هنا اوروبا

داعش يهدد فرنسا أكثر من السترات الصفراء

أينما ينظر المرء إلى فرنسا في بداية 2019، لا يرى سوى علامات التشاؤم، خاصة بعد الأحداث التي شهدتها البلاد من تهديد إرهابي وحركات احتجاجية في الطرق العامة.

وبمناسبة رأس السنة الجديدة، أصدر الرئيس الفرنسي إيمانويل في رسالة إلى شعبه تحذيراً قوياً لحركة السترات الصفراء، واصفاً عناصرها بأنها "حشد مليء بالكراهية" واتهمهم بمهاجمة الشرطة ووسائل الإعلام، وتعهد بأن الأمر الجمهوري سيتم ضمانه دون أي تساهل.

توعد السترات الصفراء
وأثارت رسالته انزعاجاً كبيراً لدى السترات الصفراء، إذ توعد أحد قادتها ماكسيم نيكول، بانتفاضة مسلحة، وقال عبر موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: "الكثير من الناس مستعدون لخسارة حياتهم على أمل مستقبل أفضل".

ويعد نيكول من أكثر قادة الحركة عدوانية، جنباً إلى إريك درويت، الذي دعا في ديسمبر(كانون الأول) الماضي الناس إلى اقتحام قصر الإليزيه، الذي صرح لاحقاً بأن كلماته قد أسيء تفسيرها.

واعتقل درويت الذي يواجه بالفعل تهمة حمل سلاح في مظاهرة سابقة مرة أخرى في باريس مساء أول أمس الأربعاء، بينما كان يتجه إلى شارع الشانزليزيه لوضع شمعة لتذكر الذين لقوا حتفهم خلال الاحتجاجات.

وأثار خبر اعتقاله غضباً كبيراً لدى أعضاء الحركة، حيث اعتبروا أن ماكرون ينتقم من سائق الشاحنة البالغ من العمر 33 عاماً، وزعم الزعيم اليساري جان لوك ميلينشون على موقع التواصل الاجتماعي تويتر أن الاعتقال هو عمل شرطة مسيسة تستهدف مضايقة قادة السترات الصفراء، في حين اتهمت زعيمة اليمين الفرنسي المتطرّف، مارين لوبان، الرئيس بانتهاك سياسة حقوق الإنسان.

وأصرت الحكومة على أن أسابيع العنف في البلاد قد انتهت، وأمر وزير الداخلية كريستوف كاستانير، المحافظين في جميع أنحاء البلاد بأن يكونوا أكثر قوة في إزالة المتظاهرين من مناطق انتشارهم.

ويرى درويت المعتقل، أن عام 2019 سيتطلب منهجاً مختلفاً، وقال إن "هناك بعض الرسائل الصارمة التي يتم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، حول ما يجب القيام به في قاعة المدينة والحي المالي، ولكن العديد من هذه ستكون صرخات المعركة من محاربي لوحة المفاتيح".

ومن جهة أخرى، هناك محاربين آخرين يهددون فرنسا في عام 2019، هؤلاء الموالون للعلم الأسود التابع لتنظيم داعش الإرهابي، مثل فابيان كلين، الذي بعث في بداية العام الجديد رسالة، حث فيها "الإسلاميين" الذين عادوا إلى ديارهم، بالثأر لإخوانهم الذين قتلوا في الغارات الجوية التابعة للتحالف.

لقد كان ماكرون محظوظاً في الأشهر الـ 20 الأولى من رئاسته، حيث نجا نسبياً في العاميين الماضيين مقارنة لما شهدته فرنسا من هجمات إرهابية خلال عامي 2015 و2016.

تهديد داعش
ووفقاً لصحيفة "ذا سبكتاتور"، سجلت البلاد هجومين فقط في 2018 كأكبر الحوادث الإرهابية، أولها كان مدينة تريب حين قتل إسلامي متشدد 4 أشخاص، وثانيها في ديسمبر (كانون الأول) في سوق ستراسبورغ عندما أطلق أحد الموالين لتنظيم داعش النار على 5 أشخاص خلال موسم عيد الميلاد، وتم اعتراض 6 هجمات أخرى من قبل أجهزة المخابرات قبل أن يتم حدوثها.

وإجمالاً تم إحباط 55 هجوماً من قبل المديرية العامة للأمن الداخلي "DGSI" منذ نوفمبر(تشرين الثاني) 2013، ولكن هذا العام قد يكون الأكثر ازدحاماً حتى الآن.

فمنذ صيف عام 2018، تم إطلاق سراح الإرهابيين الإسلاميين المدانين في السجون الفرنسية البالغ عددهم 512 سجيناً بشكل متواصل بعد قضاء مدة عقوبتهم، إذ تم إطلاق سراح 20 سجيناً في العام الماضي، ومن المقرر إطلاق سراح 30 آخرين خلال العام الجاري.

وهؤلاء الجهاديون هم شباب فرنسيون يبلغ متوسط أعمارهم 24 عاماً، ذهب بعضهم إلى سوريا دعماً لتنظيم داعش وغيرهم ممن بقوا في فرنسا لتقديم دعم منطقي أو معنوي للجماعة الإرهابية، وبالإضافة إلى ذلك، فإن 450 سجيناً سيخرجون من السجن بعد قضاء وقت في ارتكاب جرائم لا علاقة لها بالإرهاب.

ويرى مراقبون للشأن الفرنسي، أن رجال الشرطة ووكالة الاستخبارات في البلاد قد وصلت إلى حد الانهيار، حيث أنهى العام الماضي 61 من رجال الشرطة والدرك حياتهم، ونظراً لحالة استنفادهم ينبغي على الرئيس ماكرون إعطاء الأولوية لملاحقة أولئك الذين ينتسب ولاءهم إلى العلم الأسود وليس السترة الصفراء.

 
 
 
ر.خ/24
زر الذهاب إلى الأعلى