منوعات

سيدة سويسرية من “مدربة منطاد” إلى رئيسة جمعية لرعاية الحيوانات في الغردقة

حولت سيدة سويسرية، تُدعى مونيكا كاريرا، تقيم منذ عشرين عاما بمدينة الغردقة، بمحافظة البحر الأحمر، بجمهورية مصر العربية، حديقة منزلها إلى دارٍ لإيواء الحيوانات الضالة، والمشردة في الشوارع، حيث تقدم  لهم الرعاية اللازمة، من خلال فريق طبي أحضرته من سويسرا، وشيئًا فشيئًا صارت حديقة حيوان مصغرة، يرتادها الزوار من المصريين والأجانب المقيمين بالمحافظة، وكذا السائحون، الذين يزورون المدينة.

وتؤكد "مونيكا"، لـ"swissinfo.ch"، أن هدفها من إنشاء جمعية " بلومون" (أي القمر الأزرق) لرعاية الحيوانات الضالة بالغردقة، والتي تضم العديد من الحيونات، كالكلاب، والقطط، والطيور، والقردة، والماعز، والخراف، والحمير، والخيول، والجمال، إنساني بحت، وأنها لا تستهدف من ورائها الربح، كما يدعي بعض الناس"؛ نافيةً تليقيها دعمًا ماديًا، من أي إنسان، أو أية هيئة أو مؤسسة، داخل أو خارج مصر".

جاءت إلى مصر منذ 20 عامًا بالمنطاد!

تقول مونيكا إنها وُلِدَت في  قرية غشتاد السياحية بكانتون برن جنوب غرب سويسرا، على بعد 70 كم من جنيف، و250 كم من زيورخ، لأب إيطالي وأم سويسرية، وإنها جاءت من سويسرا إلى مصر، بالمنطاد، منذ 20 عامًا، وأنها كانت تعمل مدربة مناطيد في سويسرا، وكانت لديها شركة هناك تقوم بتأجير المناطيد للزوار والسائحين الذين يأتون إلى قرية غشتاد للإستمتاع بأوقاتهم.

تضيف أنها تزوجت من الفنان التشكيلي المصري صلاح جاد الكريم، عام 2000، وحصلت على الجنسية المصرية عام 2003 (أي منذ 14 عامًا)، وهي تقيم منذ قدومها إلى مصر بمدينة الغردقة، بمحافظة البحر الأحمر، وأن عمرها الآن 57 عامًا، وأنها أحبت الإقامة في مصر، ولا تفكر في العودة بشكل نهائي إلى سويسرا.

سيدة تلاعب أحد الكلاب الموجودة في مزرعة

السيدة السويسرية مونيكا كاريرا، مع  أحد الكلاب الموجودة بالمزرعة.

(swissinfo.ch)

تتابع، "مونيكا"، أنها كانت في البداية تزور غشتاد، مسقط رأسها في سويسرا، مرتين في العام، غير أنها الآن بعدما تفرغت تمامًا للإهتمام بالحيوانات، وتقديم الرعاية اللازمة لها، وبعد انشغالها بشئون المزرعة والعيادة البيطرية، أصبحت تزور سويسرا مرة كل 3 سنوات؛ مشيرة إلى أنها تتحدث 7 لغات، وأنها تفهم اللغة العربية جيدًا، لكنها تتحدثها بدرجة معقولة.

وتوضح، أنها قبل مجيئها إلى مصر، كانت تعمل في إحدى الفنادق الكبرى، في قرية غشتاد السياحية بسويسرا، والموجودة في واحدة من أجمل المناطق السياحية في العالم، فوق جبال الألب، والتي يرتادها رجال المال والسياسة، وكبار أثرياء العالم، وهو ما كان سببًا في تعرفها على عدد من مشاهير العالم؛ حيث تمتلك هي وأسرتها عددًا من البيوت الريفية (شاليهات) التي يستأجرها السياح.

وأنها أجرت الشاليه الذي تملكه في قرية غشتاد، بسويسرا، وكلفت سكرتيرتها الخاصة بتحصيل إيجاراتها، وتولي كل أمورها، وإدارة مصالحها، في سويسرا؛ نافيةً تلقيها، أي دعم مادي، من أي شخص أو جهة، للصرف على المزرعة، وأن أقصى ما تتلقاه الدار، هو الدعم المعنوي، والتشجيع، من خلال موافقة الجهات المسؤولة بالغردقة، والتنسيق معنا، لإجراء عمليات إخصاء لكلاب الشوارع، والقطط الضالة.

"أنا فنان تشكيلي ومساعد لزوجتي"

يلتقط زوجها الفنان التشكيلي المصري صلاح حسن محمود جاد الكريم، طرف الحديث، فيقول: "أنا من مواليد محافظة الشرقية، وحصلت على الماجستير في الفن التشكيلي، من كلية الفنون الجميلة، بجامعة حلوان، بمصر، عام 1997، وسافرت إلى هولندا، عام 1998، للحصول على درجة الدكتوراه، غير أن الظروف المادية حالت دون إكمالي للدراسة، فعدت إلى مصر".

ويضيف "جاد الكريم"، في حوار خاص لـ"swissinfo.ch"، قائلاً: "وخلال زيارة عمل في الغردقة، لحضور معرض في الفن التشكيلي، تعرفت على المواطنة السويسرية مونيكا كاريرا، وتزوجنا في عام 2000 (أي منذ 17 عامًا)، ثم سافرت معها إلى سويسرا، وأقمت في الشاليه الذي تمتلكه هناك، في قرية غشتاد، وهناك عملت 6 معارض للفن التشكيلي، في مجال النحت والرسم، وعندي مرسم في سويسرا".

وتابع: "وفي الغردقة إلى جانب مساعدتي لزوجتي مونيكا في المزرعة، أعمل مجال النحت، من خلال استخدام أحجار من البحر الأحمر، وخاصة من الجرانيت، وهو في نظري لا مثيل له في العالم، ولي زبائن في الغردقة، سواء من الأجانب المقيمين بها، أو من السياح، كما أن بعض زوار المزرعة يتفاعلون مع أعمالي الفنية".

الحكاية بدأت بـ"قطة"

يقول "جاد الكريم"، إن "علاقة زوجتي السويسرية مونيكا كاريرا بالحيوانات، بدأت في الغردقة، عندما اشترينا قطة، وبعد فترة أنجبت 8 قطط، مات منهم 4 قطط، أثناء إجراء عمليات إخصاء لهم، بسبب إخفاق الطبيب البيطري، الذي أجرى العمليات، في تقديم الرعاية الطبية اللازمة لهم، عندها أصرت مونيكا على اصطحاب طبيب بيطري معنا في إحدى زياراتنا لسويسرا، وهناك أتاحت له فرصة التدريب على أيدي باقة من أفضل الخبراء في مجال الطب البيطري بسويسرا".

وأضاف: "وعندما عدنا من سويسرا، أنشأنا حديقة صغيرة للحيوانات، في المنطقة أمام البيت الذي نقيم به في الغردقة، لكن شرطة المرافق هناك أزالت الحديقة، فاستأجرنا مساحة 200 متر مربع، بالمنطقة الصناعية، بشمال الغردقة، وأقمنا عليها مزرعة لرعاية الحيوانات، وافتتحنا عيادة بيطرية، ملحقة بها، لتقديم الرعاية الطبية اللازمة للحيوانات".

وتابع: "وبدأنا نستقبل الحيوانات ذات الحالات الخاصة؛ سواء كانت مريضة أو تعرضت لحوادث، حيث يقوم فريق الأطباء البيطريين بتقديم العلاج اللازم لها، كما قمنا بالبحث عن الحيوانات الضالة والشاردة، وأدخلناها إلى المزرعة، للمحافظة عليها وتقدم الرعاية اللازمة لها"؛ موضحًا أن "كل هذا يتم بدافع إنساني بحت، ومن باب الرفق بالحيوان، وليس من باب التجارة والبحث عن الربح كما يدعي البعض".

وقال "جاد الكريم"، إن "مونيكا اتفقت مع بروفيسور سويسري، متخصص في الطب البيطري، على القيام بزيارات دورية لمزرعتها في الغردقة، لعمل دورات تدريبية، لتأهيل الأطباء البيطريين والمساعدين، الذين يعتنون برعاية الحيوانات، سواءً في  مزرعتها أو من خارجها"؛ مضيفًا: "لدينا في العيادة البيطرية، بروفيسور سويسري، وطبيبة بيطرية إيطالية، وطبيب بيطري مصري، وطبيبان آخران حديثي التخرج، بهدف إكسابهم الخبرات، وتأهيلهم للقيام بالرعاية اللازمة للحيوانات".

قدمنا الرعاية الطبية لـ 3600 كلب وقطة

الفنان التشكيلي المصري، زوج السويسرية مونيكا، أوضح أيضا أنه "منذ إنشاء العيادة البيطرية، وحتى اليوم، تم تقديم الرعاية الطبية اللازمة، سواء علاجية أو إخصائية (لمنع تكاثر وانتشار كلاب الشوارع)، لحوالي 3600 حيوان، معظمهم من كلاب الشوارع، والقطط الشاردة".

جاد الكريم أكد أن "فكرة إنشاء دار لإيواء ورعاية الحيوانات، في الغردقة، هدفها إنساني بالدرجة الأولى، وينبع من قناعتي وزوجتي بضرورة الرفق بالحيوان، ولا علاقة لنا بما يدعيه البعض، من أن هدف المشروع مادي أو تجاري، ومن لديه شك في صدق كلامنا، يُمكنه أن يُراجع حساباتنا في مصر أو في سويسرا".

ويضيف موضحا أن "مونيكا تصرف على الدار من دخل العيادة البيطرية، التي تقدم الرعاية الخاصة للحيوانات التي يُحضرها أصحابُها، من المصريين والأجانب المقيمين في الغردقة، أو بعض السياح الذين يزورون الغردقة أو غيرها من مدن البحر الأحمر"؛ إضافة إلى "الدخل العائد من الإيجارات التي يدرها البيت الريفي (شاليه) الذي تمتلكه مونيكا في منتجع غشتاد السياحي بسويسرا".

كلب ضال يتلقى الرعاية الطبية من طرف بيطري وممرضة

أحد الكلاب الضالة أثناء نقله إلى المزرعة ليتلقى الرعاية الطبية والاهتمام اللازم.

(swissinfo.ch)

فريق عمل متكامل بالمزرعة والعيادة

جاد الكريم لفت أيضا إلى أن فريق العمل في المزرعة يتكون من "مدام مونيكا، وأنا، والدكتور عصام (مصري)، والدكتورة ماريا (إيطالية)، إضافة إلى 3 أطباء بيطريين، من حديثي التخرج، أحدهم كان يدرس بأستراليا، وجاء إلى مصر، وانضم لفريق العمل معنا، ليحصل على التدريب العملي اللازم، تمهيدًا للعودة لأستراليا، لاستكمال الدكتوراة"، فضلاً عن 5 عمال لرعاية الكلاب، و4 لرعاية الحمير، و2 للقيام بأعمال النظافة ورعاية النباتات الموجودة بالمزرعة".

وتابع "جاد الكريم": "أما العيادة الطبية؛ فيديرها 5 أطباء بيطريون، مدربون على أعلى مستوى، إلى جانبهم 3 مساعدين، لتقديم الرعاية الطبية اللازمة، للحيوانات التي تأتي للعيادة من الخارج، بمقابل، للمساعدة في الصرف على حيوانات المزرعة، وسداد أجور ورواتب العاملين بها"؛ مشيرًا إلى أن "العيادة تجد إقبالاً ملحوظًا من الأجانب المقيمين في الغردقة وباقي مدن البحر الأحمر".

إضافة إلى ذلك، يقوم الأجانب المقيمون بالغردقة ومدن البحر الأحمر، بإيداع كلابهم وقططهم، في مزرعة مونيكا، عند سفرهم في زياراتهم لبلدانهم، لتقوم المزرعة بتعهدها بالرعاية والإهتمام من حيث التغذية، والتنظيف، والعلاج، مقابل سداد مبلغ من المال، يتم توجيهه للصرف على حيوانات المزرعة، وسداد رواتب العاملين بها. إضافة إلى ذلك، تقوم المزرعة بعمل تحليل الدم للكلاب والقطط، التي يرغب أصحابها في سفرها معهم خارج مصر، وهي تحاليل يتم إجراؤها في ألمانيا، وتستغرق 3 أشهر، نظير مقابل من المال.

الزيارات مجانية ورحلات الطلاب بلا مقابل

جاد الكريم أشار أيضا إلى أن "هناك سيدة سويسرية تُدعى سوزي أوتسيغر، ترأس واحدةً من أشهر الجمعيات المتخصصة في رعاية الحيوانات بسويسرا، نشرت مؤخرًا كتابًا يحكي عن أوضاع الحيوانات في عدد من دول العالم، وخصّصت جانبًا من الكتاب للحديث عن تجربة مزرعة مونيكا"؛ موضحًا أنها تزور المزرعة في الغردقة، من حين لآخر، وبصحبتها فريق طبي متخصص في رعاية الحيوانات، لتدريب الأطباء البيطريين بمصر.

وفيما يبدو ردا على بعض المزاعم، قال زوج السيدة مونيكا: "أتحدى أن يعلن أي إنسان، أو جهة أو مؤسسة، أنه قدم للدار أي شيء أو دفع لنا أي أموال لنا، مقابل المهمة الإنسانية التي نقوم بها، انطلاقًا من إيماننا بضرورة الرفق بالحيوانات والرحمة بها".

واختتم حديثه قائلاً: "نفتح باب المزرعة للزائرين، بدون سداد أية رسوم، يومي السبت والثلاثاء، من كل أسبوع، من الساعة التاسعة صباحًا، وحتى الساعة الواحدة ظهرًا، كما نستقبل زيارات الطلاب، ورحلات المدارس، ونقوم بتقديم شرح مبسط لهم، لتوعيتهم بكيفية معاملة الحيوان، وضرورة الرفق به".

 

 

 

swissinfo.ch

زر الذهاب إلى الأعلى