ليبيا.. ميليشيات بـ”غطاء سياسي” تنتفع من المتاجرة بالمهاجرين
في تصريح له هذا الأسبوع، استخدم نائب وزير الخارجية الإيطالية، ماريو جيرو، مصطلح "الجحيم" للتعبير عن الانتهاكات التي تحدث للمهاجرين غير النظاميين في ليبيا. مصطلح قد يعبّر عن واقع الحال، فمشاهد بيع المهاجرين والإساءة إليهم صارت متعددة في ليبيا، آخرها الفيديو الذي بثته CNN، إذ يُظهر عمليات نخاسة يُشترى فيها مهاجرون ببضعة مئات من الدولارات. في الأسبوع ذاته الذي نُشر فيه الفيديو، دخل 233 مهاجرا مغربيا في إضراب عن الطعام داخل ليبيا، للضغط على سلطات بلدهم كي تنقذهم وتعيدهم إلى وطنهم بعيدًا عن مقر احتجازهم، وردت الحكومة المغربية بأنها سوف تستجيب لنداءات مواطنيها.
شكّلت ليبيا منذ مدة طويلة منفذا لآلاف المهاجرين، القادمين من دولٍ إفريقية عديدة، والراغبين بالوصول إلى ما يرونه فردوسًا أوروبيًا هربًا من الفقر والحرب. لكن دخول الدولة الليبية في حالة من اللا استقرار منذ سقوط نظام القذافي فاقم من توجه المهاجرين غير النظاميين إلى ترابها، مستغلين ضُعف المراقبة الأمنية وتوسع شبكات تهريب البشر. فمن المسؤول عن هذا "الجحيم" الذي جعل المهاجرين في ليبيا مجرّد بضائع تباع وتشترى؟
مأساة بالأرقام والتفاصيل
أرقام مرعبة نشرتها أكثر من هيئة تبيّن أن ليبيا تحوّلت مؤخرًا إلى بؤرة سوداء للهجرة غير النظامية، خاصة في الساحل الغربي المطل على البحر المتوسط. عام 2016، وصل عدد المهاجرين الذين قضوا في سواحل ليبيا إلى 2250 حسب أرقام منظمة الهجرة الدولية. المنظمة ذاتها أعلنت في أبريل/نيسان الماضي، عن وجود أسواق نخاسة في ليبيا يباع فيها المهاجر بما بين 200 و500 دولار لأجل استغلاله في العمل دون مقابل. كما أكدت المنظمة أن مراكز الإيواء في ليبيا توجد تحت سيطرة جماعات مسلحة.
الأمم المتحدة بدورها قالت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إن حوالي 20 ألف مهاجر ولاجئ يوجدون في مراكز احتجاز في صبراتة غرب ليبيا، بينهم ستة آلاف في قبضة مهربي البشر. كما أعلنت خلال سبتمبر/أيلول الماضي أن 77 في المئة من الأطفال والشباب المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا عبر البحر المتوسط عانوا من الاعتداء والاستغلال الجنسي والاتجار بالبشر، جلهم في ليبيا.
وبدورها، قالت منظمة أطباء بلا حدود هذا العام بعد زيارتها سبعة مراكز اعتقال للاجئين في ليبيا إن العنف وسوء المعاملة والابتزاز أبرز ما يميز هذه المراكز. وصرح مدير المنظمة أن المهاجرين غير النظاميين في ليبيا أمام خيارين: إما أن يدفعوا للمهربين لأجل العبور عبر البحر، أو أن يتم بيعهم.
ميليشيات بنفوذ كبير
قوة ميليشيا الدباشي تظهر من خلال لقاءات كانت قد عقدتها مع حكومة الوفاق الوطني هذا العام، حتى تقايض وقف عمليات تهريب البشر بمناصب في الدولة، وفق ما نقله مسؤول من الميليشيا لرويترز. وقد قبلت حكومة الوفاق بالعرض حسب تقارير إعلامية محلية. كما ذكرت صحيفة الغارديان أن إيطاليا قدمت مبالغ كبيرة لأحمد الدباشي حتى يوقف عمليات تهريب البشر، وبالتالي تخفيف العبئ على قواتها البحرية، بيد أن الدباشي نفى بشدة هذا الأمر.
تقرير لصحيفة "العربي الجديد" صدر نهاية أغسطس/آب الماضي، أشار إلى ميليشات أخرى تعمل في تهريب البشر بمناطق غرب ليبيا، واحدة اسمها أبو "مصعب أبو قرين" توجد في منطقة دحمان القريبة من صبراتة. أخرى اسمها " مليشيا محمد البعبيو" تتركز في مصيف تليل السياحي بمدينة صرمان، تتقاسم النفوذ في هذه المنطقة مع مجموعة مسلحة أخرى تحمل اسم "الحسن الدباشي". في نواحي مدينة الزاوية، توجد ميليشيا "محمد القصب" التي ترتبط بجماعات أخرى تؤمن لها الحماية في مناطق جنوب المدينة، فضلًا عن ميليشيا أخرى تراجع نشاطها كثيرًا تعود لشخص ملقب بـ"الكرو" أُعلن مؤخرًا عن مقتله، حسب الصحفية المذكورة,
وكالات