تدوينات مختارة

في ثنائية القومية والعقيدة

صفاء صبحي
 
 
فكرة عمر بن الخطاب وخاصة بعد احتلال أورشليم القدس كانت في خلق هوية جديدة للمنطقة متمثلة بـ(الاسلام والعروبة)
دفعت هذه الهوية مئات الآلاف من العجم والعرب غير المسلمين في العراق والشام ومصر وشمال إفريقيا الى التماهي مع العروبة ومع الاسلام حيث تمثل العروبة الاسلام ويمثل الاسلام العروبة.
مشروع الخميني حين جاء في عام 1979 لم يبتعد كثيرا عن هذه الفكرة، حيث  قدم مشروعا (دينيا-قوميا) تكون فيه القومية الفارسية هي الاسلام والإسلام هو القومية الفارسية 
في الأيام الأولى لانقلاب الخميني اصطدم مع المراجع الدينية العربية في الأهواز وقم وعلى رأسهم الشيخ محمد طاهر الخاقاني (توفي في الإقامة الجبرية عام 1986)، الذي عرض على الخميني تبني اللغة العربية كلغة رسمية للبلاد لكن الخميني رفض ذلك رفضا شديدا في نقض واضح وصريح لاتفاق سابق بين الرجلين قبل الانقلاب، وأصر على ان تكون اللغة الفارسية هي لغة البلاد الرسمية  حتى في المناطق ذات الأغلبية العربية. 
فكرة الخميني هي خلق هوية (قومية فارسية إسلامية)، تخدم فيها العقيدة القومية ولا تخدم القومية فيها العقيدة الا بقدر تحقيق مصالح بعيدة المدى.
هذه الهوية الجديدة تم تأصيلها في حرب الثمان سنوات وما تلاها.
الان يتوحد الإيرانيون بكل اطيافهم في التعاطف مع مقتل سليماني لانه ايراني في المقام الأول وليس لانه مسلم. على الرغم من علمهم جميعًا انه مجرم صامت وأياديه ملطخة بدماء آلاف الضحايا في المنطقة وفي ايران أيضا.
الخميني قدم للمنطقة والعالم نسخة الاسلام الفارسي  التي تكون فيها العقيدة خادمًا مطيعًا للقومية.
هذا الامر يعرفه كل ذيول ايران من العرب،  من حسن نصر الله الى المهندس الى مقتدى الصدر واخرون، يعرفونه جيدا واختبروا الغطرسة القومية الإيرانية في اكثر من مرة ومع ذلك حين يتعلق الامر بأخذ موقف اخلاقي تجاه الجرائم (القومية) للنظام الايراني يتم طمس الضمير باستدعاء البعد الديني للنظام واقناع أنفسهم بانهم جزء من عقيدة عالمية وليس جزء من قومية تنبذهم على طول الخط.
زر الذهاب إلى الأعلى