عبد الحميد العماري : اللهم إني صائم
رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان .. ماعاد اليوم كما كان .. تحوّل الشهر الى سباق محموم بين قوى سياسية لا تترك مناسبة إلا وإستثمرتها بما يخدم مصالحها الشفطولغفوية ، وبين رجال دين لاهم لهم سوى إستحصال الخمس والزكاة وما ملكت أيمانهم على حساب سخام ولطام السواد الأعظم من المگاريد .
هذه الممارسة تحولت الى ظاهرة خلال شهر رمضان تحديدا .. تضج بها القنوات الفضائية العراقية لتشكل فرصة .. لنشر غسيل الفقر والعوز عند العراقيين أمام خلق الله .. لكنها فرصة لفضح زيف لصوص المنطقة الغبراء وأصحاب العمائم تجّار الدين !!
فتصوروا أن أحدهم ،، وهو معمم ،، برر الأمر أستنادا الى قول الأمام الصادق (عليه السلام) : من تصدق في شهر رمضان بصدقة ..صرف الله عنه بسبعين نوعا من البلاء ) .. بما في ذلك خمط قوت الفقراء .. حسبما يعتقد هذا الفطحل !
وإذا كان الأمر كذلك .. فلا نعتقد أن بلاء الفساد المالي والأداري والأخلاقي يندرج في قائمة الـ ( سبعين ) المشار إليها ، وإلا ما قيمة الحساب يوم يقوم الحساب ؟
هؤلاء الذين إستساغوا الحرام على مدار العام .. لم يدر بخلدهم أن الأكتناز على قفا الفقراء والمشردين جريمة عقوبتها أشد وأدهى في الدنيا .. وحفلة شواء أرواحهم على أنغام نشيد جهنم وهي تقول .. هل من مزيد .. في الآخرة ؟! سيّما أصحاب العمائم ممن جهروا علمهم بأمور الدين والدنيا ، والشريعة والتقوى ، وتحولوا من ناصحين محذرين خلق الله من إرتكاب المعاصي وما شابهها .. الى طامسين في وحل الرذيلة وأكل السحت الحرام .. هذا الى جانب تنافسهم على الذهاب بعيدا عن الله .
أما الطبقة السياسية الحاكمة المتحكمة .. فقد إعتدنا رؤية وجوههم الكالحة في رمضان وهم يحاولون عرض عضلاتهم بطريقة تبعث على السخرية والأشمئزاز ، ومحاولة إستدرار وإستمالة تأييد البسطاء من العراقيين لهم ، مع أن الصغير قبل الكبير بات يبصق عليهم أينما حلّوا .. شعارهم ..( الفرهود يصنع البرلمان ).. على وفق طريقة فرهود بيت ابو سعود .. وأبو سعود هذا رجل متزوج من أربع نساء ولديه 13 ولدا ، يعيشون جميعهم في منطقة التنومة على الحدود مع إيران من جهة البصرة .. عقب إنتهاء الحرب مع ايران ومن ثم حرب الخليج المتعلقة بالكويت ، وقيام الأنتفاضة عام 1991.. هب أبو سعود وفريقه لمصادرة كل ما يتعلق بالجيش ، حتى الخشب والخردة والأسلاك الشائكة لم تسلم منه فصار مثالا للفرهود العام !!
ميزة رمضان هذا العام أنه يسبق الأنتخابات البرلمانية ومجالس المحافظات .. وهنا صار لزاما على هؤلاء الثلّة زيادة نسبة بهارات التودد والتملّق أمام عدسات الكاميرات .. تحت يافطة الورع والتقوى والزهد وهلم جرا ..
لذا فإن المنطق والعقل ، إذا بقي لدى عباد الله عقل ، يقول أن علينا جميعا تقع مسؤولية عدم تكرار ذات الخطأ، والأمتناع عن إعادة إنتخاب نفس الوجوه المزنجرة هذه التي خبرناها منذ العام 2003 ولحد الآن، فيما ينبغي كنسهم شلع قلع بالتعاون مع منطقة الفناهرة في بغداد، والتي تشتهر بصناعة المكانيس اليدوية في عزّ الصيف اللاهب .. وإلا لن تقوم للعراق قائمة مع إعادة إنتاج سكراب العملية السياسية الحالية .. أللهم إني صائم !
* كاتب صحفي عراقي