كيم جونغ أون.. من طفل ودود إلى زعيم لا يرحم
ذكريات كثيرة كشف عنها أصدقائه القدامى الذين عاشوا معه فترة الطفولة عندما كان طالباً في مدرسة ليبي فيلد ستاينهولزلي الداخلية الناطقة بالألمانية في كوينيز، جنوبي برن السويسرية، بحسب ما أوردت صحيفة "دايلي بيست" الأمريكية، الأحد.
رجل لا يمكن التنبؤ بأفعاله، فبالرغم من أنه يحكم بلداً منعزلاً عن العالم بفضل قوانينه الصارمة وشخصيته التي لا ترحم، إلا أنه أعلن الثلاثاء الماضي أن بلاده ستشارك في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونغ تشانغ في كوريا الجنوبية.
ويقول خبراء إن خطوة المشاركة بمثل هذا الحدث يأتي لاعتقاد كيم بأنه قادر على كسر علاقات الجارة الجنوبية القوية مع الرئيس الأمريكي "العدو اللدود" دونالد ترامب.
وبالنسبة لأصدقاء كيم القدامى في سويسرا، فهو مجرد طفل كان لديه حساً فكاهياً، وحباً كبيراً لكرة السلة، وخاصة فريق "شيكاغو بولز"، وكان طفلاً ودوداً مع الجميع، على الرغم من تقلب مزاجه.
كيم.. الطفل الودود
وحتى بعد 20 عاماً، يقول جاو ميكايلو، أحد أصدقاء كيم وهو الآن طاهٍ بأحد مطاعم برن في سويسرا، إنه يتذكر باعتزاز زميله السابق في المدرسة، ومثل أي شخص آخر عرف كيم من 1998 إلى أواخر 2000، لكن ميكايلو كان يعتقد بأن كيم هو "باك أون" ابن أحد العاملين في سفارة كوريا الشمالية، إلى أن كيم أخبره بأنه ليس كذلك وأن هذه مجرد هوية مستعارة لكنه لم يصدقه.
وقال ميكايلو للصحيفة: "كيم كان صديقا جيداً، كان لدينا الكثير من الذكريات المرحة معاً. كان رجلاً جيداً. الكثير من الأطفال يحبونه. لكنني لا أعرف شيئاً عن حياته اليوم، وأتمنى لو أن لديه الوقت الكافي اليوم لنلتقي مجدداً".
وكان كيم يحب الأحذية الرياضية كثيراً، وخاصة أحذية "نايكي"، وعلى الرغم من أنه لم يكن يتمتع بالطول والوزن المناسبين، إلا أنه كان يعشق كرة السلة وكان يلعبها بشكل جيد، بحسب زميله السابق ماركو أمهوف من برن، الذي قال: "كيم كان مضحكاً، دائماً ما يحب المرح والضحك. وكان يكره الخسارة".
وأضاف زميله السابق لصحيفة "ويلت ام سونتاغ" الألمانية "كان لديه روح الفكاهة، كان يحب الجميع حتى التلاميذ الذين جاؤوا من الدول العدوة لكوريا الشمالية، كانت السياسة موضوعاً محرماً في المدرسة. فكنا نتجادل حول كرة القدم".
"بلا قلب.. ولا يرحم"
يقول غوردون تشانغ، مؤلف "المواجهة النووية: كوريا الشمالية التي تخلت عن العالم"، ومساهم في صحيفة دايلي بيست: "حقيقة أن كيم قضى طفولته في سويسرا لا يعني هذا أنه سيتغير، فهذا الرجل لديه نفس الجينات الديكتاتورية التي كانت عند جده. كما أنه يدرك تماماً ما يقوم به في كوريا الشمالية. إن أصعب شيء في توجيه النظام الشمولي هو التأكد من أنك لن تقتل نفسك. إنه بلا قلب. لا يرحم".
وبالإضافة إلى كيم جونغ أون، فكان شقيقه الأكبر كيم جونغ تشول، وشقيقته الصغرى كيم يو جونغ درسا أيضاً في المدارس السويسرية في برن بين 1992 و2000. لكن أخيه الذي اغتيل العام الماضي في مطار كوالالمبور كيم جونغ نام، درس في موسكو ثم عاش في جنيف.
في العام الماضي، قالت عمة كيم جونغ أون، كو يونغ سوك، لصحيفة "واشنطن بوست"، إنها وزوجها اعتنوا بكيم وشقيقته في سويسرا. وصل كيم جونغ تشول في عام 1992، وجاء بعده كيم جونغ أون عام 1996 عندما كان عمره 12 عاماً.
وتابعت "كنا نعيش في منزل عادي وتصرفنا مثل أي أسرة عادية. كنت بمثابة أمه. شجعت كيم على الاختلاط بأصدقائه ودعوتهم إلى المنزل، لأننا أردنا لهم أن يعيشوا حياة طبيعية".
وذكرت عمة كيم أنه خلال فترات الإجازة المدرسية، كانت تقضي وقتاً برفقة كيم وشقيقته بالتزلج على الجليد في جبال الألب السويسرية، والسباحة على الريفييرا الفرنسية، والسفر إلى إيطاليا.
وقالت "لم يكن كيم مثيراً للقلق، لكنه كان سريع الغضب وغير متسامح، عندما كانت تحاول والدته أن تطلب منه أن يترك اللعب وأن يركز على الدراسة كان يحتج بطرق غريبة، مثل إضراب عن الطعام". وبدأت وقتها علامات "شخصيته المعقدة" بالظهور.
وكان مسؤول تعليمي محلي أكد لرويترز، أن طالباً كان يعرف فقط باسم "باك أون" الذي كان طفلاً لعامل سفارة كوريا الشمالية حضر مدرسة ستاينهولزلي من عام 1998 حتى أواخر 2000.
وبحسب التقارير، فإن كيم كان معروفاً خلال فترة دراسته في سويسرا، حيث كانت الفتيات تحومن حوله طوال الوقت".
زعيم شرس
إلا أنه اختفى فجأة في منتصف العام الدراسي عام 2000 ولم يسمع عنه أي جديد، حيث عاد إلى كوريا الشمالية. وأصبح زعيماً للبلاد عندما توفي والده بسبب نوبة قلبية في سن الـ 70 في 2011.
وفي 2012، أشرف كيم على بناء منتجع ماسكريونغ للتزلج بقيمة 300 مليون دولار بالقرب من وونسان بمقاطعة كانغوون، الذي قيل إنه مستوحى من وقته في سويسرا، حتى أنه حاول شراء مصاعد التزلج السويسرية للمنتجع ولكن رفض بسبب العقوبات الدولية.
ولا يزال هذا المكان مهجوراً إلى حد كبير في بلد يعاني فيه ما لا يقل عن 40% من السكان من الفقر والجوع.
وكان من المعروف أن كيم قام بتصنيع الساعات السويسرية لكبار مسؤولي الحزب، كما ذكرت إحدى الصحف الكورية الجنوبية أن كيم أخذ في 2013 مساحة كبيرة من الأراضي في سيبو بمقاطعة كانغوون، وحولها إلى مزارع في جبال الألب.
وقال سو مي تيري المحلل السابق لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) والخبير الكوري الشمالي البارز حالياً لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية لصحيفة "ديلي بيست": "اتضح أنه أكثر شراسة وقسوة من والده".