منوعات

الملكة صوفيا تحتفل بعيدها الثمانين

أطفأت ملكة إسبانيا الفخريّة صوفيّا شمعتها الثمانين أول من أمس وهي في ذروة شعبيتها بين عائلة «بوربون» الوحيدة المالكة في العالم والمحاصرة بالفضائح والعثرات. بنت ملك وشقيقة ملك وزوجة ملك ووالدة ملك، وقد تصبح يوماً جدة لملكة إذا كُتِب لحفيدتها البكر أن تجلس يوماً على عرش المملكة الإسبانية.
تعرّفت صوفيا، كريمة ملك اليونان، على الذي أصبح زوجها لاحقاً، الأمير خوان كارلوس، خلال حفل زفاف دوق كنت في بريطانيا، وتخلّت عن مذهبها الأرثوذكسي واعتنقت الكاثوليكية لتصبح زوجة الرجل الذي جلس على عرش إسبانيا بعد وفاة الجنرال فرنكو.
ومثل زوجها الذي اضطرت عائلته لمغادرة إسبانيا عند قيام النظام الجمهوري، غادرت صوفيّا مسقط رأسها اليونان مع أسرتها بعد الاجتياح الألماني، وانتقلت إلى مصر ثم إلى جنوب أفريقيا لتستقرّ في العاصمة البريطانية. درست العلوم الإنسانية وانكبّت على الفنون الجميلة والهندسة والطب والموسيقى، وفي إسبانيا أعطت اسمها لأحد أشهر متاحف العاصمة الذي يضمّ لوحة «غرنيكا» الشهيرة لبيكاسو ونخبة الفنون الطليعية في إسبانيا والعالم.
عندما جلس الملك خوان كارلوس الأوّل على العرش، كانت صوفّيا جسماً غريباً في إسبانيا الطالعة من نظام ديكتاتوري قام على أنقاض حرب أهلية مدمّرة والمقبلة على ملكية برلمانية في واحدة من أنجح عمليات الانتقال السياسي وأبهرها. لم تكن محبوبة كثيراً في الأوساط الشعبية، فهي ليست آية في الحسن، ولا تتقن اللغة الإسبانية التي ما زالت إلى اليوم تتكلمها بلكنة واضحة، رغم أنها تتحدث لغات عدة.
طوال أربعين عاماً مارست صوفيّا دورها كملكة بإتقان لافت، ولم تكن تُعرف لها آراء في القضايا الاجتماعية التي كانت تعتمل في المجتمع الإسباني المنفتح حديثاً على الديمقراطية، إلى أن كشفت مكنوناتها في حديث صحافي طويل قالت فيه إنها تعارض زواج المثليين والإجهاض والموت الرحيم، وتؤيد التعليم الديني الإلزامي في كل المدارس.
لكن مسيرتها لم تكن سهلة في ظل زوجها الذي كانت شعبيته قد تعاظمت في أعقاب وقوفه ضد محاولة الانقلاب العسكري التي فشلت بفضل معارضته الثابتة لها، والذي كانت أخبار مغامراته على كل شفة ولسان. احتوت صوفيّا برصانة مشهودة وجأش ما كان يقال عن زوجها الذي انتهى به الأمر إلى التنازل عن العرش في العام 2014 بعد أن تدنّت شعبية الملكية إلى مستويات غير مسبوقة بسبب من سلوكيات الملك التي تزامنت مع ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة في البلاد، وبفعل فضيحة الفساد التي طالت صهره زوج ابنته الصغرى الذي يمضي عقوبة في السجن حالياً.
يقول الصحافي الإسباني المعروف «خايمي بنيافييل» الذي أمضى حياته يغطّي أخبار العائلة المالكة الإسبانية إن «الملكة صوفيّا قد فشلت كأمٍّ وكامرأة وكجدة، لأنها لم تجرؤ على الانتفاض ضد المظالم التي كانت تحيط بها». لكن صوفّيا تعرف أن مهنة الملكة هي من أصعب المهن، وأن الواجب فيها يتقدّم على أي اعتبار شخصي آخر. وليس مستغرباً أن يكون المديح الأجمل في الملكة الفخرية هو ما جاء على لسان وزيرة اشتراكية عندما قالت: «الملكة تحظى باحترام عميق وتقدير كبير داخل إسبانيا وخارجها لأنها قامت، ولا تزال، بواجبها على أكمل وجه طوال أربعين عاماً».

زر الذهاب إلى الأعلى