تحقيقات ومقابلات

نساء داعش ظاهرة خطيرة غير مسبوقة

اقتربت قوات سوريا الديمقراطية قسد، من إحكام سيطرتها على آخر معقل لداعش في شرق سوريا. وباتت فلول دولة داعش، محاصرة في مساحة تقل عن كيلومتر مربع واحد بقرية الباغوز الصغيرة، عند نهر الفرات. واضطر بضع مئات من الإرهابيين للخروج من القرية هاربين مع أسرهم خوفاً من غارات جوية أمريكية، وعمليات برية كردية. 

وتشير كانيشا بوند، أستاذة مساعدة لدى معهد الحكومة والسياسات التابع لجامعة ماريلاند، لاحتجاز قوات قسد الهاربين داخل معسكرات مثل معسكر الهول، أين تسوء الأوضاع الإنسانية، وفي أفضل الحالات، يطبق القانون الدولي بغموض. 

وحسب ما أشارت إليه بوند، في موقع فورين بوليسي، يسهل العثور في تلك المعسكرات على "المهاجرات"، أي الغربيات اللواتي التحقن بتنظيم داعش. واستأثرت بعناوين الصحف، خلال الأسبوعين الأخيرين، روايات عن مهاجرات أمثال الأمريكية هدى المثنى، والبريطانية شميما بيغوم، اللتين تريدان العودة إلى وطنيهما. 

موجة

وتقول الكاتبة إن قصص هؤلاء "المهاجرات" تمثل جزءاً من موجة خاصة بتغطية أخبار نساء داعش، ويشير معظمها إلى ما يفترض أن يمثل مشكلة جديدة وخطيرة وفريدة من نوعها. 

لكن المؤسف أن معظم تلك التقارير يستند إلى مناٍح واهية وتغطية غير مسؤولة. فطبيعة الكتابات المثيرة والمسيسة، والمضللة في معظمها، تحجب ديناميات سياسية معقدة، وتروج لكليشيهات عن نساء الحرب، وهن الوقت الحالي عراقيات، وسوريات، بعد الفلسطينيات، والشيشانيات، واللبنانيات، والنيجيريات، وغيرهن من اللواتي عانين سابقاً.

مناشدات متواصلة

واستناداً لفرضية أنه لا دخل لهؤلاء النساء في الشأن السياسي، وأنهن كن ضحايا دورهن الطبيعي الوحيد في زمن الحرب، ظهرت مناشدات لإنقاذهن. كما قللت تغطيات صحفية دور نساء تضررن من صراعات، واعتُبرن مجرد ضحايا اغتصاب، أو سبايا أو عرائس داعش وفق وصف حديث في بعض الصحف. 

وترى كاتبة المقال أن قصر دور نساء داعش في تلك المجالات فقط، سيكون له تبعات رهيبة على أبرياء. 

فقد استخدمت فرضية أن النساء جميعهن ضحايا تنظيمات إرهابية، لتبرير تدخل عسكري، ولإيجاد أعذار أو للتغطية على تجاوزات في مجال حقوق الإنسان ضد مدنيين، ولتفضيل رأي جهات خارجية أو نخب ذكورية محلية، على وجهات نظر نساء محليات حول ما يحتجن إليه في أعقاب الحرب. 

تبسيط

وحسب الكاتبة، غالباً ما يكون الإفراط في تبسيط دور النساء باعتبارهن ضحايا، ليصبح دليلاً على أن دورهن السياسي في زمن الحروب يعزى إما لغياب الوعي، أو بوصفه تحولاً وحشياً عن الأنوثة والنظام الطبيعي. 
وتدل دراسات علمية رصينة على أن نساء داعش ينقسمن إلى أنماط محددة. وثبت زيف فكرة أن التطرف المسلح لم يجتذب النساء إلا حديثاً، إذ حملت نساء السلاح ومارسن أدواراً غير مسلحة، منذ نشأة التنظيم. 
وعملت نساء شرطيات ضمن كتيبة الخنساء النسائية، وعضوات في لواء أم الريان النسائي لمكافحة التمرد، فضلاً عن عمل بعضهن موظفات وداعيات لإيديولوجية التنظيم. وشاركت مجندات محليات وأجنبيات في تعذيب أسرى أيزيديين، فيما لعبن أدواراً لدعم مقاتلي داعش. 
ورغم نشر تقارير تستبعد مشاركة النساء الطوعية في نشاط داعش بالنظر لعقيدة التنظيم السلفي، وهو أمر غير مستغرب في ضوء سجل نساء ضمن حركات إسلامية عنيفة أخرى. فعلى سبيل المثال، دعمت نساء القتال على خطوط المواجهة، مع تنظيمات في كشمير، وأخرى في أفغانستان، ونيجيريا، والفيلبين.  

 
 
24
زر الذهاب إلى الأعلى