انتقادات لحكومة ميركل الجديدة لخلوها من وزراء ذوي أصول مهاجرة
مولر، براون، شولتسه أو شوير تبدو أسماء ألمانية بشكل أو آخر. وليس من المستغرب أن تجدها في قائمة الأسماء الخمسة عشر التي تشكل معاً الحكومة الاتحادية الجديدة. لكن ألقاباً مثل بواتينغ، موصطفي، أوزيل أو خضيرة، تبحث عنها في وزارة أنغيلا ميركل الجديدة فلا تجدها؛ على عكس ما هو موجود يومياً منذ مدة طويلة في المنتخب الوطني الألماني لكرة القدم، وهذا يخلق الإحباط وخيبة الأمل بين أولئك، الذين يريدون أن يعرفوا أن تاريخ ألمانيا كدولة هجرة ممثل أيضا في المناصب العليا.
لم يترك أيمن مزيك، رئيس المجلس المركزي للمسلمين، توزيع الحقائب في الحكومة الرابعة لميركل بدون تعليق. وقال لـDW بعد أن تسلم الوزراء حقائبهم: "لم أنتقد ذلك بحدة، وإنما علقت بشكل موجز بأن الحكومة الاتحادية الجديدة تكون بذلك ذات خلفية هجرة ضعيفة جدا أو معدومة تقريبا". وهذا يتناقض بشكل صارخ مع الواقع الاجتماعي: لأنه اعتمادا على الإحصائيات المختلفة اليوم فإن واحداً من كل أربعة أو واحداً من كل خمسة ألمان هو ذوو أصول مهاجرة.
كاتارينا بارلي، وزيرة العدل الاتحادية الجديدة من صفوف الحزب الاشتراكي الديمقراطي تعكس على استحياء هذا التنوع بجواز سفرها الألماني البريطاني. وبالنسبة لأيدن أوزغوز، عضو البرلمان الألماني (بوندستاغ) عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي ووزيرة الدولة السابقة لشؤون لاندماج، فإن حكومة ميركل تعد خطوة إلى الوراء فيما يتعلق بسياسة الاندماج، وتقول أوزغوز "كان هناك قدر لا يصدق من الاهتمام بالتوزيع الإقليمي، والتوازن بين النساء والرجال، لكن للأسف لم يكن هناك اهتمام اطلاقا بتمثيل ألمانيا كبلد هجرة".
المنتخب الألماني الفائز بمونديال البرازيل 2014 نموذج واضح للاندماج، بوجود بواتينغ وخضيرة وكلوزة وأوزيل وغيرهم
أوزغوز: "التنوع لا يجلب مكاسب في الوقت الحالي"
بيد أنها لا تعتبر عدم وجود تنوع في مجلس الوزراء صدفة، وتقول أوزغوز DW "لا أعتقد أن هذا ينم عن نوايا شريرة، لكني أعتقد أنه تعبير عن ارتباك سياسي". وأضافت أن غياب العقول من خلفيات مهاجرة هو انعكاس لواقع اجتماعي متغير تتراجع فيه "قضايا الاندماج". ومن يعمل من أجل الاندماج لا يمكنه أن ينتظر الكثير من التصفيق في الوقت الحالي، وإنما سيتعرض لأجل ذلك للضرب في حالة الشك، وتضيف "منذ فترة طويلة والمزاج لم يعد موجهاً ضد اللاجئين فحسب، بل ضد كل الأشخاص الذين لديهم أي تاريخ عائلي للهجرة، حتى ولو كانوا متجنسين أو ولدوا في ألمانيا".
أوزغوز، التي كبرت في ستينات القرن الماضي كابنة لتاجر تركي في هامبورغ، تحتم عليها أن تعاني بنفسها من مناخ الكراهية والرفض. وقد أنكر ممثل بارز من صفوف حزب البديل من أجل ألمانيا أن يكون المواطنون من أصول تركية ألماناً (حقيقيين)، ويريد أن يتم "التخلص منهم بإرسالهم إلى الأناضول".
انحراف عنصري ترفضه بكل بوضوح غالبية ساحقة من الألمان، حسب رأي أوزغوز. ومع ذلك، فإن مثل هذه الأمور التي تعد كسراً لتابوهات تؤثر سلبيا على التعايش المشترك، تضيف أوزغوز بعد تأمل "ربما هناك شعور الآن في السياسة، أنه لا يمكنك حاليا أن تحقق مكاسب من خلال مسألة التنوع". وتقول وزيرة الاندماج السابقة إنها إذا كانت محقة في هذا التقييم، فسيكون الأمر مأساوياً. "في الواقع، يتعين علينا في الوقت الحالي إظهار موقفنا وإثبات أننا بلد متماسك ولا نسمح بتفرقنا". ولهذا السبب أيضاً، فإن أوزغوز تعتبر أن حكومة لا تملك خبرة في الهجرة هي "خطأً كبير" من الناجية الاستراتيجية.
هناك نقص في التنوع في البوندستاغ أيضا
لكن حكومة ميركل الجديدة ليست هي الجهة السياسية الوحيدة، التي لا تعكس الحياة الاجتماعية بما فيه الكفاية. فأيضا في البوندستاغ (البرلمان الألماني) من الواضح أن نسبة الأعضاء ذوي الأصول المهاجرة قليلة جدا مقارنة مع نسبة المواطنين الألمان من أصول مهاجرة. فمن بين 709 نائباً هناك 57 برلمانيا فقط لديهم خلفيات هجرة بينهم 14 من جذور تركية، وفقا لموقع "الخدمات الإعلامية للاندماج" (https://mediendienst-integration.de). وهذه المقاعد تمثل نسبة 8 في المائة فقط من مقاعد البرلمان. فإذا كان الـ 18.6 مليون ألماني أصحاب الخلفيات المهاجرة سيمثلون بشكل تناسبي في البوندستاغ، فإن نسبتهم في هذه الحالة ستكون 20 في المائة (وليس 8 في المائة). ويمكن رؤية صورة مماثلة في الإدارة الاتحادية، هنا أيضا في موضوع التعدد "لا تزال هناك حاجة كبيرة للتحسين"، تضيف أوزغوز.
"الآن علينا أن تكون لدينا رغبة في ذلك، وأن نبدأ أخيراً حملة مناسبة لإظهار أننا نريد توظيف هؤلاء الأشخاص معنا". لكن أوزغوز لا تعتقد أن حملة للتنوع مثل هذه ستلقى الترحيب في الوقت الحالي. وتتوقع النائبة البرلمانية أوزغوز "أن الشعور بأنك غير مرغوب فيك سيميل إلى الزيادة على الأرجح بين العديد من المهاجرين". وهناك شعور بأن الجمهورية الاتحادية "تراجعت لسنوات عديدة" من حيث الاندماج.
وسيكون من المفيد النظر إلى الشركات العاملة على الصعيد الدولي لمعرفة كيف ينبغي أن تسير الأمور. "الشركات الناجحة بشكل صحيح هي بالطبع متعددة الثقافات، لأنها تستخدم عاملين وعاملات يتحدثون لغات مختلفة ويعرفون الثقافات المختلفة"، وهذا يمثل لطمة، ربما بالنظر أيضا إلى الحكومة الاتحادية الحالية.
dw