هنا اوروبا

من الإفلات من شبكات الدعارة إلى ارتداء ثوب “ملاك الرحمة”

غادرت نيجيريا صوب أوروبا بمساعدة أحد أصدقاء العائلة، أو هكذا كانت تظنه. الواقع كان الوقوع المحتمل في براثن شبكة دعارة. إحدى الناجيات تروي قصتها، التي يلفها الغموض والصمت، وكلها أمل بأن تصبح ممرضة في ألمانيا.

الرضيعة ذات الأذنين الجميلتين نائمة. تبدو مسالمة وظريفة جداً. تتمتع بالدفء في سترتها الجميلة. "اسمها لونا إيمادي"، تقول أمها بصوتها الهادئ. كانت الأم حامل في شهرها السابع عندما وصلت إلى هنا. وفي السابع عشر من أيلول/سبتمبر رأت لونا نور الحياة. وعندما سألنا الأم عن ولادتها، رمقتني بنظرة تفصح عن عدم رغبتها في الخوض بالأمر. من الصعب تخيل مشاق تربية الأطفال دون أي دعم عائلي في مكان كهذا. غير أن الأم، التي لا يتجاوز عمرها 21 عاماً، تبدو كأم خارقة ولا تبدِ أي نوع من الشكوى. وتقول إن الغرفة التي تتشاركها مع أمين وأطفالهما كبيرة، وهناك من يمد يد العون والمساعدة. وتضيف أن من يلتزم بالقوانين فلن يواجه أي مشاكل.

من وضع سيء إلى مأساة

من دون تلك الإيجابية والقوة ربما لم يكن بمقدور الأم تحمل عناء الرحلة الشاقة من نيجيريا، حيث يعيش حوالي نصف السكان في فقر مدقع، ليحط بها الرحال في هذه المدينة الصغيرة جنوب ألمانيا. على عكس الكثير من الفتيات النيجيريات فقد أنهت تعليمها الثانوي، إلا أن دخول الجامعة كان خارج الحسبان "بسبب وضع والدها المادي". إلا أن الفتاة وضعت أوروبا في مرمى هدفها لإكمال تعليمها الجامعي. 

صمت يلفه الغموض

"اكتشفت في ليبيا أننا وقعت في براثن شبكة دعارة، ولكني قاومت ونفذت بجلدي"، تقول الأم النيجيرية الشابة، لكنها لا تريد الإفصاح عن الطريقة التي تمكنت بها من النجاة من شبكة الدعارة في ليبيا، ولا عن تفاصيل الشبكة وكيف كادت أن تقع فيها. إلا أنها تبدو سعيدة بقرارها ذاك وعزيمتها على تنفيذه. وقد نشرت عدة وسائل إعلام تقارير عن الإيقاع بعشرات الآلاف من اللاجئات من دول الجنوب الصحراء الكبرى للعمل في الدعارة. ومن تفلح منهن في ركوب البحر إلى أوروبا تواجه خطر الموت غرقاً، وينتهي المطاف بالكثير من اللاجئات الأفريقيات في أوروبا كبائعات هوى.

نصف نجاح في إيطاليا

في عام 2017، وصل حوالي 18 ألف امرأة نيجيرية إلى إيطاليا عبر البحر الأبيض المتوسط. وقدرت منظمة الهجرة الدولية أن 80 بالمئة من تلك النساء والأطفال يعملن في الدعارة في أوروبا. وحسب الحكومة الإيطالية تعمل حوالي 30 ألف امرأة نيجيرية في الدعارة في إيطاليا، والكثير منهن لتسديد ديون رحلة اللجوء. أفلتت الأم من شبكات الدعارة وهو المصير الذي وقعت به الكثير من اللاجئات الأفريقيات. في إيطاليا أقامت في مأوى للاجئين وتعلمت اللغة الإيطالية حتى مستوى B2. وخاضت معركة مع البيروقراطية الإدارية لنيل الاعتراف بشهادتها الثانوية: "فشلت كل محاولتي في دخول الجامعة لدراسة التمريض؛ إذ لم يتم الاعتراف بشهاداتي".

  

The kindergarten at Donauwrth anchor center  Credit Hossein KermaniThe kindergarten at Donauwörth anchor center | Credit: Hossein Kermani

ألمانيا.. أرض "الأحلام"

من هنا قررت المجيء إلى ألمانيا، حيث قيل لها إن من يحصل على حق اللجوء يمكنه الحصول على فرصة تدريب وتأهيل مهني على التمريض دون الحاجة لدخول الجامعة: "قررنا أنا وخطيبي شد الرحال صوب ألمانيا".

كانت الأم حامل عندما وصلت بالقطار إلى ميونيخ في جنوب ألمانيا: "بعد السؤال اهتديت إلى مركز تقديم طلبات اللجوء وأخذت الإجراءات مجراها وها أنا هنا اليوم".

أخذت الحياة منحى آخر مع مجيء ولادة لونا. تم إبلاغ المكتب الاتحادي للاجئين والهجرة بأمر الولادة. وبالطبع إذا منحت الأم حق اللجوء فستبقى الطفلة معها. ومن يدري ربما تمنحها الحياة فرصة أيضاً لتحقيق حلمها بأن تصبح ممرضة في ألمانيا.

 

 

 

 

 

ر.خ /infomigrants

زر الذهاب إلى الأعلى