أخبار

لماذا نجح كيم وفشل صدام والقذافي في امتلاك سلاح نووي؟

في مقال عنوانه، "لماذا نجحت كوريا الشمالية في الحصول على أسلحة النووية، بينما فشل العراق وليبيا في ذلك"، كتب مالفريد بروت هيغهامر أن 3 عوامل محورية في نجاح كوريا الشمالية. 

 
أولاً: الأسلحة النووية أولوية كيم 
قد يبدو أنَّ القادة المستبدين يسعون بتصميمٍ للحصول على أسلحةٍ نووية، لكن ليس جميعهم يفعلون ذلك بإخلاص. فبعد نجاح كيم جونغ-إيل أواخر 2011، جعل كيم جونغ-أون الوصول للأسلحةً النووية المتطوِّرة ووسائل إطلاقها هدفه الرئيسي. فأعاد توجيه الموارد إلى برنامج الصواريخ، وروَّج للعلم باعتباره رأس أولويات النظام، وربط رويداً رويداً صورته العامة بالعلم والعلماء.

على النقيض من ذلك، أظهر البحث الذي جاء في كتاب جديد عن البرنامجين النوويين العراقي والليبي، أنَّ الرئيسين العراقي صدام حسين والليبي معمر القذافي لم يضعا مسألة تطوير أسلحة نووية كأولوية إلا بصورةٍ مُتقلِّبة. فقد غزا صدام الكويت في 1990، في وقتٍ كان البرنامج النووي العراقي فيه قريباً من تحقيق اختراق. ولو لم يحصل ذلك، لكان من المُرجَّح للغاية أن يحصل العراق على أسلحةٍ نووية بحلول منتصف أو أواخر التسعينيات.

بدوره، كان نهج القذافي حيال برنامج الأسلحة النووية متناقضاً، الأمر الذي يعكس الانقسامات الطويلة داخل النظام الليبي حول ما إذا كانت الأسلحة النووية تُمثِّل أولوية ضرورية أو مهمة.

فطوال عقد التسعينيات، سعى القذافي للحصول على أسلحةٍ نووية في الوقت نفسه الذي تواصَل فيه مع الولايات المتحدة، عارِضاً التخلِّي عن تلك القدرات النووية مقابل تحسين العلاقات الثنائية. وفي نهاية المطاف، تخلَّى عن برنامجه كجزءٍ من اتفاقٍ مع الولايات المتحدة وبريطانيا أواخر 2003. وهو قرارٌ مشؤوم، كما يشير إليه مسؤولو كوريا الشمالية مِراراً؛ لأنَّ الولايات المتحدة والتحالف الذي يقوده "الناتو" دعما انتفاضة أطاحت بالنظام الليبي في عام 2011.

ويمثّل قرار كيم جونغ-أون أيضاً خروجاً عن نهج والده بخصوص البرنامج النووي، إذ جمّد كيم جونغ-إيل البرنامج النووي في التسعينيات كجزءٍ من إطار عمل اتُّفِق عليه بالتفاوض بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية.

ثانياً: الحماية للعلماء
تُعَد استراتيجية الإدارة عاملاً مهماً في نجاح بعض المستبدين وفشل البعض الآخر.

يُدير المستبدون -حتى لو كانوا آباء وأبناء- مؤسسات الدولة والعلماء بصورةٍ مختلفة. فقد حكم كيم جونغ-إيل أساساً عن طريق المؤسسات، ولم يبدُ أنَّه يرفع العلماء فوق النخب الأخرى. أمَّا كيم جونغ-أون، فسلك نهجاً أكثر شخصانية، وأخضع المؤسسات الرئيسية لسيطرته عبر حملات تطهيرٍ واسعة. لكنَّه وفَّر الحماية للعلماء من حملات التطهير تلك، وقدَّم لهم امتيازاتٍ حصرية، وضمن ذلك حصص غذائية أفضل وشقق جديدة.وأفادت التقارير أنَّ كيم جونغ-أون لم يقتل أحداً من العلماء، بل طوَّر سُمعة بأنَّه متسامح مع إخفاقاتهم.

بدوره، جعل صدّام البرنامج النووي العراقي أكثر اعتماداً على مبدأ الجدارة، وتصدَّى للجهود التي بذلها أعضاء حزب البعث للإطاحة بغير البعثيين من البرنامج. وتمتَّع العلماء النوويون العراقيون بمجموعة من المزايا، وحصلوا على موارد غير محدودة تقريباً رغم القيود التي فُرِضَت على الاقتصاد العراقي.

وفي المقابل، لم يُوفّر القذافي الحماية للعلماء النوويين بأي وسيلة: فرواتبهم كانت منخفضة، وكانوا مضطرين إلى الخدمة في القوات المسلحة كأي مواطنٍ آخر. وكان على البرنامج النووي الليبي التنافس مع المؤسسات الأخرى، لا سيَّما قطاع النفط، للحصول على أفضل العقول. 

ثالثاً: قليلٌ من الاعتماد على النفس
طوَّرت كوريا الشمالية القدرة لإنتاج أسلحة نووية وصواريخ محلياً. وقد حظيت البلاد بمساعدةٍ طوال سعيها لذلك، فاستعانت بعلماء أجانب، واشترت وقايضت التكنولوجيا الأساسية اللازمة مع بلدان أخرى وشبكاتٍ تسعى للربح، لكنَّها استفادت من تلك المقايضات أكثر من العراق وليبيا. لماذا؟ قد يكون أحد الأسباب هو أنَّ الصين حينما قلَّصت دعمها لكوريا الشمالية في الستينيات، طوَّرت بيونغ يانغ أساساً محلياً للطاقة النووية وبرامج الأسلحة. 

في المقابل، سلك القذافي النهج المعاكس، فاستعان بمصادر خارجية للحصول على التكنولوجيا الأساسية بدلاً من تطوير تلك القدرات داخلياً. وشعر الليبيون بالخيانة من جانب مُورِّديهم في السوق النووية السوداء، لا سيَّما من عبد القدير خان، الذي باعهم معداتٍ قديمة عانوا من أجل تشغيلها. لكنَّ مشكلتهم الأساسية كانت عدم كفاية مواردهم الداخلية.

عندما أمر صدام حسين علماءه بالبدء في برنامج الأسلحة النووية بعد هجومٍ إسرائيلي على مفاعلٍ نووي في عام 1981، أوعز إليهم بتبنِّي التكنولوجيا التي يمكنهم إتقانها وتجنُّب السعي للحصول على مساعدةٍ خارجية، التي كان من شأنها إثارة انتباه العالم الخارجي 

 
24
زر الذهاب إلى الأعلى