تحقيقات ومقابلات

نور القيسي تحكي قصة تحولها الى رجل .. قصة كاتبة إخترقت مواقع التواصل الاجتماعي بصفة شاب لتكتشف اسراره الدفينة

 
 
 
كيف تحولت الى مصلحة اجتماعية .. وماذا اكتشفت في شخصية شقيقها ؟
 
 
 
* نورة القيسي كاتبة عراقية شابة قررت انتحال شخصية شاب في مواقع التواصل الاجتماعي في مغامرة هدفت من ورائها الغور في أسبار الآخر ومعرفة طريقة تفكيره .. تقول “نورة عن تجربتها مخاطبة القراء : “قبل ان تحكم علي عزيزي القاريء وقبل ان تضعني في خانة العهر تذكر ربما اقرب انسانة لك تخوض الان نفس التجربة”؟!
 
 
 
في عام 2011 مررت بظروف صعبة جداً، خسرت كل شيء دفعة واحدة، وكل الاخطاء التي ارتكبتها قبل هذا التاريخ تجمعت وكأن قد حان وقت دفعها مرة واحدة.. اضعت البوصلة الى نفسي حتى بت لا اعرف قيمتها ولا قدرتها على فعل اي شيء، حاول اقرب اصدقائي انتشالي من وضعي المزري لكن اثر الصدمات المتتالية شلني وافقدني قوتي بالكامل…
في يوم من الايام قفز امامي منشور لصفحة عراقية كانت مواضيعها +18 يرويها شاب، التعليقات كانت عبارة عن قصص تحمل نفس ما مر به هذا الشاب لكن بمواقف مختلفة، شدتني هذه الصفحة جداً نسيت كل شيء كان من المفترض التفكير به للخروج من ازمتي وبدات بالقراءة .. أؤكد لكم قرأت كل كلمة وكل حرف، تعاطفت مع بعضهم واحتقرت اخرين، تمنيت لو انني اشارك لتصحيح بعض الاشياء التي كان يطرحها الشباب ويتخبطون بتفسيرها وايجاد الحلول بسبب عدم قدرة هذا الشاب على مصارحة "الطرف المقابل الانثى" سواء امه او اخته او حتى حبيبته وزوجته.
لذلك قررت إنشاء حساب وهمي بإسم وهمي ووضعت صورة المطرب العراقي الشهير "سعدي الحلي” ك “بروفايل”. ؟!
 
التحول من نور الى سالم ؟!
 
وضعت الصفحة "+18" بالمفضلات وبدات بالتفاعل مع جمهورها وسرد القصص التي لا نجروء على قولها لهم، تصورني الاخرين زير نساء و "ابو سوگ" لذلك كانو يطلبون نصيحتي في كل مرة يسردون لي قصصهم،   بما انني امراة  كنت اعرف كيف انير له عتمة عوالم بنات جنسي وشرحها واقناعه بالمنطق، وبما انهم كانو يبحثون عن من ينصت اليهم ويقنعهم بخياراتهم كنت انصت وتعلمت كثيراً.
شيئا فشيئاً دخلت عالم الرجال، نكاتهم ونوادرهم بذاءة كلامهم وحتى نظرتهم بدات اعرف السبب الذي يؤدي الى النتيجة، حتى تهت بين الشخصيتين فكانت نور احيانا تقفز "لاكاونت سالم، وكان سالم يظهر كثيراً في حياتي اليومية، صدقاً كنت احياناً لا اعرف اي من الشخصيتين انا.
ومن كان يضع الحلول انا نور المراة ام سالم الرجل، كان الشباب يطلبون مني النصح حول علاقتهم كنت ابين لهم الاسباب واضع امامهم اكثر من نتيجة وعليهم  الاختيار فقط.
 
اصبحت صديقة لإخوتي ؟!
 
الجميل بالامر انني تعرفت على اخوتي في هذا العالم الازرق، سمعتهم كصديق له خبرة بالنساء لاني اخترت عمر النبوة "40 عام" عرفت ما يسوئهم، مشاكل علاقاتهم السرية مع النساء، قلة خبرتهم بالوقاية وجهلهم بمعرفة الجسد الانثوي واسراره، وايمانهم بالخرافات التي حيكت حول اجسادنا، كنت اضطر للبقاء ساعات طويلة على الانترنت للبحث والقراءة وسؤال ذوي الخبرة وطلب المشورة لتصحيح معلوماتهم والاخذ بيدهم بامان لمعرفة الجنس الاخر.
حتى اكبر اخوتي وأكثرنا تعنتاً وتعصباً رأيته “مسكيناً” يتخبط بين ما ورثه من عادات وتقاليد، وبين ان يحيا حياته كانسان، كان مرحاً مع الحساب المجهول والصورة المجهولة، يمتلك خزين هائل من القصص الطريفة والمضحكة، حتى انني فهمت مالذي اقترفته يداي وانا استأثر بحب وتدليل امي وابي لي وحدي، اتذكر مرة حين حكي لي عن موقف يخصه لكنه نسبه لشخص اخر بكيت كثيراً للقسوة التي كنت احملها دون علمي، ولما تسببت له من الم دون قصد، اكتشفت انه يحب الفلسفة والتراث وعلم الاجتماع لكنه لا يقوى على كسر سجنه المعنوي الذي ولد وكبر فيه،  لم اصحح الموقف ابداً لم املك الجراة قبل هذه اللحظة لاقول له انني سمعته ونصحته دون ان يدري؟!
كانت هذه اول مرة اكتشف فيها حبي لاكبر اخوتي بهذا العمق لم اكن اعلم قبلها لكثرة خلافاتنا حد القطيعة احياناً .. لم يفهم انني بحاجة للتجربة والاستقلال لاكون ما انا عليه الان امراة قوية تحسن الدفاع عن نفسها، وانا لم اكن اعي ان خوفه بتطرف كان حباً ؟ لكن اخي لا يحسن ترجمة مشاعره ككل الشباب الذين مرو على حسابي الوهمي حين كنت رجلاً…
هذا العالم الافتراضي لا يفصلنا عن بعض هو يمنحنا فرصة لنكون الاشخاص الذين نحلم ان نكون.
حين رايت الصفحة تمنيت لو كنت رجلاً لاشاركهم نكاتهم وضحكاتهم وحتى ماساتهم…
كامراة عشت بفكرة ان الرجل لا يريد من المراة سوى "الجنس" ولم اكن اعرف حتى ان هذا الفعل يكون بدون معنى ويفقد الحاجة اليه دون معرفة شاملة بالاخر، لكن بعد هذه التجربة عزيزي الرجل عرفت انك كائن تحمل ابعاد اخرى غير تمرير جيناتك وتوزيعها، ايقنت جيداً ان جهل احدنا بالاخر هو احد اهم اسباب فشلنا كافراد في بناء مجتمع انساني يحترم احدنا الاخر، صدقني عزيزي المنظومة المجتمعية التي نحيا بها ونتمنى الخلاص منها بسبب عفونتها ماهي الا قوانين وضعها  الطرف الاقوى في اللعبة ليضمن فوزه وبقاء اسمه.
 
هكذا فسروا سر إختفائي ؟
 
الغيت حساب الرجل الذي"كنته انا" بدون سابق انذار، كنت امر على حساب اصدقائي واخوتي الذين فارقتهم اخي لم يستوعب غياب صديقه الوهمي فجأة، فارجع سبب اختفاء "سالم" لاحد مفخخات الايام الدامية التي كانت تعصف ببغداد في ذلك الوقت. ؟!
 
شكراً لكل الرجال الذين مرو على حسابي الوهمي، شكراً لان تجاربهم الكبيرة وحتى اكثرها تفاهة كانت لي زيادة في رصيدي المعرفي، شكرا للشباب البسطاء الذين يخطئون بقواعد اللغة واملائها لانهم كانو لي نافذة رايت من خلالها ما لم اكن اتخيله موجوداً، ولانهم كانو كرماء بالوقت لشرح الطقوس والقصص والاساطير والامثال واسرار السطوح التي لا يجوز الوشي بها.
 
 وشكراً لاخوتي "عمر، علي ، غفران " لانهم افتخرو بي رغم هفواتي…. زملائي  الذين رايت "نور" اخرى بعيونهم غير التي كنت اعرفها ، واصدقائي الذين كانو يدركون مواطن قوتي جيداً لكنهم لم يجرئوا على نصيحتي بازالة ترسبات الخوف عنها… 
سعيدة لانني مررت بهذه التجربة وصدقوني لا انوي تكرارها ؟!  للاسف لم اعد بحاجة اليها بعد الان، لقد اتقنت  اكتشاف اعماق الاخرين  دون الحاجة لاسم مزيف وصورة اكثر الفنانين اثارة للجدل "سعدي الحلي”. ؟
وبهذه المناسبة عزيزي الصديق او المتابع الذي يستغرب معرفتي بكل مايدور حولي حتى اكثر المواضيع بذاءة ، عزيزي لقد عشت رجلاً لفترة طويلة من الزمن..
 
 
 
 
 
يورو تايمز / وكالة الصحافة الاوروبية / الحقوق محفوظة
زر الذهاب إلى الأعلى