شركة بريطانية استغلت فيس بوك لبث التفرقة بين العراقيين
استغل معهد بريطاني متخصص في مجال الأبحاث والدراسات التسويقية، بيانات حصل عليها من منصة فيس بوك، لنشر رسائل سياسية سلبية في العراق كان يمكن أن تجرّ إلى أعمال شغب وعنف خلال العام الماضي.
وكشفت صحيفة "ذي دايلي تيليغراف" البريطانية في عددها الأخير، أن معهد "يوغوف" للإحصاءات أوجد وصمم منشورات لمنصات التواصل الاجتماعي بسياق حملة سياسية مثيرة للريبة في الشارع العراقي.
وبحسب أدلة سرية قدمها مسؤولون رفضوا الكشف عن هويتهم للصحيفة، فإن العمل السياسي لـ"يوغوف" في العراق تضمن جمع معلومات عن الناخبين وإنشاء محتوى للفيس بوك يروج لضرورة استقلال إقليم كردستان عن العراق.
ومن بين المحتوى المذكور، مقاطع فيديو تثير المخاوف بشأن الأمن وتنتقد الجيش العراقي، ولكن من جهة أخرى تشيد بقوات البشمركة الكردية وإنجازاتها.
ويتابع التقرير أن المحتوى كان ينشر بشكل أساسي على صفحة فيس بوك تدعى "نعم كركوك"، والتي استهدفت الناخبين في المحافظة التي تعتبر اليوم أرضاً نفطية متنازع عليها بين بغداد وكردستان.
وفي الفترة التي سبقت الاستفتاء في إقليم كردستان، كثفت الصفحة من رسائلها التي تهاجم الحكومة المركزية العراقية، رافعة شعارات "بغداد أهملت كركوك" و"كردستان من جاء لمساعدتنا".
كما عممت الصفحة على الناخبين أن الاستفتاء سيعطي محافظة كركوك "فرصة الاختيار بين أن تكون جزءاً صغيراً من بلد فاشل، أو مدينة كبيرة في وطن جديد وآمن".
وأغلقت صناديق الاستفتاء في 25 سبتمبر (أيلول) 2017، مع تصويت أكثر من 90 % من المشاركين بـ"نعم من أجل الاستقلال"، إلا أن حكومة بغداد المركزية نفت أن تكون عملية الاقتراع قانونية ووصفتها بالـ "غير دستورية" ونتج عن ذلك صدامات عسكرية.
وتنقل الصحيفة البريطانية أن العاملين في معهد الإحصاء أجبروا التوقيع على تعهدات بعدم ربط "يوغوف" بمحتوى صفحات فيس بوك التي أنشئت لزعزعة الشارع العراقي.
ويقول أحد مسربي المعلومات إن صفحة فيس بوك هي مثال على "Astroturfing" ، وهو مصطلح يستخدم لوصف حملة علاقات عامة يتم تقديمها على أنها منفصلة عن الجهة التي تمولها. وكانت "يوغوف" رفضت الافصاح عن عملائها أو عملياتها السياسية في العراق، بحسب ما أوردته "تيليغراف".
في الجهة المقابلة، قال الرئيس العالمي للأبحاث المتخصصة في "يوغوف" ستيفان كاسزوبوسكي: "لقد عملنا في جميع أنحاء الشرق الأوسط – بما في ذلك العراق – منذ 2005، ودائماً بنفس المستوى العالي من الدقة والموضوعية في الاستطلاعات والاستشارات، كما نفعل في العديد من البلدان الأخرى عبر العالم. وكما هو الحال بالنسبة لجميع شركات التصويت في جميع الأسواق، لا يمكننا التحدث علناً عن عمل أحد عملائنا".
وتتكشف المعلومات الجديدة وسط موجات مستمرة من الضربات التي تزعزع أساسات الخصوصية لدى منصة فيس بوك، لا سيما ما حصل مع "كامبردغ آنالاتيكا"، عندما تم استغلال معلومات مستخدمي فيس بوك لاستهدافهم بإعلانات سياسية وتحوير معتقداتهم بشأن الانتخابات.