فرنسا: كيف ينظر مشروع قانون الهجرة الجديد إلى “جريمة التضامن” مع المهاجرين؟
أقر البرلمان الفرنسي تخفيف "جنحة التضامن"، أحد المواد الأكثر إثارة للجدل في قانون الهجرة الجديد، بحق الأشخاص الذين يساعدون المهاجرين غير الشرعيين. ويتعلق التعديل الجديد بالسماح للناشطين بنقل المهاجرين من منطقة إلى أخرى دون أن تتم إدانتهم، لكن المنظمات الإنسانية ترى أن هذا التعديل غير كاف وتشدد على ضرورة إلغاء هذه المادة بالكامل.
تقترح مسودة قانون الهجرة الجديد الذي طرحته حكومة ماكرون مؤخرا للتصويت على الجمعية الوطنية، تخفيف "جنحة التضامن" التي تعاقب الأشخاص الذين يبادرون إلى مساعدة مهاجرين في وضعية غير قانونية.
وتثير هذه المادة انتقادات الجمعيات الحقوقية والمنظمات غير الحكومية، التي تطالب بإلغاء هذه المادة التي سببت اعتقال ناشطين بتهمة مساعدة المهاجرين غير الشرعيين على الدخول إلى فرنسا وتسهيل تنقلهم في المناطق الحدودية .
وصوتت الجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي) لصالح مشروع قانون اللجوء والهجرة في قراءة أولى الأحد الماضي، وحصل على تأييد 228 نائبا ومعارضة 139 نائبا وامتناع 24 نائبا عن التصويت.
"جريمة التضامن"
من الناحية القانونية، لا يوجد مصطلح يدعى "جنحة التضامن"، إلا أن هذا التعبير هو ما اصطلح على استعماله للإشارة إلى المادة622-1 التي تعاقب الأشخاص الذين يساعدون المهاجرين الذين لا يمتلكون أوراق إقامة رسمية على دخول الأراضي الفرنسية.
(المادة 1-622: "يُعاقب بالسجن لمدة خمس سنوات وبغرامة قدرها 30 ألف يورو، كل شخص يساعد أجنبي على التنقل أو الإقامة غير القانونية بشكل مباشر أو غير مباشر، أو تيسير أو محاولة تيسير دخوله إلى فرنسا").
في العام 2012، أدخلت الحكومة الفرنسية حينها استثناءات على هذه المادة، خاصة بالتفاصيل المتعلقة بتوفير الرعاية الصحية للمهاجرين أو تأمين السكن أو الطعام لهم، بهدف التمييز بين ناشطي حقوق الإنسان وتجار البشر.
التعديل الجديد
ووفقا للقانون الذي وافقت الجمعية الوطنية الفرنسية عليه نهاية الأسبوع الماضي، هناك استثناء مرتبط بموضوع النقل وإعفاء الأشخاص الذين يقدمون "أي مساعدة تهدف إلى الحفاظ على كرامة المهاجر وسلامته الجسدية، أو توفير وسيلة نقل للمهاجرين…" من أي ملاحقة قانونية، "على أن لا تكون هذه المساعدة بهدف مقابل مباشر أو غير مباشر أو بهدف ربح مادي".
وإلى أن يصبح القانون الجديد موضع التنفيذ، مازال الأشخاص الذين يقومون بنقل مهاجرين غير شرعيين، باستخدام سيارتهم مثلا، عرضة للملاحقة القانونية. وهذا ما يحصل حاليا في المناطق الحدودية، وخاصة في منطقة " لاروايا " التي تشكل نقطة عبور أساسية للمهاجرين غير الشرعيين القادمين من إيطاليا.
وتم توقيف أربعة ناشطين عام 2017 بتهمة نقل مهاجرين غير شرعيين بسياراتهم في مناطق حدودية مع إيطاليا. كما تمت إدانة الناشط بيير ألان مانوني بالسجن لمدة شهرين، حيث تم توقيفه عندما بينما كان ينقل ثلاثة مهاجرين أريتريين بسيارته.
شكوك ومخاوف
يعتبر سيلفان غوجوا، أحد الناشطين في جمعية "روايا سيتوايين"، هذا التعديل المرتبط بموضوع النقل إيجابيا "نوعا ما". ويشير إلى أنه "سابقا كان من الممكن أن تتم إدانتنا لمجرد إيصال المهاجرين بسياراتنا، لكن الآن مع هذا التغيير أصبح بإمكاننا نقل المهاجرين بشكل آمن".
وفي الوقت نفسه، يبدي غوجوا تخوفه من قانون الهجرة الجديد الذي يعتبره غير واضحا، ويقول لمهاجر نيوز "مازلت متشككا بعض الشيء من هذا الموضوع. فالقانون لا يجرم الأشخاص الذين يساعدون المهاجرين طالما يتم ذلك ‘دون مقابل مباشر أو غير مباشر’. لكن ما الذي يعنيه هذا ‘المقابل غير المباشر’؟". مؤكدا أنه "تمت إدانة بعض الناشطين لأن المدعي قدر وجود مساعدة بهدف أنشطة حقوقية".
وفي عام 2017 تمت إدانة الناشط بيير ألان مانوني بالسجن لمدة شهرين من قبل محكمة الاستئناف في "إكس أون بروفانس" جنوب فرنسا، حيث تم توقيفه بينما كان ينقل ثلاثة مهاجرين أريتريين بسيارته. وقد وجدت المحكمة أن المساعدات المقدمة إلى الإريتريين الثلاثة "كانت جزءا من أنشطة تسعى لإزالة القيود على الأجانب".
وترى جمعية جيستي GISTI أن "العدالة بإمكانها أن تكون مبدعة فيما يتعلق ‘بالمقابل’ المباشر أو غير المباشر".
وتطالب المنظمات غير الحكومية بإلغاء المادة التي تجرم الأشخاص الذين يساعدون المهاجرين.
أما بالنسبة لوزير الداخلية جيرارد كولومب، فهو لا يبدي أي نية لإلغاء هذه المادة في مشروع القانون الجديد. ويقول إن الهدف من القانون الجديد هو تعريف "هذه الجريمة" على نحو "أكثر صرامة"، مشددا على أن تتم معاقبة "كل من يود أن يحرف إرادة الدولة في السيطرة على حدودها".