آراء

عبد الحميد العماري : بطة

ضجّت وسائل الأعلام العراقية والعربية والأجنبية ،، فضلا عن مواقع التواصل ألأجتماعي،، بخبر مقتل الفنان الشاب كرار نوشي على أيدي مجموعة مسلحة ..
 
يقول البعض أنها تابعة لجهة سياسية متنفذة .. بينما يعزو البعض الآخر مقتله لأسباب أخلاقية .. ثم ما لبث أن صار الجميع يشجب ويستنكر كما جرت عليها العادة في كل فاجعة بمقتل أو غيره ، ولا أدري لم كل هذه الضجة ؟ وما الجديد في مقتل شاب لسبب تافه أو مجهول في أغلب الأحيان ؟ ماذا ننتظر من ثلة معممين جهلة يتمنطقون من على المنابر وهم يخاطبون البسطاء من عباد الله والتحريض على القتل تارة ؟ والطائفية تارة أخرى؟ هذه الأسئلة وغيرها تتبادر الى الذهن كلما ننظر الى المشهد العراقي في مجمل تداعياته .. الأمنية والسياسية والأقتصادية والفنية والثقافية والأجتماعية . الكثير من الوجوه الذي نراها من على المنابر اليوم ..لم نألفها من قبل، وهم يسعون لتصدير الوهم والجهل لشباب لعلهم ثقفوا على تصديق المعمم وإن كذب ، فلا يسمح للشباب حتى مجرد التفكير ما إذا كان ما يطرحه المعمم يندرج في إطار المنطقي أم لا ! وقد نقل لي أحد الأصدقاء ذات يوم ، أن رجلا يرتدي عمامة سوداء .. وقف على منصة مرتفعة قليلا عن الأرض ، وقال : أيها الناس أكثروا من إرتكاب المعاصي والرذائل في قريبكم قبل بعيدكم إن كنتم تريدون التعجيل في ظهور إمام زمانكم .. لن تملأ الأرض عدلا وقسطا إلا بظهوره ، ولن يظهر إلا بإرتكاب المعاصي والرذائل !!!!!! هل يعقل أن نجد في عالمنا اليوم من يصدق هذا الكلام ؟ هل عوقب أو حوسب هذا المدعي الكذاب بإسم الدين ؟ الجواب لا !! لعل البعض من رجال الدين الذين ينحدرون من قوى سياسية مؤثرة بقوة المال والسلاح في الساحة العراقية، صار شغلهم الشاغل ، أو أنيطت بهم مهمة تسطيح عقول الشباب ، وجعلها تتأثر بخطاب يرتدي ثوب الدين في ظاهره ، بينما هو مسعى يبقيهم تحت تأثير مخدر التبعية ضمن سياسة التابع والمتبوع لأهداف سياسية ليس إلا .. هذه التحركات صارت علنية ، وتقودها أحزاب الأسلام السياسي .. بعد أن رصدت لها أمول طائلة من جيوب الفقراء والمحتاجين .. وسط غياب الرقابة الدينية المتمثلة بالمرجعية الدينية في النجف ألأشرف ، والحكومية المتمثلة بالمؤسسات الحكومية الدينية ، وبالتالي يسود المشهد العراقي الهرج والمرج ، فيصبح كل ما هو مختلف عن واقع هذا المشهد ينبغي أن يزال .. والقتل أسرع طرق الأزالة من الوجود كليا ، وإن الجمال .. الملبس.. الشكل.. اللون.. صار مشروعا للقتل ، وكأن الحياة فرضت على العراقيين لأن تكون بلون واحد .. أسود حالك.. فصار لزاما على كرار نوشي أن يقتل . إنه عصر الأنحطاط ياسادة حينما يغيب الرقيب والوازع الديني والأخلاقي ، ويصبح رجل الدين هو ألآمر الناهي فوق القانون،فيركب الموجة كل الجهلة واللصوص والمرتشين، والنتيجة نصحو يوميا على خبر قتل هنا أو هناك.. إننا نعيش ياسادة عصر التجهيل والتطبيل والتهليل .. التهميش والتحشيش والتفليش .. التطيين والتطبير والتسطيح .. رحم الله شاعر كونفوشيوس حينما قال : بطّتنا بطّت بطن بطتكم .. تگدر بطتكم تبطّ بطن بطتّنا .. مثل ما بطتّنا بطّت بطن بطتكم ؟
 
 
* كاتب صحفي / السويد
زر الذهاب إلى الأعلى