أخبار الهجرة
ما وراء عمل منظمة إغاثة ألمانية يمينية في لبنان!
أثارت منظمة مساعدة يمينية ألمانية تقدم المساعدة للاجئين السوريين في لبنان الجدل خاصة فيما يتعلق بأهدافها المعلنة. وتؤمن الجمعية أن مساعدة اللاجئين قد يمنعهم من الهجرة إلى أوروبا، إلا أن البعض يرى أن الأمر لا يتعدى كونه خدعة لا تقدم أي فرق يذكر لحياة اللاجئين. تقوم منظمة مساعدات أوروبية لها ارتباطات مع الحركة اليمينية المتطرفة بجمع الأموال للاجئين السوريين في لبنان لمساعدتهم وذلك كوسيلة لمحاربة الهجرة الجماعية إلى أوروبا. وتُسمى المنظمة نفسها "جمعية المساعدة البديلة" أو "AHA!" . وتعرَف المنظمة نفسها على موقعها على الإنترنت بأنها تريد مساعدة أولئك الذين "لا يستطيعون أو لا يريدون مغادرة بلدانهم الأصلية كي لا يصبحوا لاجئين في بلدان أوروبية". كما تصنف نفسها ومشروع المساعدات الذي تطلقه بأنه "أول مشروع معونة خاص باللاجئين، فريد من نوعه يتم تنفيذه في الشرق الأوسط". وكتبت المنظمة الأوروبية على موقعها الإلكتروني "هدفنا هومؤازرة الناس من أجل تمكنهم على مساعدة أنفسهم محليًا، ولرسم صورة مستقبلية لهم وهم في بيوتهم وقراهم بصحبة عائلاتهم". وتتابع "الهجرة الجماعية إلى أوروبا لا يمكن أن تكون حلاً". في لبنان، يعيش اللاجئون السوريون بين المواطنين اللبنانيين، وليس في المخيمات. لذلك، يتعين على اللاجئين السوريين دفع الإيجار وتكاليف المعيشة الأخرى مثل الغذاء. وتقوم المنظمةبجمع الأموال لمساعدة هؤلاء اللاجئين على دفع تكاليف معيشتهم ومستلزماتهم. وكثيرا ما تنتقد هذه المنظمة برامج مساعدة اللاجئين الأخرى التي تعين المهاجرين على طلب اللجوء في البلدان الغربية. إن تأثير المنظمة، الذي تأسس في صيف عام 2017، ما زال صغيرا إلىحد كبير، فحتى الآن، لم تجمع هذه المنظمة سوى بعض الأموال التي تكفي بالكاد لتمويل إيجار 10 عائلات فقط من اللاجئين السوريين في بيروت حسب ما أوردته إذاعة NPR الأمريكية. الحركات القومية "الشعبوية" يربط أعضاء المجموعة أنفسهم بالحركة اليمينية الشعبوية التي نشأت في فرنسا. وتسعى هذه الحركة إلى الحد من هجرة المسلمين إلى أوروبا. مبادرة المنظمة واجهت العديد من الانتقادات التي وصفتها بأنها "ليست محايدة". فيرونيك باربيليت، وهي باحثة ومتخصصة في السياسة الإنسانية في معهد التنمية لما وراء البحار فيالمملكة المتحدة قالت لمهاجر نيوز "يجب أن تستند المساعدات الإنسانية للمعايير الدولية إلى المبادئ الإنسانية وأن تكون محايدة ونزيهة ومستقلة". وتؤكد الباحثة أن هذا الأمر ناتج عن"سنوات من الخبرة في إدارة المعونات ضمن النطاق السياسي من أجل ضمان تقديم أفضل مساعدة ممكنة للمتضررين من الأزمات". "حملة علاقات عامة" من جهتها تؤكد بينتي شيلر، مديرة فرع مؤسسة هاينريش بول الألمانية في بيروت، أن ما تفعله منظمة AHA اليمينية هي من أجل لفت النظر فقط، وقالت لمهاجر نيوز "ما يقدمونه منأجل العلاقات العامة فقط ، إذ أنه لا توجد خطة، ولا استراتيجية موجهة نحو تخفيف وضع اللاجئين في لبنان". وأضافت " المنظمة تريد أن تظهر فقط بمظهر المتبرع أمام مؤيديها في ألمانيا. وتشير شيلر إلى أن التبرعات المقدمة إلى المنظمة لا تذهب بالضرورة إلى اللاجئين السوريين، بل قد تذهب من أجل نشر ودعم المبادئ السياسية التي تنتهجها المنظمة. وتوضح: "اللاجئون هنايعتبرون أداة للمنظمة اليمينية، هناك العديد من المنظمات التي تعمل في قضايا اللاجئين في لبنان ومهنية للغاية، ومن يرغب في القيام بشيء ما للاجئين يفضل الذهاب إلى واحدة منهم". مخاوف جدية حول شرعية المنظمة واحدة من منظمات الإغاثة الإنسانية العاملة في لبنان هي منظمة ميديكو الدولية التي مقرها فرانكفورت، والتي تساعد على توفير الرعاية الصحية للاجئين السوريين في لبنان والعديد منالمناطق الأخرى. وفي لقاء مع مهاجر نيوز وصف تيل كوستر منسق مشروع المساعدة في سوريا ولبنان التابع ل "ميديكو انترناشنال" أن العمل الذي تقوم به منظمة AHA ليس أمرا فريدا من نوعه كما تدعي المنظمة اليمينية. ويشكك كوستر في جدوى الطريقة التي تنتهجها هذه المنظمة لمساعدة اللاجئين ويقول " دفع إيجار السكن عن بعض اللاجئين ينصب عادة في دعم أصحابالعقار". ويضيف العديد من ملاك العقارات في لبنان يستغلون وضعية اللاجئين غير القانونية في كثير من الأحيان ويجعلونهم يدفعون إيجارات باهظة نظير توفير مساكن لهم في منازل وشققمهدمة". كما تواجهالمنظمة تحديات جدية فيما يتعلق بشرعيتها. إذ لا تملك المنظمة، على سبيل المثال، "ختم التبرع" (Spendensiegel) وهي شهادة بأنها جمعية خيرية تتعامل مع التبرعات بشكلموثوق. وتخضع الجمعيات التي تحمل هذا الشعار لمراقبة المعهد المركزي الألماني للمسائل الاجتماعية والمنظمات غير الربحية الذي يرصد تبرعاتهم سنويا ويمنحهم هذا الختم مصادقة لهم علىاستيفاء معايير المعهد، بحسب الخبير أندريه هونكو في لقاء مع مجلة فوكس الألمانية. وفي ذات السياق يؤكد راينر فريتز وهو عضو في مؤسسة كاريتاس الخيرية التي تعمل أيضا في سوريا في لقاء مع صحيفة نويز دويتشلاند اليسارية بشأن المنظمة أن "الافتراض القائل بأن هذه المنظمة هي خيرية هو أمر غير قابل للتصديق". و تؤكد بينتي شيلر، مديرة مؤسسة هاينريش بول الألمانية أن الطريقة التي تدعمها هذه المنظمة من أجل منع اللاجئين السوريين من مغادرةلبنان إلى أوروبا هو موضع نقاش، حيث أن القليل منهم فقط يغادرون لبنان إلى أوروبا. وقالت شيلر إن معظم اللاجئين السوريين يرغبون في مغادرة لبنان لأنهم لا يملكون حقوقًا ومن المرجح ألا يحصلوا على أي وضع قانوني هناك، ولذلك يفضلون العودة إلى سوريا، على الرغم منالحرب. بيد أن الذهاب إلى أوروبا من لبنان لا يعد خيارا مطروحا أمامهم كما تقول مديرة المؤسسة الألمانية. وقالت شيلر "اللاجئون السوريون في لبنان عالقون بين هذين الخيارين – البقاء فيلبنان أو العودة إلى سوريا". "لا توجد قوارب للاجئين تغادر الشواطئ اللبنانية إلى أوروبا. وعلى ما يبدو، لم تهتم منظمة AHA بما يكفي لفهم ذلك." المنظمات غير الحكومية وتعاملها مع الهجرة بدوره يؤكد كوستر أن الطريقة التي اتبعتها منظمة AHA تفتح الباب واسعا للنقاش حول دور المنظمات غير الحكومية وأساليبها في التعامل مع الهجرة. ويعتقد منسق مشروع ميديكو أن دوافعالمنظمات تكون عادة "مترافقة مع الجدل الدائر حالياً حول مهام الإنقاذ في البحر المتوسط ، حيث يتم تجريم المنظمات غير الحكومية من قبل السياسيين وحركات اليمين في أوروبا من خلالالقول بأن هذه المنظمات غير الحكومية تشجع المهاجرين وتساعدهم من أجل المجيء إلى أوروبا، وبذلك فإن مساعدة المحتاجين وإنقاذ الأرواح يصبح جريمة لأنه يؤدي إلى تدفق أكبر للمهاجرينإلى أوروبا". وقال كوستر "من المفترض أن تكون المساعدات الإنسانية محايدة وتستجيب لاحتياجات الأشخاص الضعفاء. وما تقوم به المنظمة اليمينية يستخدم الآن سياسياً ضد قيم ما يُفترض أنها تدعمه، والذي يتمثل بـ: الإنسانية والدفاع عن حقوق الإنسان".
infomigrants