هنا اوروبا

باريس تشتعل.. “أين ماكرون”؟

على الرغم من اندلاع المواجهات العارمة بين المحتجين والشرطة واتساع دائرة العنف التي شهدتها فرنسا خلال الأيام الماضية، فضل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لزوم الصمت والتواري عن الأنظار، مركزاً جهوده في قصر الإليزيه على البحث عن مخرج لأزمة تهدد باقي.

 

ماكرون لن يتمكن من تمرير إصلاحات كبيرة في البرلمان
تحولت التظاهرات لثورة غضب ضد سياسات ماكرون المتهم بالانحياز للأغنياء على حساب الفقراء

وفي تقرير لها، اليوم السبت، تساءلت صحيفة "شيكاغو تريبيون" الأمريكية، "أين الرئيس الفرنسي!؟" وأضافت أن "ماكرون توارى بعيداً عن الأنظار طيلة أسبوع، تاركاً لحكومته محاولة تهدئة الوضع وإنهاء الاحتجاجات العنيفة في شوارع باريس".

ودارت الصدامات بين الشرطة الفرنسية ومتظاهري حركة "السترات الصفراء"، اليوم الستب، الذين أقاموا متاريس وأحرقوا سيارات وألقوا الحجارة في تظاهرات عنيفة ومناهضة لسياسات الرئيس ماكرون، وأصبح شعار المتظاهرين "ماكرون ارحل".

وتحولت التظاهرات لثورة غضب ضد سياسات ماكرون المتهم بالانحياز للأغنياء على حساب الفقراء، ويعارض المحتجّون سياسات ماكرون الذي أدلى بسلسلة من التصريحات اعتبرت مجحفة بحق العمال العاديين، ما دفع الكثيرين إلى أن يطلقوا عليه لقب "رئيس الأثرياء"، ويتهمونه بالانحياز لصالح الأثرياء ورجال الأعمال على حساب الطبقة المتوسطة التي لم يعد يشعر بها، ولا يسعى لمساعدتها كما كان يقول قبل انتخابه.

وتهدف إصلاحات ماكرون المؤيدة لقطاع الأعمال إلى جعل الاقتصاد الفرنسي أكثر قدرة على المنافسة عالمياً، حيث تعهد بمواصلة مسعاه لإحدات تغييرات عميقة في الاقتصاد الفرنسي وعدم الانصياع إلى التظاهرات الشعبية الواسعة، بينما يرى العمال الفرنسييون أن التغييرات غير منصفة لهم.

ولم يظهر ماكرون، الذي تراجعت شعبيته في الأشهر الأخيرة للرأي العام الفرنسي على الإطلاق منذ عودته من عاصمة الأرجنتين بوينس آيرس، وتصدر واجهة الحكومة الفرنسية في التعامل مع الأحداث رئيس الوزراء إدوار فيليب، أما ماكرون الذي يقول الكثير من المحتجين أنه يختبئ بعيداً عن الناس في برجه العاجي، لم يغادر قصر الرئاسة الفرنسية، الإليزيه.

 

حب الأضواء
وتقول الصحيفة، إن "ماكرون عادة ما يبرز كمتحدث في الأوساط والمحافل الدولية كونه يحب الأضواء منذ انتخابه بأغلبية كبيرة العام الماضي، حيث كان قبل أسبوع واحد فقط من الاحتجاجات تحت الأضواء الدولية في قمة مجموعة العشرين في الأرجنتين، متحدياً الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تغير المناخ وتدابير حماية التجارة".

وبحسب الصحيفة الأمريكية، لم يتم السماح لوسائل الإعلام بطرح أسئلة أو الاقتراب من ماكرون عندما عاد من الأرجنتين ، وذهب إلى قوس النصر لرؤية الدمار الذي لحق بالنصب التذكاري.

ويذكر أن المحتجين استهدفوا قوس النصر في باريس، ودعوا ماكرون للاستقالة، وكتبوا على واجهة القوس الذي يعود تاريخه للقرن التاسع عشر عبارة "ماكرون إرحل".

وأشارت الصحيفة إلى زيارة ماكرون غير المعلنة لمدينة لو بوي أون فيلاي وسط فرنسا، والتي استغرقت ساعتين، حيث كان المحتجون في وقت سابق قد أضرموا النار في مقر الحكومة، وقال بعض المراسلين و الصحافيين المحليين، الذين كانوا بالصدفة في المدينة الفرنسية، إن "ماكرون أطلق صيحات استهجان وإهانات وسط حشد صغير من الناس".

وقام ماكرون مساء الجمعة بزيارة سريعة لقوات مكافحة الشغب التي كان من المقرر نشرها اليوم السبت في العاصمة الفرنسية باريس، حيث لم يكن هناك أي وسائل الإعلام، وقال مكتبه إنه "التقى بنحو 60 ضابط شرطة في حصن شرقي باريس وشكرهم على خدمتهم"، وفي هذه الأثناء، ترك رئيس الوزراء إدوار فيليب يبذل الجهود والمساعي أمام البرلمان وفي وسائل الإعلام، وفق توزيع للأدوار يلتزم حتما بمنطق دولة المؤسسات، غير أنه لا يرتقي برأي معارضي الرئيس إلى مستوى الأزمة.

وقالت الصحيفة الأمريكية، إنه "عادة ما يقوم الرئيس في فرنسا باختيار الخيارات السياسية الرئيسية، خاصة في مجالات الدفاع والسياسة الخارجية ، في حين أن رئيس الوزراء هو المسؤول عن القرارات اليومية، خاصة تلك المتعلقة بالقضايا الداخلية".
  
أول تنازل
واضطر ماكرون (40 عاماً) للقيام بأول تنازل كبير في رئاسته بالتخلي عن ضريبة الوقود، كما تراجعت شعبية ماكرون في استطلاعات الرأي.

وبالرغم هذا التنازل، تواصل حركة "السترات الصفراء" المطالبة بتنازلات أكثر من الحكومة بما في ذلك خفض الضرائب وزيادة الرواتب وخفض تكاليف الطاقة وحتى استقالة ماكرون.

وترى الصحيفة الامريكية، أن ماكرون لن يتمكن من تمرير إصلاحات كبيرة في البرلمان، بسبب تظاهرات "السترات الصفراء".

وأضافت الصحيفة أن "المراقبين يعتقدون أن استقالة رئيس الوزراء فيليب تعد وسيلة جيدة لحماية ماكرون، خاصة أن الاحتجاجات في فرنسا لم تهدأ إلى الآن"، ولكن فيليب رفض الخميس الماضي اقتراحات "بضرورة تقديمه استقالته".

 
 
 
 
 
ر.خ.24
زر الذهاب إلى الأعلى