تحقيقات ومقابلات

فرنسا: زيادة عدد ووتيرة الهجمات على مبادئ العلمانية في المدارس

تتزايد الهجمات على العلمانية في المدارس الفرنسية منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، إثر تحريض ناشطين على الشبكات الاجتماعية وفق ما كشفت وزارة التربية الوطنية التي وثّقت 313 انتهاكاً في مدارس 6 أكاديميات مناطق تعليمية، هي كريتاي، تولوز، نيس، فرساي، نورماندي، وباريس، مُطالبة بمواجهة التطرّف الديني وبتعزيز قيم التسامح والحرية وإبعاد الإسلام السياسي عن المشهد التعليمي في فرنسا.

وسجلت غالبية انتهاكات مبدأ العلمانية بشكل أساسي بملابس الطلاب ذات الدلالات الدينية الواضحة والتي باتت رمزاً لحركات إسلاموية مُتطرفة في بعض دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، في أربع من كل خمس حالات، فيما البقية لمسؤولين في مؤسسات تعليمية، وبشكل خاص في المدارس الثانوية.

وحذّر وزير التربية، باب ندياي، من تزايد التقارير عن الاعتداءات على العلمانية في المؤسسات التعليمية، لكن بالمقابل، قلل خبراء فرنسيون من أهمية هذه التقارير عند المُقارنة مع ما يزيد عن 12 مليون تلميذ فرنسي وما يقرب من مليون موظف في التعليم الذين يذهبون إلى المدارس كل يوم.

ويُطالب المدرسون وزارة التربية الفرنسية، بوضع مبادئ دقيقة ومتناسقة للعلمانية وقيم الجمهورية وتطبيق القوانين الفرنسية لشرحها وتقديمها للتلاميذ عبر حصص دراسية مُعتمدة، بما لا يسمح للمُتطرّفين بتأويلها وتفسيرها خدمة لمصالح الإسلام السياسي.

وكان أكثر من نصف حوادث انتهاك علمانية المدارس 54%، بارتداء رموز وملابس دينية، والتي تدلّ على مظاهر التشدد التي ظهرت في وسائل الإعلام في السنوات الأخيرة. 

ومن أخطر هذه الانتهاكات، بعد نحو عامين من ذبح المدرس الفرنسي صموئيل باتي على يد متطرف إثر تحريض ناشطين في الإسلام السياسي على وسائل التواصل الاجتماعي، تهديد أستاذ جديد لمادتي التاريخ والجغرافيا في مدرسة جورج براسينس الثانوية في منطقة إيسون،  بالقتل، عبر خطاب مجهول المصدر وصل إلى المدرسة التي يعمل فيها، وجاء فيه “سنجعله صموئيل باتي”، فيما بدأت التحقيقات على الفور في التهديدات التي حملت طابعاً دينياً متشدداً ومُعادياً للسامية إذ ورد في الخطاب أيضاً عبارة ” لا نريد يهوداً في المدارس الثانوية، ابقوا في معابدكم”.

ووضع المعلم، الذي قدّم شكوى بعد التهديد، تحت مراقبة الشرطة، رغم قوله: “إنه تهديد عنيف للغاية، ويؤثر عليّ شخصياً وفي هويتي، إلا أنني مصمم على العودة للتدريس”.

وتتزامن هذه التهديدات مع تكريم المعلمين والطلاب لذكرى صموئيل باتي، الذي ذبح في منتصف أكتوبر(تشرين الأول) 2020 إثر درس عن حرية التعبير في المدرسة، وذلك على يد عبد الله أنزوروف اللاجئ الشيشاني في ضاحية غرب باريس، والذي قتلته الشرطة بدورها.

وتواصل وزارة التربية الفرنسية بدءاً من العام الدراسي 2022-2023 تنظيم سلسلة من ورش العمل لتفعيل مبادئ العلمانية في البلاد ومواجهة تغلغل أفكار الإسلام السياسي، ببرنامج تدريب علماني يمتد على 4 سنوات، ويهدف إلى إقامة دورات تدريبية يتولاها المئات من المُدربين والخبراء، ويستفيد منها مدرسو المدارس الإعدادية والثانوية الفرنسية.

ومن شأن هذه الدورات تسهيل التعاطي مع مبادئ العلمانية التي يقوم عليها النظام الجمهوري الفرنسي، وسيلتحق المُدربون أنفسهم بجامعة السوربون وغيرها من الجامعات الفرنسية للحصول على درجة جامعية في العلمانية.

وكشفت عدّة تقارير تهديد العديد من أساتذة المدارس، الذين يخافون إعلان ذلك، من جمعيات دينية وأولياء أمور لإجبارهم على تبنّي أطروحات متطرفة خلال تعاملهم مع التلاميذ، وتتعارض مع العلمانية الفرنسية ومناهج التعليم المُعتمدة في المؤسسات التربوية الفرنسية، ولا تعترف بفصل الدين عن الدولة.

المصدر: 24

زر الذهاب إلى الأعلى