آراء

نزار العوصجي: للتذكير فقط ليس الا ..

من الثوابت المتعارف عليها والمعمول بها في كافة العهود والأزمنة ، إسناد مهمة تمثل المسيحيين قانونياً الى شخصية دينية مرموقة ، تملك حق المطالبة بحقوقهم المشروعة ، كما لها الحق في الاعتراض على القرارات التي تتعارض مع مصالحهم ، وهذا الأمر معمول به منذ الأف السنين عبر التاريخ القديم والحديث في جميع البلدان العربية مثل مصر وسوريا ولبنان وغيرها ، لذا فان المرسوم الجمهوري في العراق ، بمنح لرئيس الطائفة الكلدانية ، كونها الأكثر عدداً..

من الامثلة ذات الصلة والتي لاتغيب عن الذاكرة ، نذكر حادثة حصلت في منتصف الثمانينات ، حين اصدرت وزارة التربية والتعليم قراراً يلزم الطلبة المسيحيين في كافة المراحل الدراسية ، بدراسة وحفظ القرأن الكريم في جميع المدارس دون استثناء ، عندها قام المرحوم البطريرك مار بولص شيخو رحمه الله ، بالذهاب الى القصر الجمهوري لمقابلة السيد رئيس الجمهورية المرحوم صدام حسين رحمه الله ، بسيارة اجرة كونه لايملك سيارة خاصة ، وعند وصوله الى استعلامات القصر الجمهوري تم ابلاغ مكتب الرئيس ، وعلى الفور تم نقله بسيارة خاصة تابعة للديون الى مبنى الرئاسة ، ليجد في استقباله عند المدخل مرافق الرئيس المرحوم صباح مرزا رحمه الله ، ليصطحبه الى داخل القصر لمقابلة الرئيس ، الذي كان بانتظاره في مدخل القاعة ليستقبله بحفاوة بالغة ثم يسأله عن حاجته ، ليجيبه البطريرك ليس لي حاجة خاصة وانما هنالك تجاوز من قبل وزارة التربية والتعليم حيث يجبرون الطلاب المسيحيين على حفظ القرأن الكريم ..
عندها سأله السيد الرئيس ان كان قد اتصل بوزير التربية والتعليم ليبلغه بذلك ، فاجابه البطريرك بانه رجل دين لا يمتلك صلاحية مخاطبة المسؤولين ، عندها قال السيد الرئيس كيف يمكن ان يكون هذا وانت تحمل مرسوماً جمهورياً يخولك بصلاحيات كاملة ، لا يختلف بشيئ عن مرسوم الوزير ، انت بمستواه ان لم تكن اكثر شأناً منه ، فانت بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم ، ثم امر بالاتصال فوراً بالوزير ليبلغه بالغاء قرار الوزارة وسحب الكتب التي وزعت على المدارس ، ثم اضاف لقد ابلغوني بانك جئت بسيارة اجرة ، لماذا ؟ فاجابه البطريرك انا لست تاجراً لكي اشتري سيارة ، فقال له السيد الرئيس ولكنك رجل دولة ومسؤولاً فيها ، فمن الطبيعي ان تخصص لك الدولة سيارة للتنقل واداء المهام ، ثم أمر بتخصيص سيارة حديثة للبطريركية .. انتهى ..

بعد ان استنفذنا كافة الايضاحات ومن جميع النواحي والأتجاهات ، الأخلاقية والقانونية والتأريخية والواقعية ، دون ان نلمس اي مؤشر على حدوث تغيير في موقف جهة اصدار القرار ، لذا اصبح لزاماًً علينا ان نستطلع ماهية الدوافع والجهات التي تقف خلفه ..
حيث لم يعد خافياً على احد ، ان قرار رئيس الجمهورية بسحب المرسوم رقم 147 لسنة 2013 والخاص بتعيين البطريرك مار لويس روفائيل الاول ساكو بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم ، لم يكتب في مكتبه بل قد جيئ به مكتوباً ليوقع عليه صاغراً ، بتأثير من زعمات حشدية ذات توجه ولائي إيراني ، تعمل بالضد من النهج العروبي الرافض لعملية التغيير الديموغرافي في مناطق سهل نينوى ، ذات الاغلبية المسيحية من السكان ، ذلك التغيير الذي تسعى اليه فصائل مسلحة مرتبطة بالحشد ، الى جانب تمكين فصيل مسلح مرتبط بها ، من السيطرة على املاك وعقارات واوقاف الكنيسة ، بعد ان اظهر ولائه وأستعداده لتنفيذ مايوكل اليه من عمليات القتل والنهب والأبتزاز ..
من هنا نستطيع ان نجزم بان القرار ليس تصحيحياً كما يشاع ، بل انه قراراً سياسياً إيرانياً بامتياز ، يحمل في طياته حقداً تجاه جميع القوميات والاديان والمذهب التي تعارض توجهات النظام الإيراني في فرض سيطرته بشتى الوسائل ، كما انه محاولة لطمس حقيقة الأهداف التأمرية على العراق والمنطقة بشكل عام ..

جميع المقالات تعبر عن رأي كتابها ولا تمثل يورو تايمز

زر الذهاب إلى الأعلى