تحقيقات ومقابلات

بين انقلابي النيجر والغابون.. المصالح تكشف ازدواجية فرنسا

أثار التباين في الموقف الفرنسي بعد الانقلابين العسكريين في النيجر والغابون، تساؤلات عن معايير الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي قال إن الوضعين في ليبرفيل ونيامي مختلفان للغاية.

وعلى الرغم من إدانة باريس، إلا أنها لم تصدر أي تهديدات ضد الانقلابيين في الغابون، كما حدث في النيجر، بعد أن حاولت فرنسا حشد الأصوات الدولية للوقوف ضد سلطات الانقلاب في نيامي، ولم تستبعد الدخول في عمل عسكري لإعادة الرئيس المنتخب محمد بازوم.

وتملك فرنسا مصالح عسكرية واقتصادية كبيرة في الدولتين، لكنها يبدو أنها ليست قلقة على مكانتها في الغابون، ما يكشف عن “ازدواجية” معايير الغرب تجاه الديمقراطية، كما يرى محللون سياسيون.
في حديث لـ”24″، تقول مديرة تحرير صحيفة الأهرام المصرية والخبيرة في الشأن الأفريقي أسماء الحسيني، إن انقلابيي النيجر ألغوا الاتفاقات العسكرية مع فرنسا، وطالبوا بخروج قواتها، كما أعلنوا طرد السفير، وهو القرار الذي لم تعترف به باريس.

لكن في الغابون، وفق الحسيني، تحتفظ باريس بخطوط تواصل مفتوحة، وترى بأن مستعمرتها السابقة، شهدت عدة أخطاء ديمقراطية ودستورية بعدما سعى الرئيس علي بونغو إلى تعديل دستوري ليسمح لنفسه برئاسة البلاد لولاية ثالثة، فضلاً عن مخالفات شابت العملية الانتخابية.

وأشارت الحسيني إلى أن فرنسا تريد تجديد شراكتها مع الانقلابيين في الغابون، بعكس النيجر، الذين يبدو أن لهم مصالح أخرى.
من جانبه، يرى الباحث في الشؤون الإفريقية المقيم في باريس، د. محمد تورشين، أن طريقة تعامل فرنسا مع الانقلاب في الغابون تكشف “ازدواجية” المعايير لدى الغرب في قضية الديمقراطية.
وقال إن “فرنسا تعاملت مع الغابون كما تعاملت مع انقلاب غينيا كوناكري، لأن الانقلابيين لم يخالفوا التوجهات العامة للدولة، التي تعد شريكاً مهماً لفرنسا، ولم يشكلوا أي تهديد لمصالحها في مستعمرتها السابقة”.
ويتوقع تورشين أن تتعاطى فرنسا بهذه الطريقة بدون ممارسة أي ضغوط على الانقلابيين في الغابون، عبر إيجاد مبررات بأن الانتخابات لم تكن نزيهة وشهدت نقاط خلافية كثيرة.

ويرى الباحث في الشؤون الإفريقية أن هذا التصرف قد يعيد القارة السمراء الى فترة الحرب الباردة والانقلابات لإنشاء دول تدين بالولاء لروسيا أو للغرب، أو حتى للصين، التي تستخدم الدبلوماسية الناعمة عادة.
وخسرت فرنسا نفوذها الأبرز في غرب إفريقيا، بعدما استولى العسكر على السلطة في النيجر في 26 يوليو (تموز) الماضي، كما فقدت أيضاً مصالحها في مالي وبوركينا فاسو بنفس الطريقة.
وتعد هذه الدول غنية بموارد طبيعية كثيرة، خاصة اليورانيوم والذهب والنفط، رغم معاناة غالبية سكانها من الفقر المدقع.

24

زر الذهاب إلى الأعلى