مكون من السبانخ والجوز) وخبز خشبوري المحشو بالجبن".
ستيفان جيغو، طباخ مطعم "آمي جان"
وتضيف الطباخة الجورجية "لست أستاذة في فن الطبخ، ولكن أتيحت لي الفرصة لأعمل في مطعم وأتعلم كيف تسير الأمور هنا، إضافة إلى التعرف على الذوق الفرنسي. ففي فرنسا، شكل المائدة والأطباق أساسي كطعم المأكولات، في حين في جورجيا لم نهتم بتلك التفاصيل، توضع الأطباق على المائدة والجميع يختار ما يريد منها".
سيكون على ماجدة الآن إنشاء قائمة الطعام الخاصة بها، مع الأخذ بعين الاعتبار عادات وتقاليد المطبخ الفرنسي. يقول جيغو ممازحا "سيكون عليها الآن أن تنسى الأطباق العائلية الضخمة، لن يكون بوسعها وضع كل تلك الكميات في صحني".
بمساعدة مدربها، تقوم ماجدة بإعداد الأطباق التي اختارتها، ومن ضمنها لفائف الباذنجان بالجوز. تقول الطباخة اللاجئة "أضفت القليل من السبانخ والخيار والطماطم… هذا لا يتماشى مع المطبخ التقليدي الجورجي، ولكن الجميع أعجبوا بهذه الوصفة". وتضيف "الشكل يغير كل شيء، إنها الإضافة الاحترافية".
وحول تجربة "لا ريزيدانس"، يقول جيغو: "لا ريزيدانس مساحة مفتوحة للجميع. حتى نبيل العطار بعد ان افتتح مطعمة في اورليان ، إلا أنه يراسلني يوميا لطلب النصيحة… هدفي ليس أن أعطي ماجدة قنينة ماء، بل رفشا لتستطيع من خلاله حفر بئر يكفيها ويلبي احتياجاتها. نحن هنا لندعمهم".
للراغبين بزيارة المطعم الفريد من نوعه، تجدونه على العنوان التالي:
La Résidence
81 Rue du Charolais, 75012 Paris
laresidence@refugeefoodfestival.com
.infomigrants