آراء

د. حسن السوداني : لطم الرؤوس في مونديال الروس

اذا كان المتنبي شغل دنيا العرب واناسهم بشعره لدهور فان العرب اليوم قد شغلتهم مباريات مونديال كاس العالم وباتت اهم من كل مشكلاتهم المستعصية وبلادهم المممزقة وساستهم الأفاقين !!
وبين التهيؤ اللا مسبوق للدول العربية التي ترشحت فرقها للنهائيات في موسكو وبين الدول العربية التي ترى بتلك الفرق طوَّق نجاة مؤقت من همومها اليومية، استعد الجميع ليوم الافتتاح الذي جعلنا نلطم الرؤوس مع كل هدف يسجله الروس ومع كل خطأ يرتكبه الفريق السعودي الذي تحول الى كبش فداء الافتتاح وبات الخوف من المباريات القادمة يزداد ويزداد وانت تتابع كيف تعلن الدقائق الاخيرة سقوط المصريين والمغاربة والتوانسة وكأننا امام سيناريو مرعب يطفئ ما تبقى من حماسة او اعصاب فيها بعض رمق!!
الفيلم المرعب انتهت اغلب مقاطعه وبتنا كمن يرقص مذبوحا من الالم وأبدلنا احلامنا بالفوز بامنياتنا ان تكون الخسارة باقل عدد من الأهداف وأقل عدد من الضحكات الشامتة من عموم المشاهدين بإرجاء المعمورة وهو يكركرون على لاعبينا الاشاوس الذين لا يستطيعون تمرير باص صحيح كبقية خلق الله ممن يلعبون الكرة!!
غير ان هذه النتائج تكشف لنا بصراحة ووضوح شديد عن قدراتنا وتفكيرنا وتخطيطنا وكذبنا ومبالغاتنا وصلافتنا بالباطل ومجافاتنا للحق ونصرتنا للظالم وخذلانا للمظلوم وتصفيقا للكاذب وردعنا للواضح والصريح وتأمرنا على النزيه ومساندتنا للفاسد وتقديسنا للدمى التي نصنعها بايدينا وتركنا لله الواضح الواحد الأحد !!! بكل بساطة هذه هي الحقيقة !!
مؤسساتنا التربوية هزيلة ودوائرها الاقتصادية مدانة وأحوالنا الاجتماعية لا نحسد عليها اما امورنا الدينية فنشرعن السرقة بحجة (السبع الذي يعيبي بالسلة رقي ) والسارق ( زلمة ليل وأخو خيته) والسبية متاحة للجميع والفن حرام والغناء مصيبة والرسم كفر وتوم جيري لايجوز مشاهدتهم وتقديم الورد للمرضى عادة صليبية وووووو كاس العالم في روسيا رفع الغطاء عن أطنان الذباب المخبوءة في دواخلنا وليكشف عنا غطاء الحقيقة التي تصدمنا بالقول : يا أنتم السادرون في الغياب والغارقون في النسيان لا امل لكم اذا لم تستفيقوا وتفكروا كبقية خلق الله ان الإنجازات تتحق بالصبر والتخطيط والمثابرة وحب الاوطان وإعطاء الخبز لخبازته وليس بالتمنيات والشعارات الجوفاء!!!
 
 
 
كاتب وأكاديمي عراقي / سويدي
زر الذهاب إلى الأعلى