آراء

عبد الحميد العماري : فضائيات

تجاوز عدد القنوات الفضائية العراقية حاجز الـ ( 70 ) قناة ، وما يربو على (15) قناة تلفزيونية محلية .. جميعها تتزاحم على مدار الساعة في برامج لا تختلف عن غيرها لاشكلا ولامضمونا ، بل فيها الكثير من الأسفاف والسطحية والأبتذال ما يدعو للغرابة ، وهي بذلك تسعى جاهدة لأدامة بثها بأي شكل ، وكأن الهدف هنا دوران الساقية حتى في حالة الجفاف . 

 الغريب أن البعض من هذه القنوات صار يستجدي المواد التلفزيونية من هذا الكاتب أو ذاك على وفق طريقة ( حشو المصران ) ! وهناك من يستخدم أسلوب الأسفاف في نوعية البرامج ، فتصور أن قناة فضائية خصصت وقتا تجاوز النصف ساعة في برنامج صباحي لمناقشة حيثيات وأسباب ومسببات أغنية ( بيت گطيو ) ! وأخرى بحّوشت في تأثير الخرّيط على العلاقات الزوجية لبناء عائلة نموذجية دعامتها فياغرا طبيعية ! وثالثة كلّفت مراسلها بأن يضرب قدما بين البسطاء من خلق الله ، حاملا في جعبته سؤال نصه : هل يؤثر ثقب الأوزون على زراعة التبوغ في العالم ما يقلل من إستيراد السجائر مستقبلا ؟! ورابعة طرحت أهمية التختّم في تعضيد ومناصرة أهل البيت ( ع ) ! وخامسة قدمت لنا شرحا وافيا عن أكتشاف الستوتة، والأسباب الكامنة وراء إنتشارها ،وتأثيرها الأيجابي على المناخ وصناعة السيارات في العالم !! وسادسة وسابعة وثامنة .. وهلم جرا !!

أما الأخطاء اللغوية .. حدّث ولا حرج .. مذيعون ومذيعات لايفرّقون بين الفاعل ّ ونائبه ، أحدهم دحض القاعدة اللغوية التي تقول أن الصفة تتبع الموصوف ليصرّ على العكس ! وبأسلوب كونشيفوتي صار الموصوف بدمه ولحمه وشحمه يتبع الصفة الى عتبة منزل المفعول به .. الكائن في حي الأفعال الناقصة ! هذا الى جانب غياب الثقافة العامة التي يجب أن يتمتع بها الأعلامي ، وليس أدلّ من مهزلة موفد قناة العراقية الى إيران صحبة رئيس الوزراء السابق حينما قال على الهواء مباشرة : ( الجميع يعرف أن ايران بلد أوربي يقع في وسط أوربا ……….) !!

ياجماعة الخير .. ما هكذا تساق القنوات الفضائية ، ينبغي إحترام عقولنا على أقل تقدير ، شريطة ألأبتعاد عن سياسة التسطيح هذه المنتهجة عن قصد وبدونه ، وأن القنوات الأعلامية أكبر من أن تكون دكاكين في سوق مريدي ، أو چنابر تفترش أرض الشورجة تعرض كلشي اللي چان ، كما لا ندري سببا واحدا يجعل هيئة الأعلام والأتصالات تقف متفرجة على شواطئ دجلة الخير في بلاد مابين القهرين ؟! لنا الله نحن المگاريد .

كاتب صحفي / السويد  

 

زر الذهاب إلى الأعلى