رضاعة الساعة الأولى بعد الولادة تحدّ من الوفاة المبكرة
حث تقرير مشترك بين منظمتي «الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)»، و«الصحة العالمية» على أهمية الرضاعة الطبيعية المبكرة خلال الساعة الأولى من الولادة، وقال إنها تحد من مخاطر الوفاة المبكرة لدى الأطفال.
وقال التقرير الصادر، أمس، إن 78 مليون طفل، أو ثلاثة من أصل كل خمسة، لا يرضعون من الثدي خلال الساعة الأولى بعد الولادة، وهو ما يزيد من «تعرضهم لخطر الموت والمرض، ويقلل احتمال استمرارهم على الرضاعة الطبيعية». وكشف التقرير عن تباين واضح بين بعض الدول في معدلات الرضاعة الطبيعية خلال الساعة الأولى، فكانت النسب هي الأعلى في شرق وجنوب أفريقيا (65 في المائة) والأدنى في شرق آسيا والمحيط الهادئ (32 في المائة).
ولفت إلى أنه في الساعة الأولى، يتم إرضاع تسعة من كل عشرة أطفال يولدون في بوروندي وسريلانكا وفانواتو؛ وعلى النقيض من ذلك، فالنسبة هي 2 من 10 فقط للمواليد في أذربيجان وتشاد والجبل الأسود.
– «اللقاح الأول للطفل»
ووصف التقرير حليب الأم بـ«اللقاح الأول للطفل»، مشيرا إلى أن «التلامس بين الأم والطفل في الساعة الأولى من الولادة، يعمل على تحفيز إنتاج الحليب، الغني جدا بالعناصر المغذية والأجسام المضادة».
وأشار التقرير إلى التقدم الذي أحرزته سلطنة عمان في هذا الإطار، وقالت ماكي آرتس، اختصاصية التغذية في المقر الرئيسي لمنظمة اليونيسيف في نيويورك، والمشاركة في إعداد التقرير لـ«الشرق الأوسط» إن «سلطنة عمان من الدول التي تظهر اهتماما بالرضاعة الطبيعية، حيث يحصل 71.1 في المائة من الأطفال حديثي الولادة على حليب الأم في الساعة الأولى من العمر».
وعلى النقيض، صنف التقرير الأردن ضمن قائمة الدول الأربع التي تشهد انخفاضا ملحوظا في معدلات الرضاعة الطبيعية خلال الساعة الأولى، وقالت آرتس: «من المؤسف أن 18.6 في المائة فقط من الأطفال في الأردن حديثي الولادة يوضعون على ثدي الأم في الساعة الأولى من الحياة».
ولا يبدو الوضع في مصر بأفضل حالا، كما أشارت آرتس، إذ «تقلصت نسب البدء المبكر للرضاعة الطبيعية من 40 في المائة إلى 27 في المائة، خلال الفترة من 2005 حتى 2014»، وهو ما عزاه التقرير إلى «ارتفاع عدد العمليات القيصرية الاختيارية في مصر».
وزادت نسب العمليات القيصرية في مصر بأكثر من الضعف خلال نفس الفترة لتقفز من 20 في المائة إلى 52 في المائة من مجموع الولادات، بحسب التقرير الذي أفاد بأن 19 في المائة فقط من الأطفال الذين ولدوا بعد جراحات قيصرية تمكنوا من «الرضاعة الطبيعية في الساعة الأولى بعد الولادة، مقارنة بـ39 في المائة من أطفال الولادات الطبيعية».
ولم يتطرق التقرير إلى وضع بلدان عربية أخرى مثل السعودية، والإمارات، والبحرين، وهو ما فسرته آرتس بعدم توافر «بيانات تجمع بطريقة موحدة يمكن إجراء مقارنات على أساسها».
وعادت الباحثة مفسرة: «ربما تقوم هذه البلدان بجمع البيانات بطريقة ما، ولكن ليس بطريقة يمكن مقارنتها»، ودعت «جميع الدول إلى جمع البيانات بطريقة تساعدنا في فهم الوضع واتخاذ الإجراءات». وكانت منظمتا اليونيسيف والصحة العالمية أصدرتا بطاقة قياس الأداء العالمي للرضاعة الطبيعية لعام 2018 لتسهيل جمع البيانات، وذلك ضمن المبادرة العالمية الجماعية بشأن الرضاعة الطبيعية التي تقودها المنظمتان.
– تقصير العاملين الصحيين
ودعت المنظمتان كل البلاد إلى التجاوب مع تلك البطاقة بما يساعد على تطوير السياسات والبرامج التي تساعد جميع الأمهات على بدء الرضاعة الطبيعية في الساعة الأولى من حياة أطفالهن وتيسر استمرارها بقدر رغبة الأم.
وفي البلاد التي ساعدت البيانات على تقصي الوضع، ألقى التقرير باللائمة على العاملين في المرافق الصحية. وقالت هنرييتا هـ. فور، المديرة التنفيذية لليونيسيف في بيان نشره الموقع الرسمي لمنظمة الصحة العالمية: «الحقيقة المؤسفة هي أن الأمهات لا يتلقين الدعم الكافي للرضاعة الطبيعية خلال تلك الدقائق الأولى الحاسمة بعد الولادة، من قبل العاملين في المرافق الصحية».
وتضع الحقائق التي يشير إليها التقرير مسؤولية كبيرة أمام المنظمات الدولية المعنية بقضية الرضاعة الطبيعية، وهو ما أكدت عليه ماكي آرتس، في تصريحاتها لـ«الشرق الأوسط»، إذ قالت إن «نشر مثل هذا التقرير هو جزء من استراتيجيتنا لجعل صناع القرار والعاملين في مجال الصحة على علم بهذه القضية، وسوف نقوم بعد ذلك بدعم الإجراءات الضرورية في كل بلد، اعتماداً على القضايا المحددة التي تختلف من دولة لأخرى».
وأشارت إلى أن «الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية خلال الفترة من 1 إلى 7 أغسطس (آب) الذي تدعمه اليونيسيف، سيعمل إلى إذكاء الوعي بالقضية، وسوف يتم تصميم برامج للتوعية خلال الأسبوع تتلاءم مع حالة كل دولة، وفق ما جاء في التقرير».