آراء

د. عبدالرزاق محمد الدليمي: ماذا يحدث في العراق المحتل ؟

تزداد تعقيدات الاوضاع في العالم حيث التهديد الوشيك بأستخدام الاسلحة النووية واشارات مهمة بقرب نشوب الحرب العالمية الثالثة ،سيما بعد التطورات في ساحات المعارك في اوكرانيا حيث بدا واضحا التدخل الغربي الداعم لاوكرانيا ضد روسيا ،وهذا امر لن تقف عنده موسكو مكتوفة الايدي،والله وحده يعلم بما يمكن ان تنتهي اليه المواجهات بين روسيا وحلفائها وامريكا ومن معها.
كل هذه الاحداث الخطيرة تجري وهناك شعوب لم ولن تلفت اليها،فنظام الشر في طهران يواجه من جديد ثورة شعبية اخرى تجاوزت كل القوميات التي تطالب بالاستقلال والتحرر من قبضة الملالي ، والتي تهز كيانهم المتهاوي ولاول مرة نسمع ان نظام الملالي يتحدث مسوؤليه عن وجود الطرف الثالث الذي يستهدف الثوار في كل البقاع التي يحتلها نظام الملالي ،ولذلك فكل الشعوب التي ابتلاها الاستعمارين البريطاني والامريكي بالحكم اللااسلامي الصفوي (العراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها) تعيش اوضاعا بالغة السوء وهم لايهتمون ولا يتابعون ما يحدث او سيحدث في العالم الملتهب، لانهم شعوب غلبت على امرها بسبب وصاية وهيمنة نظام ولاية الفقيه ،وكل همها الظفر بقليل من الانسانية والحق بالحياة الكريمة، ومثلا في العراق حيث تستمر الانتفاضات الشعبية في كل العراق المتجاوزة لحدود الطائفية والقومية والمناطقية منذ احتلاله حتى اصبحت هذه الانتفاضات أكبر من ان يستوعبها هدف تغيير النظام، حيث تضرب سلسلة النكبات والانتكاسات رؤوس العراقيين منذ احتلال بلدهم وفرض هذه المجاميع من شذاذ الافاق والمرتزقة الملوّثة أياديهم بجراثيم الفساد والفشل والفوضى على رقابهم ، لحد الآن،لذا فحديث البعض عن التغيير يجب ان لا يكون مجرد عملية تدوير لنفايات اِلسلطة من العملاء الحاليين الى اشباههم ، بل يجب ان تكون عملية تغيير جذري تشمل جميع الآليات بما فيها وضوح كامل وجلي لعلاقة الدولة بالمجتمع، وان يكون في مقدمة اهدافها توسيع نطاق المشاركة لتشمل المواطنين كلّهم، بعيدا عن انتماءاتهم وهوياتهم الدينية والإثنية واللغوية والطائفية…
كان منهج جميع الحكومات والطبقة السياسية العميلة الفاسدة استخدام العنف غير المبرر في مواجهة الاحتجاجات الشعبية وعندما تخسر في الانتخابات، ووتزداد هذه الظواهر وتبرز بشكل اكثر وضوح في كل حالات فشلهم ليبرروه بالحديث عن المؤامرات الخارجية، وهذا يعني بوضوح ان علاقتهم انتهت مع الشعب، كما يعني أنَّ النظام قد مات سريرياً، ورغم كل ما زوقوا به حكمهم فقد اثبتت تجربة قرابة عشرين عاما قاتمة السواد زيف ديمقراطية الاحتلال الصفوي البريطاني الأمريكي الصهيوني وعجز وتخلف عملائهم رغم شعارات الثناء والمديح التي يصبغون انفسهم بها عبر ذبابهم وجيوشهم الإلكترونية، التي باتت هي الاخرى عاجزة عن مواجهة ارادة الشعب ورفضه لكل ما نتجته مرحلة مابعد الاحتلال ،فالانتفاضات والاحتجاجات وحملات السخرية السياسية اصبحت سياق يمارسه العراقيين،ضاربين عرض الحائط كل ما كان يتشدق به العملاء من الاتكاء على الخلفيات الدينية الطائفية أو السياسية أو المناطقية أو العائلية، التي فشلت جميعها فشلا ذريعا في مواجهة عنفوان الشعب العراقي وثورته المستمرة، لقد ادرك كل العراقيين ان كل تلك الفئات قد تواطئت في صنع رمزية لزعامات منسلخة عن مجتمعنا وبيئتنا الثقافية والاجتماعية، وبعيدة عن نمط تفكير العراقيين وثقافتهم وان هؤلاء مصرين على مناهضة كل دعوات العراقيين لإقامة الدولة الوطنية الديمقراطية الّتي تحافظ وتحمي المجتمع بأكملهِ، بغض النظر عن انتماءات أبنائه القومية أو الدينية أو الفكرية .
سقوط الاقنعة
خطط الاحتلال وذيوله منذ ان دنست اقدامهم ارض العراق في نيسان 2003 وبشكل منظم غير مسبوق على تحقيق فرز طائفي وعرقي واجتماعي واقتصادي وسياسي بين مكونات الشعب العراقي وصل ذروته في الاونة الاخيرة عندما دبت الخلافات الحادة بين اللصوص المستحوذين على السلطة، فأخذت شكل أزمات متعددة الأبعاد ماديا وسياسياً واجتماعياً وأمنياً يغذيها إرث عشرين عاما من النهب والسلب والقتل والتغييب لكل مناطق العراق، ولهذه الأزمات تداعيات كبيرة على الشعب العراقي وتشكل عقبة أساسية أمام مسعى بناء دولة المؤسسات والمواطنة في العراق، الامر الذي زاد من الحاجة للتغير الثوري الحاسم بكل اشكاله والوانة كمتطلب اساسي وكأحد أهم الاساليب المناسبة لمعالجة الصراعات السياسية والعنف والتدهور بكل ابعاده الذي يعانيه العراقيين،منذ ابتلائهم بالاحتلال وذيوله.

ماذا سيحدث في العراق؟
في الاول من تشرين القادم ،سيخرج الى شوارع المدن العراقية ،حشود جماهيرية هائلة،احياءا لذكرى ثورة تشرين التي انطلقت في عام 2019 وماقبلها من الانتفاضات الشعبية،وما قدمه الشعب العراقي من تضحيات وشهداء وجرى خلال عشرين عاما عجافا من احتلال بلده،فالعراقيين اليوم لم يخرجوا ضد التجويع ولقمة الخبز والخدمات،بل خرجوا يسترجعون كرامتهم وانسانيتهم التي تم استباحتها من المحتلين وذيولهم القذرة طيلة عقدين من الزمن، في اجواء ازدادت فيها حيرة المواطن العراقي عن مستقبله المجهول وسط ،كم هائل من المعلومات البالغة الاهمية التي تتناول الحديث عن توقعات متباينة ،ومنها ما يترتب على اعادة النشاط والحيوية لثورته وكأنه يوقد شمعة في نهاية النفق المظلم الذي بات يعيش فيه العراقيين منذ 2003 وكالعادة ستخرج مجموعة الانتهازيين والعملاء ينعقون فيما بينهم بالتحليلات البعيدة عن الواقح والحقيقة و التي تدل على مستوى عمالتهم وضحالتهم ورخص اثمانهم التي باعوبها انفسهم للاحتلال وعملائه،وسيبدؤا يتهمون الثوار وكل معارضيهم الشرفاء بشتى انواع التهم الجاهزة تحت السنتهم القذرة،وهم بذلك تجاهلوا جملة من الحقائق اولها ان العراقيين ماعاد فيهم صبر وقد بلغ السيل الزبى لديهم مما فعلته هذه الطغمة العميلة بهم وببلدهم طيلة قرابة عقدين مظلمين من الزمن ولم امام الشعب العراقي الا ان ينفجر ضدهم ويحقق كامل ثورته الوطنية…ولانهم عملاء غاية في الرخص على نفوسهم القذرة لايستطيعوا ان يعملوا شيئا سليما واحدا لانهم منغمسون طوال حياتهم البائسة في الاخطاء…قبل اكثر من شهرين بدأت عمليات نشر منظمة لسلسلة من البصمات الصوتية لعناوين كثيرة من مجرمي العملية السياسية القذرة وكان من ابرزها مانسب للمجرم القاتل اللص نوري الهالكي،ورغم ان اغلبنا لم يتفاجأ ما تضمنته من عبارات عدائية ضد خصومه،وهجومه عليهم لم ولن يكن من اجل مصلحة العراق وشعبه المظلوم،بل لانهم يتقاتلون على ماتبقى من الكعكة .

حرب التسريبات
ان الاستنتاجات عن التسريبات المنسوبة لمجرم العصر المالكي والطبقة الفاسدة التي تم نشرها، ربما بعثت برسائل الى الشعب المغلوب على امره في العراق،بأن هناك بارقة امل في قرب انهيار العملية السياسية في العراق،سيما وان التسريبات أثارت جدل في العراق، وكذا الحال في وسائل الاتصال المختلف، الا ان هناك تصورات في ضوء تجربة عشرين عام من الاحتلال ان الامريكيين والريطانيين بالتنسيق مع نظام الملالي في طهران ،غير وارد لديهم احداث ألتغيير الذي يتمناه الشعب العراقي لانهم مازالوا مستفيدين من نظام الحكم الذي كريس الطائفية والعنصرية والمحاصصة، كما إن الصراع والتنافس بين جميع أركان الحكم والكتل والأحزاب بكل أطيافهم وقومياتهم في العراق هو صراع مصالح فئوية مادية طائفية والجميع يسعى للبقاء في السلطة أطول فترة ممكنة،كما ان اللاعب الاساسي على الارض هو نظام طهران ، وبالتأكيد هو يتابع بالتفاصيل كل شيئ ولعل اقحامهم بما يقارب عشرة ملايين من اتباعهم وفيهم اعداد كبيرة من العسكر والحرس الثوري وفيلق القدس والاجهزة الاسخبارية ووو ،داخل الحدود العراقية جوا وبرا بدون فيز او تأشيرات وكأنهم يتجولون داخل دويلاتهم،لان العراق مرتكز المشروع الفارسي الصفوي لاعادة الامبراطورية الساسانية التي قوضها الجيش العربي الذي كان غالبيته المطلقة من العراقيين في صدر الاسلام كما انها تستخدمه ورقة مهمة جدا في المفاوضات مع الغرب حول ملفها النووي الذي يبدو انه متعثر حتى كتابة هذه السطور واذا لم يتم الاتفاق بحدود شهر كانون الاول القادم حيث موعد الانتخابات النصفية الامريكية ،فلن يكون هناك اتفاق لاحتمال عودة ترامب والجمهوريين ومن غيرالمتوقع تراجع الملالي ولديههم الخطط البديلة،لذلك ستكون الشهور القليلة القادمة حبلى بالاحداث المهمة للمنطقة بشكل عام وللعراق على وجه التحديد ،مع ملاحظة ان اليوم الاول من تشرين الاول الجاري يشهد اكبر احتجاجات وتظاهرات شعبية يقودها ثوار تشرين،والتي ربما ستترك بصماتها في تأكيد صلابة موقف الشعب العراقي ونضاله المستمر لانهاء العملية السياسية القذرة وتقديم كل من شارك فيها الى عدالة القانون والشعب.

هذه التسريبات (وغيرها القادم الكثير)هي جزء من عمليات التمهيد للتغييرات المرسومة القريبة في العراق،ويبدو انها ستشمل كل الرؤوس العفنة التي عبثت بالعراق واهله ضمن ماسمي بالعملية السياسية سيئة الصيت والمحتوى،وستشكل هذه التسريبات وغيرها مما سينشر الارضية القانونية لمحاكمتهم جميعا عاجلا ام اجلا،ويبدو ان تلك الجهات المخابراتية الكبيرة هي التي خططت لنشرها على اجزاء،لمعرفتها بردود افعال المالكي وبقية عصابات العملية السياسية وكما توقعنا انهم سيفتعلون احداثا تعتم صورة هذه الحقائق وتبعد الانظار عنها كما حدث قبل اسابيع قليلة من صدامات داخل المنطقة الخضراء بين المتصارعين على السلطة.

نظام من ورق

في ظل الازمات المفتعلة المتصاعدة بين جماعة الاطار والتيار الصدري ،وما جاء في التسريبات التي نسبت الى المالكي،سألني احد الاصدقاء عن مصير الدعوى القضائية الموجهة من التيار الصدري ،ممثلا بألقيادي نصار الربيعي ، ضد المالكي،وحقيقة لم امتلك الاجابة علما اني اتصلت بعدد من المتابعين الجيدين المطلعين على اسبارها ولم احصل على جواب…رغم ان الجميع يعلم ان الدعوى رفعت من طرف قوي كالتيار الصدري الا انها على ماظهر واضحا لم تجد طريقا سالكا،الى قاعات المحاكم،فالقضاء للاسف فوق الشديد ،كما يشيعون السياسين انفسهم عنه اصبح قضاءا مسيسا منحازا لهذا الطرف او ذاك،في وقت نعتقد كعراقيين جميعا ان جزء يسير من مبررات هذه الدعوى،لو وجهت لاي مواطن آخر لانهالت على رأسه كل المواد والفقرات القانونية كما ينهال المطر بزوابعه،ولحكم عليه بشتى انواع الحكم،وربما يذهب منسيا مغيبا في معتقلات ،لايعلم بأماكنها وبالاعداد الهائلة القابعين فيها من العراقيين وما يجري فيها من انتهاكات ضد انسانيتهم الا الله وارباب السلطات الفاسدة المجرمة العميلة للاجنبي في العراق المحتل.

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا يوروتايمز

زر الذهاب إلى الأعلى