آراء

د. حسن السوداني : نحن والعنصريون وخط التالوك

قلق واضح يلف الأحزاب السويدية العريقة والتي وجدت نفسها محاصرة بصعود متنامي للحزب العنصري دون سابق إنذار فاستطلاعات الراي تمنح العنصريون المزيد من النقاط وباتت ساعة بيانات الفوز والخسارة تعلن باستمرار ان هؤلاء يحرزون المزيد من الاهداف!

والسؤال الذي يردده الجميع هو : مال العمل؟

عندما تدخل بحوار مع سياسيين سويديين من احزاب المودرات او السوسيال ديمقراط او البيئة تجدان ملامح الخوف  واضحة وهم يعللون التقدم المضطرد لمساندة احزابهم(المزعومة) الأجانب!! غير ان هؤلاء الأجانب غالبا ما يعكسون صورا تمنح المزيد للعنصرين من احراز الاهداف في سلة احزابهم!!(هكذا يرون) وهذا الراي هو احدى الشماعات التي يعلقون بها فشلهم في الحد من تنامي ظاهرة العنصريين في اغلب مناح المجتمع وتعالوا ذكركم بان وسائل الاعلام مازالت هي من تمنح العنصريين طريق تمرير الكرات الناجحة !! وتعالوا ذكركم بالفضيحة التي أطلقها المذيع السويدي فريدريك آهيل والمقدم منذ سنوات نشرات الأخبار المسائية في القناة السويدية الشهيرة، SVT TV التي تهتم بالأخبار الخاصة باللاجئين، فضلاً عن الأخبار المحلية الأخرى والتي وصف فيها السويديون من أصول أجنبية (بمهندسي الكباب او تقنيو الكباب ) والذي لاقى استهجانا كبيرا في وسائل التواصل الاجتماعي وحتما لاقى ارتياحا لدى جمهور الحزب العنصري.
وأذكركم أيضا بالضجة التي أحدثها مقال الناشطة في الحزب الاشتراكي الديمقراطي سومر النهر، في المسائية السويدية الأفتونبلادت والذي انتقدت فيه نظام اللجوء في السويد بالقول"كان من الأحرى تقديم اعتذار لمن تسلموا اليوم شهادات الجنسية بدل الاحتفال بهم، لأن الحصول على الإقامة في السويد هي عملية فيها الكثير من الإذلال والمهانة”. والذي قوبل بردود انفعالية كبيرة من بعض السياسيين السويديين كان من ابرزهم توبياس بيلستروم النائب الأول لرئيس البرلمان الحالي، ووزير الهجرة في الحكومة السابقة مخاطبا سومر النهر بالقول" عليك أن تكوني شاكرة للسويد".

 وتظهر هذه الحوادث  ان ما يدور في الكواليس من صراع بين السويديين من أصول مهاجرة وبين أبناء البلاد الأصليين أصبح ظاهرا للعيان لا يعيقه جهل المهاجرين بحقوقهم التي ضمنها الدستور السويدي والقاضي بعدم وجود فوارق على أساس أي معيار غير معيار بناء هذا البلد الذي وفر الحياة والرخاء للجميع دون النظر إلى خلفياتهم الدينية أو العرقية, وان النقد الذي وجهته سومر النهر لم يكن موجها للسويد الدولة بل لسياسات الهجرة ومعايرها وطرق تنفيذها وهو انتقاد مشروع وحق كفله لها الدستور لا يستدعي ردها بهذه الطريقة العنصرية الفجة من قبل توبياس بيلستروم وبدلا من ان يوجه كلماته البائسة تلك كان الأجدر به أن يوجه لها التحية ويرفع القبعة لها ويعتذر عن ما يحمله من عنصرية بغيضة, وإذا كان توبياس قد حصد بعض المساندة من أمثاله العنصريين فان سومر قد أطلقت إنذارا مدويا يحمل صرخة تقول:- بان المهاجرين في السويد هم سويديون قبل بذلك توبياس ام لم يقبل!

 

 كاتب واكاديمي مقيم في السويد

زر الذهاب إلى الأعلى