تحقيقات ومقابلات

للمرة الأولى في تاريخ فرنسا.. رئيس يحكم بلا معارضة!

عند قراءة النتائج الأولية للجولة الأولى من الانتخابات التشريعية الفرنسية، ندرك، وكما كتب كارلو إنفيرنيزي آسيتي، أستاذ مساعد للعلوم السياسية في جامعة نيويورك، أن الحكومة الفرنسية باتت تحكم بلا معارضة سياسية. 

وكتب آسيتي في مجلة فورين أفيرز أن حزب" الجمهورية إلى الأمام"، حركة سياسية وسطية شكلها قبل عام الرئيس الفرنسي الجديد إيمانويل ماكرون. وليس ماكرون أصغر رئيس يتزعم البلاد منذ عهد نابليون، ولكن حزبه الوليد الذي فاز بقرابة 30% من أصوات الناخبين، مهيأ اليوم لاكتساح 400 من أصل 440 مقعداً من أصل 577 مقعداً في الجمعية الوطنية الفرنسية خلال الجولة الانتخابية الأخيرة التي ستجرى في 18 يونيو( حزيران).

حالة لا مسبوقة
ويشير الكاتب لكون الفوز بنسبة 70% من المقاعد البرلمانية حالة لا سابق لها في تاريخ الجمهورية الخامسة. وحتى أن مؤسسها، شارل ديغول، لم يكن ليستطيع الاعتماد على مثل تلك الغالبية. 

إلى ذلك، سيكون ماكرون، وفي ظل وجود معارضة ضئيلة، في موقع قوي لينفذ أجندته الوسطية، والتي تشمل إصلاحات جذرية لصالح سوق العمل، وتخفيض حجم القطاع العام، وإعادة إطلاق عملية تكامل أوروبية لاستعادة شراكة فرنسا مع ألمانيا. 

فشل ذريع
في الوقت نفسه، كانت الانتخابات بمثابة فشل ذريع لأحزاب أخرى. فقبل ستة أشهر وحسب، كان الحزب الجمهوري، يمين الوسط، واثقاً من الوصول لكل من الرئاسة والغالبية الحاكمة في المجلس التشريعي، ولكنه لم يحصد سوى 20% من الحصة الانتخابية، وهو اليوم مرشح لكسب ما بين 90 إلى 130 مقعداً في الجمعية الوطنية، ومن الصعب معرفة كيف سيمارس وظيفته. 

ضربة كبرى
من جهة أخرى، يلفت آسيتي إلى سوء أداء الحزب الاشتراكي الخارج من السلطة في تلك الانتخابات. وفي ظل عدم حصوله على أكثر من 11% من الأصوات، بات من المتوقع أن يتضاءل عدد مقاعده إلى ما بين 15 إلى 25 في البرلمان الجديد بعدما كان لديه 300 مقعد. وتبعاً له، سيواجه الحزب الاشتراكي، وهو أحد أقدم الأحزاب الفرنسية، هزيمة كبرى قد تضطره لتشكيل حلف مع أنصار البيئة والأوروبيين وحزب الخضر. 
ويلفت الكاتب لتراجع حظوظ كل من اليسار واليمين الفرنسي في الانتخابات الأخيرة، فضلاً عن الضربة الكبرى التي أصابت حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان، بعدما حصلت على 34% فقط من الأصوات في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية للشهر الماضي، على 13.2 فقط من الحصة البرلمانية. 

طمأنة لليبراليين
وبحسب آسيتي، ومن النظرة الأولى، قد تبدو تلك النتائج بمثابة طمأنة للديموقراطية الليبرالية لأنه قبل بضعة أشهر وحسب، كان من المحتمل أن تفوز الجبهة الوطنية المتطرفة بالرئاسة الفرنسية، بما كانت تمثله من خطر على مستقبل الاتحاد الأوروبي والاستقرار الاقتصادي في فرنسا. 
تمسك بالتزامات
ومن جانب آخر، يرى الكاتب في ماكرون رجلاً معتدلاً يعول عليه في التمسك بالتزامات فرنسا حيال الاتحاد الأوروبي وشركائها عبر الأطلسي. وكان للموقف القوي الذي اتخذه أثناء لقائيه الثنائيين مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومن ثم مع الروسي فلاديمير بوتين، فضلاً عن قمتي مجموعة السبع والناتو الأخيرتين، قد أعطى لمحة أولى عن القيادة الثابته والريادة الدولية التي ينوي ماكرون ممارستها. 

استياء شعبي
ولكن، لا ينسى آسيتي الإشارة لصورة مقلقة تبدت في ارتفاع معدل الممتنعين من الفرنسيين عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وقد فاقت 50% لأول مرة في تاريخ فرنسا. إن ذلك يعكس حقيقة أن الرئيس الجديد، ماكرون، وعوضاً عن الحصول على إجماع عريض، قد استفاد من استياء شعبي عارم من النظام السياسي الفرنسي برمته. 

ترجمة / موقع 24 الاخباري

زر الذهاب إلى الأعلى