كشف المستور

فايننشال تايمز: فنلندا مستعدة لحرب مع روسيا

تناول ريتشارد ميلني في صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، استعدادات فنلندا لمواجهة احتمالات نشوب حربٍ مع روسيا، قائلاً إنه إذا ما تحققت أسوأ المخاوف في أوروبا وامتد النزاع الأوكراني عبر القارة إلى جيران آخرين لروسيا، فإن فنلندا جاهزة للتصدي.
ولفت إلى أن فنلندا تملك امدادات، وتخزّن ما يكفيها لستة أشهر من الوقود الأساسي والحبوب في مستودعات إستراتيجية، بينما شركات الأدوية ملزمة أن يكون لديها من المخزون المستورد ما يكفي لمدة تتراوح بين ثلاثة وعشرة أشهر.

ولدى فنلندا دفاعات مدنية. وكل المباني فوق إرتفاعات معينة ملزمة بأن يكون لديها ملاجئ للحماية من القنابل، بينما بامكان بقية السكان أن يستخدموا مواقف السيارات تحت الأرض، وحلبات التزلج على الجليد، وبرك السباحة، كمراكز إيواء.

وتملك فنلندا مقاتليها الخاصين بها. وثلث السكان البالغين في هذا البلد هم جنود احتياط، مما يعني أن فنلندا قادرة على أن تجمع واحداً من أكبر الجيوش بالنسبة إلى عدد سكانها في أوروبا.

وتقول وزيرة شؤون الإتحاد الأوروبي الفنلندية تيتي توبيورانين :”لقد أعددنا مجتمعنا، وتدربنا لمثل هذا الوضع منذ الحرب العالمية الثانية”. وأضافت أنه بعد العيش في ظل الاتحاد السوفياتي لثمانية عقود والآن في ظل روسيا، فإن الحرب في أوروبا “لم تفاجئنا”.

لكن ما تسميه فنلندا بإستراتيجيتها “للأمن الشامل”، تقدم مثالاً لما يمكن للدول أن تقيمه من أنظمة صارمة ومجتمعية شاملة، لحماية نفسها مسبقاً، ليس فقط من غزوات محتملة، وإنما أيضاً من كوارث طبيعية أو هجمات سيبرانية أو أوبئة.

وهذا لا يتعلق فقط بالإستعدادات العسكرية. وإنما يتصل بما سماه الخبير الأمني في المعهد الفنلندي للشؤون الدولية شارلي سالونيوس-باسترناك، ضمان استمرار العمل بالقوانين والقواعد في أوقات الأزمات.

الاستعداد للأسوأ
وقد أسست فنلندا شبكات غير رسمية بين النخب السياسية ورجال الأعمال والمنظمات غير الحكومية العالمية، من أجل الاستعداد للأسوأ. وهي تنظر دوماً إلى حيث نقاط الضعف، وتحاول تصحيحها قدر الإمكان قبل حدوث الأزمات.

وأضاف أن الحرب في أوكرانيا كشفت مدى الخطر المحدق بفنلندا، مع حدود بطول 1340 كيلومتراً مع روسيا. ويناقش القادة الفنلنديون إمكان الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، في الوقت الذي تقوم الدول في أنحاء أوروبا بتقويم مستويات التعاون والدفاع والأمن. وللمرة الأولى في التاريخ، تدعم غالبية من الفنلنديين الإنضمام إلى عضوية الأطلسي.

لكن هذا البلد الذي يعد 5.5 ملايين نسمة يرى أيضاً ضرورة ملحة لتحديث استراتيجيته الوطنية.
ويقول المدير العام للسياسة الدفاعية في وزارة الدفاع الفنلندية ياني كوسيلا: “نظراً إلى موقعنا الإستراتيجي، وحجم أراضينا الشاسعة وتوزع السكان، يتعين علينا فعل كل شيء للدفاع عن البلاد…نجري تدريبات منتظمة للتأكد من أن كل شخص يعرف ما عليه فعله-من صنع القرار السياسي، إلى ما يجب أن تفعله البنوك والكنائس والصناعات ودور وسائل الإعلام”.

الحرب مع موسكو

وينبع معظم الإستعداد الفنلندي من الحرب التي خاضتها البلاد مع موسكو، والذي يعتبر غزو أوكرانيا الآن صدى لها. ففي عامي 1939-1940، قاتل الفنلنديون بضراوة لصد الإتحاد السوفياتي، لكنهم خسروا مساحات واسعة من أراضيهم نتيجة لذلك، وبينها مدينتهم العالمية فيبورغ، وإحدى مناطقهم الصناعية الأساسية. وبعد إعادة الإعمار عقب النزاع، تعهد الفنلنديون ألا يحصل ذلك مجدداً.

ويبلغ عدد القوات الفنلندية في أوقات الحرب 280 ألفاً بينما يصل عديد قوات الإحتياط المدربة إلى 900ألف. وواصلت فنلندا التجنيد الإلزامي للشبان المتخرجين من الجامعات حتى بعد إنتهاء الحرب الباردة، حيث كانت دول أوروبية عديدة قد توقفت عن ذلك، وإستمرت هلسنكي في إنفاق موازنة دفاعية مهمة حتى بعد أن أجرت دول أخرى اقتطاعات على موازناتها الدفاعية في التسعينات وفي العقد الأول من الألفية الثالثة.    

24

زر الذهاب إلى الأعلى