عبد الحميد العماري : GPS الجنّة عبر ستوكهولم
أقدم إرهابي يبلغ من العمر( 39) عاما ، كان أن قدم من أوزبكستان، على قيادة شاحنة مسروقة بسرعة جنونية لم تألفها شوارع العاصمة السويدية ستوكهولم .. سيما مركز المدينة .. راح ضحية ذلك أربعة أشخاص الى جانب إصابة 15 شخصا كانوا في الطريق المزدحم ، وبغض النظر عن الدوافع التي ربما يسوقها الأرهابي ومن يقف خلفه إزاء الفعل الجبان.. لأنها ببساطة ليست أكثر من كونها حماقة وجريمة قتل مع سابق إصرار وترصّد ونتائجها سودة مصخمة بوجه راعيها، فأنه قدم الى هذا البلد الآمن منذ بضع سنوات طلبا للعيش الرغيد في بلد ، يعشق الحياة والجمال والسلام أسمه السويد .
الأسئلة التي تتبادر الى الذهن في هذه اللحظة .. ما الذي دفعه لأرتكاب جريمة القتل هذه ؟ هل بدافع الأنتقام ؟ أم لأسباب عقائدية ؟ ما ذنب الأبرياء الذين خسروا حياتهم ؟ هل كان يبحث عن أقصر الطرق للقاء الحوريات ؟ ولو ناقشنا الأمر بهدوء وروية عبر تساؤلات ، قد نصل الى لب الموضوع .. لو كان الأمر بدافع الأنتقام .. ترى ممن ؟ هل الذين قتلوا أو دهسوا يملكون سلّم الجنة مثلا ؟ أو ربما أعتقد الأوزبكي أن خلل ما في الـ ( GPS ) على طريق الجنة قاده الى وسط الزحام ، فوقع المحظور على وفق طريقة ( بيك وبالنگّر ) !
وفي حال أن أسبابه عقائدية .. هل من العقائد ( لجميع الأديان ) في شيء قتل الأبرياء بلا موجب ؟ أي عقيدة هذه التي تجيز القتل بدم بارد ؟ أما إذا كان يبحث عن لقاء الحوريات .. فقد نقل عن الأمام علي بن أبي طالب ،، عليه السلام ،، قوله : ( ثلاث يزدن في قوة البصر: النظر إلى الخضرة، وإلى الماء الجاري، وإلى الوجه الحسن) .. ثم صار الأمر حديث الناس عندما يقترن بمعنى الحياة بما نصه : الماء والخضراء والوجه الحسن .. بالله عليكم .. هل هناك خضرة أجمل منها في السويد ؟ ألم يمنح الله مساحات واسعة من المياه للسويد ؟ أما الحديث عن الوجه الحسن هنا .. فهو ذو شجون .. لطالما إذا ذكر الجمال ذكرت السويد ، وما أكثر الشقراوات الممشوقات القوام هنا ، وفي مشهد أقرب الى الحوريات منه الى لوحات خيالية تمشي على الأرض .. كما يقول المثل العراقي الدارج ( يحلّن من حبل المشنقة ).. لعلّه يعتقد أنهن يقفن خلف إزدياد ثقب الأوزون!! ترى أي حظ عاثر لهذا الأوزبكي دفعه لأن يصاب بعمى الألوان ؟
أعتقد جازما أن الأمر لايتعلق بكل ماذكر ، بل هي سياسة ممنهجة تجري بتخطيط عالي المستوى لعصابات أجرامية منظمة ،تسعى لأغتنام فرصة هنا وأخرى هناك ، والقيام بعمليات إرهابية بائسة ، تسهم في الأساءة الى الأسلام كدين سلام ومحبة ، وتحاول إصطياد الأغبياء والجهلة والتأثير عليهم لتنفيذ جرائمها .. لكن الحياة أكبر من أن توضع في هذا الهامش الصغير ، وأجمل من أن توصف بمنظر الدم .. شاء القتلة أم لا .. بدليل مشهد الزهور الذي زين المكان حتى الآن .
* كاتب صحفي عراقي / السويد