آراء

د. حسن السوداني : بعد مرور العاصفة

ثلاثة اشهر اظهرت فيها الاحزاب السويدية من يسارها الى اقصى يمينها اعلى درجات النشاط في الدعوة الى انتخاب مرشحيها في الانتخابات السويدية التي جرت في التاسع من ايلول المنصرم واسفرت نلك الجهود الى مشاركة قرابة 87% ممن يحق لهم المشاركة في التصويت في عاصفة انتخابية صاحبها الكثير من الغبار 

خلف بعد انجلائها مشهدا من التعقيد لم تمر به السويد في تاريخها المعاصر!

فالنتائج المتقاربة بين كتلتي الاحمر والازرق وتقدم العنصريون اربعة نقاط مؤية عقدت المشهد وجعلت مستقبل البلاد رهينة مصادفات غير واضحة.

لا اود هنا الخوض في النتائج السياسية التي خلفتها تلك العاصفة واذهب الى منطقة التخمين التي تستهوي الكثير ممن اصابهم قلق النتائج غير اني هنا اود ان اقرأ بعض تلك الانعكاسات بعيون مهاجرة ولاكون دقيقا اكثر واقول بعيون عربية!!

حتما لم تظهر النتائج ماهو العدد الحقيقي لمشاركة  ممن اصوله عربية في هذه الانتخابات وهو امر لا اعير له الان تلك الاهمية بقدر ما كشفته النتائج النهائية  مماهو مخبوء فينا من صراعات وخلافات وتقاطعات لايمكن حصر عددها! وكعادتنا فوتنا فرصة الانتخابات مثلما فاتتنا الاف الفرص الاخرى سابقا وما سياتي منها  لاحقا! فما زال شبابنا متردد في المشاركة السياسية السويدية وهم (اي شبابنا) من يمتلك التاهيل العلمي الجيد واللغة المناسبة,وما زالت مؤسساتنا الدينية لم تنتهي من معارك داحس والغبراء ورفع شعار(هذا من جماعتنا وذاك من جماعتهم) كما ان مؤسساتنا الاجتماعية والثقافية يديرها في الاغلب من يبحثون عن وجاهات وهم فاقدوها بل وفاقدون لاي بوصلة!! اما صحافتنا العربية فما ان تبرز قليلا حتى ينبري لها كل حاسد ومريض للايقاع بها بكل ما اوتي من دهاء ! مازلنا بحاجة للمزيد من المراكز العلمية والبحثية التي تقودها كفائاتنا هنا وسط الحاجة الماسة لتقديراتها وتنبؤاتها المستقبلية. اما الامر الاكثر حزنا فهو متابعة وانشغال الكثير منا بقضايا بلدننا البعيدة وكتلها الاكبر والاصغر وتداعيات انسحاب البهلول من سوق الغزل!!

لم اذن يدهش بعضنا من تنامي صعود العنصرية وروادها  بسرعة صاروخية وسيطرتهم على معاقل الاحزاب اليسارية او المعتدلة ؟ ولم نتسائل في الكثير من اللقاءات  عن ماذا سيحدث بعد دخل هؤلاء الى منطقة صناعة القرار؟ فالمقدمات ايها السادة تقود للنتائج حتما وما قدمناه حتى الان لا يرتقي الى مصاف  تغيير  الصورة السلبية  بل ربما  بث المزيد من القلق مما هو قادم, ووعود العنصريون وتوعداتهم  في خطاباتهم ولقائاتهم ومقالاتهم  اوشك على التحقق في الكثير من المناطق وسط غياب تفكير جمعي بالتخلص من تركة امراض البلدان التي قدمنا منها والمحافظة على الناصع منها فقط وحث شبابنا على الدخول بقوة في العمل  السياسي السويدي ودفعهم لاختيار مهن تمكنهم من التاثير في صناعة القرارالسويدي  واعادة النظر بعمل مؤسساتنا الثقافية والتخلص من العقدة الفرعونية (انا ربكم الاعلى)!! 

نحن ننتظر ان يبادر احدنا الى رأب بعض الصدع مما نحن فيه والالتفات الى اننا نعيش في ارض لها قوانينها وثقافتها وطريقة تعاملها مع الامور ولا تميل للعاطفة بقدر احتكامها للعقل وهو ما نحتاجه في التخطيط للمستقبل.

 
زر الذهاب إلى الأعلى