فرنسا : هل يحد احترام ماكرون للمحجبات من الإسلاموفوبيا؟
حظيت التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخرا، والتي أعرب فيها عن احترامه للمرأة المحجبة، وتحدث فيها أيضا عن مكانة الإسلام المتزايدة في فرنسا، بتغطية واسعة في العديد من المواقع ووسائل الإعلام العربية التي قدمت تفسيرات متعددة من قبيل أنها تمثل مواجهة لظاهرة الإسلاموفوبيا – المتفشية على نطاق واسع في أوروبا حاليا – واعترافا بقوة الجالية المسلمة في فرنسا.
وكان ماكرون قد قال في اللقاء الذي أجراه معه صحافيان من تليفزيون "بي إف إم" وموقع "ميديا بارت"، إنه يحترم كل امرأة ترتدي الحجاب، مضيفا أن على كل الفرنسيين احترام ذلك. وميز ماكرون، خلال المقابلة، بين المجتمع والدولة في هذا الصدد قائلا "المجتمع ليس علمانيا، ويجب أن يُسمح للنساء بارتداء الحجاب. لكن ما أريده هو عدم إجبار أي امرأة على ارتدائه. إنها معركة من أجل التحرر".
وتحدث ماكرون أيضا خلال المقابلة، عن مكانة الإسلام في فرنسا، قائلا إنه بدأ ينتشر كثيرا عقب موجات الهجرة التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن عدد المسلمين في فرنسا بات يتراوح بين 4.5 و 6 ملايين معتبرا أن " "الدين الإسلامي جديد بالنسبة للجمهورية الفرنسية" وأن "بعض الفرنسيين يخافون من الإسلام وأنا أقول لهم، بأنه يجب احترام حرية المعتقد لكي نبقى موحدين".
وبعيدا عن التفسيرات المتعددة، التي قدمها البعض لتصريحات الرئيس الفرنسي بشأن الإسلام والمحجبات وتوقيتها، فإن الرجل كان واضحا في حديثه عن أن كل ذلك يأتي في سياق ضرورة احترام الحريات الدينية في فرنسا، من أجل الحفاظ على مجتمع موحد، وكان ماكرون قد أعلن في وقت سابق، العزم على ما وصفه بإعادة هيكلة "إسلام فرنسا"، وتوضيح ماهيته خلال النصف الأول من العام الحالي 2018 بعيدا عن أي تأثير أجنبي.
غير أن كثيرين يرون أنا ما قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يبدو متناقضا إلى حد بعيد مع أوضاع الجالية المسلمة في فرنسا، في ظل القوانين الفرنسية التي تحظر ارتداء الحجاب في مؤسسات الدولة الرسمية. وكانت فرنسا قد حظرت ارتداء الحجاب في المدارس عام 2004، كما حظرت النقاب في الأماكن العامة أيضا عام 2010، وتقول السلطات إن حظر الحجاب جاء ضمن حظر لكل الرموز الدينية، في سياق التأكيد على علمانية الدولة.
غير أن الكثير من المحجبات في فرنسا، يشكين كثيرا من رفض العديد من الشركات توظيفهن رغم كفاءتهن بسبب ارتدائهن الحجاب، والذي يتعين على كل محجبة خلعه على أبواب المؤسسات التي يعملن بها أو المدارس اللاتي يدرسن بها.
ولا يستبعد كثيرون أن تكون تصريحات الرئيس الفرنسي هي مغازلة لمسلمي فرنسا من أجل أهداف سياسية، وكان ماكرون الذي لم يكمل بعد عامه الأول في رئاسة فرنسا، قد حصل على نسبة عالية من الأصوات من المسلمين، والذين اعتبروا كتلة تصويتية لا يستهان بها، خلال الانتخابات الرئاسية في إبريل ومايو من العام الماضي.
وكان موقع "لاكروا" الفرنسي قد ذكر إبان الانتخابات الفرنسية أن نسبة 92 % من الناخبين المسلمين الفرنسيين، أعطوا أصواتهم، في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، لماكرون.
وقد قوبل فوز ماكرون بالرئاسة، بترحيب كبير من مسلمي فرنسا، الذين كانوا يخشون من فوز منافسته مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، والتي عبرت مرارا عن عدم التسامح تجاه المسلمين الفرنسيين.
برأيكم
هل تسهم تصريحات الرئيس الفرنسي الأخيرة في الحد من تفشي الاسلاموفوبيا في فرنسا وأوروبا؟
هل يبدو حديث الرئيس الفرنسي متناقضا مع القوانين التي تستهدف المحجبات والمنقبات في فرنسا؟
هل تعتقدون بأن كلام الرئيس الفرنسي يهدف إلى تحقيق مصلحة سياسية؟
ما هي أهم المشكلات المرتبطة بعملية اندماج المسلمين في المجتمع الفرنسي؟
bbc